جريدة الديار
الخميس 9 مايو 2024 04:53 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نميرة نجم: لابد من حماية التراث الثقافي في القدس الشرقية

قالت السفيرة نميرة نجم مدير المرصد الإفريقي للهجرة بمنظمة الاتحاد الإفريقي إن حماية التراث الثقافي في مناطق النزاع المسلح تتطلب اهتمامنا، فقد رأينا ما حدث في أفغانستان مع تماثيل بوذا في باميان وما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتهديدات الإسرائيلية التي يتعرض لها التراث الثقافي في القدس الشرقية المقدسة لدى الجميع، فنحن بحاجة ماسة إلى تحديد ما يحدث من خطأ من أجل ضمان حماية هذا التراث، فقضية التراث الثقافي قديمة قدم الإنسانية، إلا أن هناك العديد من الثغرات في القوانين التي تتناول حماية التراث الثقافي واستعادته والتي تتطلب اهتمامنا جاء ذلك أثناء كلمتها أمس بعنوان "في المستقبل التراث الثقافي في وبينيار حلقة النقاش جمعية القانون الدولي الفرنسية حول موضوع التراث الثقافي.

وأضافت السفيرة، في كلمتها أنها لا ترى قيمة في هذه المرحلة للإتفاق على تعريف عالمي للتراث الثقافي ولا لمحاولة التفاوض على صك جديد ملزم قانونا ومع ذلك، أرى قيمة مضافة في تنفيذ ما لدينا وكذلك إعتماد المبادئ التوجيهية والقرارات والنموذج قوانين من الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو اليونسكو، أو منظمات أخرى، أو مسودة قواعد من لجنة القانون الدولي لتعتمدها الجمعية العامة للأمم المتحدة مثل القواعد المتعلقة بمسؤولية الدولة، وقد تحدث البعض عن المبادرات المتعلقة بالرد، وهذا أمر جيد وجيد، ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل، وعلينا كمحامين أن نحاول فرز جزء من هذه التفاصيل لتسهيل إعادة التراث الثقافي إلى أصله والنص عليه.

وأكدت نجم، من المناسب رفع مستوى الوعي بالآليات القائمة لمساعدة الدول قانونيًا في الدعوة إلى إستعادة تراثها الثقافي، وكذلك تقنيًا من خلال تدريب خبرائها على تحديد أصالة القطع التي قد تكون تم تكرارها ، علاوة على ذلك، فإن العلاقة بين الهجرة وتغير المناخ والتراث الثقافي تتطلب المزيد من البحث والقواعد الممكنة لتوجيه الحفاظ على التراث الثقافي للمهاجرين.

وشددت نجم، انه و نحن ندخل في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف كوب ٢٨، لن أفوّت الإشارة إلى التحديات التي نواجهها فيما يتعلق بتأثيرات تغير المناخ على التراث الثقافي، فضلاً عن الصراعات التي نشهدها باستمرار في القارة وفي إفريقيا، وفي أماكن أخرى، نحن نحتاج إلى أساليب مبتكرة لحماية هذا التراث بإستخدام التقدم التكنولوجي، الذي يأخذني إلى نقطة أكثر صلة بالموضوع فيما يتعلق بالذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا الرقمية، فنحن بحاجة إلى تحديد أفضل السبل التي يمكننا من خلالها إستخدام التقدم التكنولوجي من أجل حماية المتاحف أولاً، وقياس التأثيرات السلبية على التراث الثقافي بسبب التغيرات المناخية وقياس القيمة الإقتصادية للتراث الثقافي.

وأكدت السفيرة، في ظل إلى الثغرات القانونية من الأهمية القصوى اليوم إعتماد قواعد لوضع معايير لإستخدام الذكاء الإصطناعي فيما يتعلق بالتراث الثقافي، فأحد الإستخدامات الجيدة للتقدم التكنولوجي هو إنشاء متاحف إفتراضية وآخر لإنشاء نسخ متماثلة ثلاثية الأبعاد والتي ستمكن من إنشاء نفس تجربة المواقع المغلقة أو القطع المعادة، وهذا سيكون سهلاً إذا كان كل ذلك في دولة واحدة، أما إذا كان الأمر يتعلق بقطعة مستردة انتقلت من دولة إلى أخرى، فسيتطلب التعاون والموافقة لإنشاء نسخ طبق الأصل أو إنشاء متاحف إفتراضية، والتحدي الآخر عندما يتعلق الأمر بالنسخ المتماثلة للتراث الثقافي المنقول مثل اللوحات والقطع الفنية الصغيرة، يمكن أن يثير الكثير من الارتباك وسيتطلب دائمًا خبراء في نوع القطعة الفنية ومرحلتها التاريخية لتحديد أصالتها، وهو أمر مهم أيضًا يتطلب التنظيم.

وشرحت نجم، ان في حالة الإسترداد، هناك حاجة إلى مزيد من التعاون لضمان عرض القطع في مرافق آمنة، لأن هذا لا يمكن أن يكون ذريعة لعدم الإسترداد، وفي حالات النزاع، يمكن لليونسكو أن تلعب دورًا رئيسيًا في حماية التراث من خلال نقله، عندما يكون ذلك ممكنًا، إلى مكان آمن وإعادته إلى مكانه الأصلي بمجرد استعادة السلام.

وأشارت السفيرة، أن هناك أمر آخر يتبادر إلى الذهن فيما يتعلق بالتراث الثقافي والسكان الأصليين وهو حقوق الملكية الفكرية وكيف يمكن للقانون الدولي أن يساعد في حمايتهم، فالعديد من الأدوية التي حصلت الآن على براءة إختراع من قبل شركات الأدوية الكبرى تنبع من التراث الثقافي الأصلي الذي يتم توليده من بيئتها، و هذا يتطلب الإهتمام وزيادة الوعي بالحقوق والإلتزامات فيما يتعلق بهذا النوع من التراث الثقافي الذي يعد مسألة مشتركة بين القانون الدولي العام والخاص.

وعقبت مديرة المرصد الإفريقي للهجرة، أنه ما زالنا بحاجة إلى تحديد الثغرات القانونية في النظام القانوني الحالي لمعالجة حماية التراث الثقافي وإستعادته، كما ينبغي في هذه المرحلة اتباع نهج أكثر واقعية يتم إعتماده للإنتقال إلى تحديد الخطأ الذي يحدث وكيف يمكننا معالجته.

وهذا ما فعله الإتحاد الإفريقي منذ عام 1976، حيث إعتمدت منظمة الوحدة الإفريقية الميثاق الثقافي لإفريقيا، حيث نص في ديباجته على أن الدول مقتنعة بأنه "من الضروري إجراء جرد منهجي للتراث الثقافي، ولا سيما في إفريقيا"، ونص على أن أحد أهداف الميثاق هو إعادة تأهيل التراث الثقافي الإفريقي وترميمه والحفاظ عليه وتعزيزه، وتحدث نجم أيضا علي حماية التراث الثقافي وعن الوسائل القانونية والعملية في الصكوك الدولية واعتماد القوانين الوطنية لتنظيم حماية التراث المنقول وإستعادته والأرشفة المناسبة للتراث الإفريقي، و عن دور اليونسكو، وقد تم تكرار هذا النهج مرة أخرى مع إعتماد ميثاق النهضة الثقافية الإفريقية في عام 2006 الذي حل محل الميثاق الثقافي لإفريقيا مع الإشارة إلى إعتماد الدول الإفريقية لورقة الموقف الإفريقي بشأن حالة التراث العالمي في إفريقيا، ومقترح إنشاء صندوق التراث العالمي الإفريقي، في جنوب إفريقيا التي ستستضيفه.

و أوضحت السفيرة، أنه لم يعتمد أي من هذه الصكوك الإفريقية تعريفاً محدداً لما يشكل التراث الثقافي، وهو أمر بالغ الأهمية لأن لدينا معاني مختلفة عما يقع تحت مظلته، وداخل الإتحاد الإفريقي أيضًا، لدينا قانون نموذجي تم الإنتهاء منه في عام 2021 بشأن حماية التراث الثقافي.

وبعض الأولويات اليوم في القارة تتعلق بإعادة الممتلكات الثقافية، لقد عدت للتو من أكرا حيث عقدنا أول مؤتمر فيما يتعلق بتعويضات الحقبة الإستعمارية، ولم تكن مسألة إستعادة التراث الثقافي غائبة عن المناقشات، كان يُنظر إليها على أنه إحدى وسائل الإسترداد، وإحدى النقاط المثيرة للإهتمام التي أثيرت، تتعلق بقيمة التراث الثقافي، بالنسبة لبعض قطع السكان الأصليين التي تم نقلها إلى متاحف دول شمال العالم واعتبرت ذات قيمة فنية،و هذه الأمور ليس لها قواعد قانونية حتى اليوم.

وحلقة النقاش حول "موضوع التراث الثقافي"، هي جزءًا من الذكرى السنوية الـ 150 لتأسيس رابطة القانون الدولي. والتي أعدتها مجموعة بارزة من الخبراء من مختلف البلدان، برئاسة البروفيسور كليمنتين بوريس في تولوز

وفي الندوة الأخيرة هذا العام عبر الإنترنت للجمعية الفرنسية للقانون الفرع الفرنسي لرابطة القانون الدولي في لندن ركزت المناقشات "على الورقة البيضاء حول التراث الثقافي" ،و مناقشة التحديات الإنسانية والبيئية والإقتصادية التي تواجه التراث الثقافي والتساؤل حول كيفية تعزيز النظام القانوني الحالي وإعادة التفكير فيه.

و ترأس الندوة عبر الإنترنت رولف إينار فايف، سفير النرويج السابق لدى الاتحاد الأوروبي وعضو لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، وتحدث فيها د. كليمنتين بوريس، أستاذة في جامعة تولوز 1 كابيتول، و أسويد جارسيا ماركيز، المسؤولة القانونية في مكتب المعايير الدولية والشئون القانونية في اليونسكو،و ماري كورنو، مديرة الأبحاث CNRS المركز الوطني للبحث العلمي (فرنسا)، وإدوارد كواكوا، المدير العام المساعد، للمنظمة العالمية للملكية الفكرية “wipo”، و د.كيون جوان لي، أستاذ بجامعة سيول الوطنية، وعضو لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، و ليلى سوزان فارس، محامية حقوق الإنسان النرويجية، محامية حقوق الإنسان النرويجية وسياسية سابقة، وعضوة خبيرة سابقة في آلية الخبراء التابعة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الشعوب الأصلية، وجامعة سامي للعلوم التطبيقية، وسامي ألاسكوفلا، عضو خبير سابق في آلية خبراء الأمم المتحدة المعنية بحقوق الشعوب الأصلية.

الجدير بالذكر، ان جمعية القانون الدولي التي أنشئت في عام 1925 في باريس هي الفرع الفرنسي لرابطة القانون الدولي (ADI-ILA)، في لندن والتي تتمتع بوضع المراقب بعد المجلس الإقتصادي والإجتماعي للأمم المتحدة، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وتهدف L'ADI/ILA إلي التنمية التقدمية للقانون الدولي (في أبعادها العامة والخاصة) عبر الدراسة والتدوين ومقترحات القانون المنشود، ومنذ إنشائها في عام 1873في لندن، تجسد I'ADI/ILA وظيفة معيارية في اقتراح الدول، وبشكل عام ، للمجتمع الدولي لمشاريع الإتفاقيات الدولية ونصوص الطبيعة الأخرى من أجل تحقيق تقدم في القانون الدولي، وتنص قرارات اللجنة على أن تقارير اللجان ومجموعات العمل تهدف إلى التأثير على تطور القانون الدولي وإبلاغ المؤسسات المكلفة بالتنمية، و تنضم الرابطة إلى 22 لجنة و60 مجموعة عمل دولية، وتضم أكثر من 4300 عضوًا في ٦٠ دولة، و الفرع الفرنسي، يضم الجامعات والممارسين ممثلي الحكومات، والمنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية، والمحامين، والقضاة، والمحكمين، والمسؤولين القانونيين عن الشركات.