الشيخ أحمد علي تركي يكتب: يَوْمِ عَرَفَةَ

من الأيام العظيمة المباركة يوم عرفة الذي نستقبله بعد أيامٍ قليلة ، ويوم عرفة سمي بيوم عرفة ؛ لتعارف آدم وحواء عليهما السلام فيه بعدما أُهبطا إلى الأرض .

وقيل:

لمعرفة إبراهيم عليه السلام أن رؤياه بذبح ولده إسماعيل عليه السلام إنما هي وحيٌ من الله عزّ وجلّ .

وقيل:

عرفة مشتقٌة من العرف أي: الرائحة الطيبة، وهذا مقابلة لمنطقة منى التي تنبعث منها الروائح الكريهة بسبب الذبائح .

وقيل:

سمي بيوم عرفة لمعرفة الذنوب والإقرار بها وطلب غفرانها في هذا اليوم .

ويوم عرفة الذي نتحدث عنه يتمتع بمكانة عالية ومنزلة سامية في شريعتنا الإسلامية الغراء فى يوم عرفة هو :

يوم يومٌ عظيم مبارك يومٌ أكمل الله فيه الدين وأتمّ علينا فيه النعمة .

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال له:

يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا.

قال: أي آية ؟

قال:

{اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}

سورة المائدة

فقال سيدنا عمر رضي الله عنه :

قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ .

رواه البخاري

يوم عرفة:

هو يوم غفران الذنوب وستر العيوب يوم مباهاة الملائكة بالعبّاد لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ فَيُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ:

انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ .

مسند أبي يعلى

يوم عرفة:

هو يوم العتق من النيران وذلك لكثرة المغفرة والتجاوز عن الذنوب وستر العيوب .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ :

مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ .

رواه مسلم

يوم عرفة:

هو يوم إجابة الدعاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي:

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

رواه الترمذي

يوم عرفة:

هو يوم إغاظة الشيطان الأكبر وإرضاء الرحمن وذلك لكثرة التائبين وعودة المذنبين وتعبد المتعبدين بالإضافة إلى ما عليه أصحاب الموقف .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا مِمَّا يَرَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللهِ عَنِ الذُّنُوبِ إِلَّا مَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ .

شعب الإيمان

يوم عرفة:

يوم أقسم الله به في موضعين من القرآن الكريم ، والله عزّ وجلّ لا يقسم إلا بالأشياء جليلة القدر عظيمة النفع .

فقال تعالى :

{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}

سورة البروج

قال صلى الله عليه وسلم :

اليَوْمُ المَوْعُودُ يَوْمُ القِيَامَةِ وَاليَوْمُ المَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الجُمُعَةِ .

رواه الترمذي

وقال تعالى :

{وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ}

سورة الفجر

قال نبينا صلى الله عليه وسلم :

الْعَشْرَ عَشْرُ الْأَضْحَى وَالْوَتْرَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّفْعَ يَوْمُ النَّحْرِ .

شعب الإيمان

يوم عرفة:

هو يوم الحج الأعظم والوقوف فيه هو ركن الحج الأكبر لقوله صلى الله عليه وسلم :

الْحَجُّ عَرَفَةُ

سنن النسائي

لأجل هذه المناقب والخصائص حثّنا النبي صلى الله عليه وسلم على صيام يوم عرفة وأخبر أنه يكفر سنتين من الذنوب الصغائر المتعلقة بحق الله عزّ وجلّ يكفر سنة قبله وسنة بعده .

فقال صلى الله عليه وسلم :

صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ .

رواه مسلم

فصيام يوم عرفة جاء شكرًا لله عزّ وجلّ على تلك النعم في هذا اليوم المبارك، جاء تخليدًا لذكرى إكمال الدين وإتمام النعمة، كما خلدت ذكرى نزول الكتب السماوية في شهر رمضان بصيامه.