جريدة الديار
الخميس 9 مايو 2024 10:00 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نميرة نجم : الإحتلال الإسرائيلي قتل 15 الف مدني بعد ٧ أكتوبر ومائة ألف فلسطيني قبلها ؟

 النداء الفريد للاتحاد الأفريقي للمحامين الدوليين من أصل أفريقي
النداء الفريد للاتحاد الأفريقي للمحامين الدوليين من أصل أفريقي

قالت السفيرة د. نميرة نجم مديرة المرصد الإفريقي للهجرة بمنظمة الإتحاد الإفريقي، إن انخراط منظمة الإتحاد الإفريقي في قضايا تقرير المصير وإنهاء الإستعمار وإنهاء الإحتلال لا يتوقف عند حدود إفريقيا، على الرغم من ولايتها الإقليمية، بل على العكس من ذلك يمتد إلى دعم النضال من أجل إستقلال البلدان النامية الأخرى مثل مشاركتها التاريخية في القضية الفلسطينية، وحتى مؤخراً في المطالبة بوقف التطهير العرقي ضد السكان المدنيين في فلسطين وإدانة جميع إنتهاكات القانون الدولي الإنساني ضد المدنيين في كل من فلسطين وإسرائيل، وهذا بالتأكيد شيء يريد المحامون الأفارقة إستكشافه بشكل أكبر وكيف يلعب الإتحاد الإفريقي مثل هذا الدور على مستوى العالم، إذا إنتقلنا من السلام والأمن إلى التنمية، فإن قبول الإتحاد الإفريقي كجزء من مجموعة العشرين يشجع أيضًا المحامين الأفارقة على فهم الديناميكيات العالمية ودعم أن يلعب الإتحاد الإفريقي دورًا أوسع في الشئون الدولية للدفاع عن مصالح القارة، والتأكد من تطورها، ومشاركة الإتحاد الإفريقي في صنع السياسات وصياغة قواعد القانون الدولي توفر إطارًا فريدًا لهؤلاء المهنيين القانونيين للمساهمة في سرد مستقبل قانوني إفريقي موحد وممكن ومتميز.

جاء ذلك في محاضرة السفيرة تحت عنوان "النداء الفريد للإتحاد الإفريقي للمحامين الدوليين من أصل إفريقي " في مؤتمر الإحتفال العشريني لدورية مراجعة قانون المنظمات الدولية التي نظمها قسم القانون الأوروبي والدولي والمقارن بجامعة فينيا نوفمبر الجارى.

وأضافت السفيرة، انه إستنادًا إلى خبرتها الواسعة كقانونية دولية، والتي حظيت به من خلال شرف العمل كدبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية، وكمستشار قانوني للاتحاد الإفريقي لمدة خمس سنوات، تستطيع أن تؤكد أن الإتحاد الإفريقي يحظى بجاذبية فريدة من نوعها بالنسبة للمحامين الأفارقة، ليس فقط لإلتزامه بإيجاد الحلول الإفريقية، ولكن أيضا دور المنظمة التاريخي في إنهاء الإستعمار، والنضال من أجل السيادة الإفريقية، فضلاً عن دورها الديناميكي في التكامل الإقتصادي، وحقوق الإنسان، وحل النزاعات، والإعتراف بالقانون العرفي.

وشرحت السفيرة، انه في حالة إنهاء الإستعمار والسيادة يتمتع الإتحاد الإفريقي بسياق تاريخي متأصل في إنهاء الإستعمار في أفريقيا، وقد يجد المحامون من أصل إفريقي أهمية في العمل على وضع أطر قانونية تحمي وتعزز سيادة الدول الإفريقية، وتضمن أن أنظمتها القانونية ليست من بقايا الحكم الإستعماري ولكنها تستجيب لإحتياجات وتطلعات الشعوب.

وأوضحت السفيرة، أن مشاركة الإتحاد الإفريقي في قضية أرخبيل تشاغوس وإسترداد دولة موريشيوس له من الإستعمار البريطاني أمام محكمة العدل الدولية كانت مثيرة لإهتمام المحامين الإفارقة، وكان من دواعي سرورها قيادة فريق الإتحاد الإفريقي كمستشار قانوني سابق للإتحاد الإفريقي وأنها حرصت على أن يكون الفريق من المحامين الأفارقة فقط، وتستطيع أن تقول أن إلتزامهم ومشاركتهم كانت إستثنائية، لقد قدموا عملهم الفكري للمنظمة، على أساس مجاني، على الرغم من الوقت الذي قضوه في العمل على هذه القضية في بلدانهم الأصلية، والواقع أن مشاركتهم كمحامين أفارقة مع الإتحاد الإفريقي ساعدتهم في أن يصبحوا من واضعوا المعايير القانونية التي تردد روح التحرر وتقرير المصير والتمكين.

وأبرزت السفيرة، مشكلة الهجرة والنزوح الداخلي داخل وبين الدول الإفريقية وإلي خارج القارة بأسبابه المتعددة الناتجة عن أزمات الحروب الأهلية، والنزاعات بين الدول و الإنقلابات العسكرية، وغياب الحكم الرشيد والتداول الأمن للسلطة في عدة دول، والمشاكل الإقتصادية بالإضافة إلى العوامل المُستجدة من تطرف المناخ التي تؤدي إلى الكوارث الطبيعية غير المسبوقة بالقارة، و أشارت إلى توجه المرصد الإفريقي للهجرة نحو مشروع دراسة القانونية مع القانونيين الأفارقة للآثار المترتبة علي النتائج من زيادة المتوقعة في انفجار إعداد الهجرة واللجوء، وان أنشطة المرصد تقع ضمن إهتمامات المحامين من القارة لأنها تمس حقوق المهاجرين وحقوق الإنسان و القانون الدولي بشكل عام الذي يسمح بحرية تنقل للإنسان بغض النظر عن لونه أو عرقه أو جنسه.

وأضافت نجم، أن المحاميين بشكل عام متحمسون للسعي من أجل الحقوق، والمحامون الأفارقة في القارة أو في أي مكان آخر مهتمون باكتشاف ما يفعله الإتحاد الإفريقي للنضال من أجل الحقوق في القارة ويطمحون إلى منظمة قوية تأخذ تنميتنا وفقًا لأجندة 2063 إلى مستوى آخر.

وسلطت السفيرةً، الضوء بإسهاب على بعض الجوانب الرئيسية الأخرى التي تساهم في تميز الإتحاد الإفريقي، منها الحلول الأفريقية للمشاكل الإفريقية التي قد ينجذب المحامون الأفارقة إلى فكرة تشكيل الأطر القانونية ذات الصلة ثقافيًا وسياقيًا بالمجتمعات المتنوعة داخل إفريقيا، وفي حقوق الإنسان والعدالة، مُشيرة إلى إهتمام المحامون الأفارقة بمتابعة عمل المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (AfCHPR) واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

وأضافت السفيرة، ان في موضوع القانون العرفي وأنظمة العدالة التقليدية، تتمتع إفريقيا بنسيج غني من القوانين العرفية وأنظمة العدالة التقليدي و يقدر المحامون الأفارقة اعتراف الاتحاد الأفريقي بأهمية دمج هذه الممارسات القانونية التقليدية في الأطر القانونية الحديثة، و يعكس هذا الاعتراف فهمًا للتنوع الثقافي والتعددية القانونية الموجودة في القارة ، ففكرة احترام التقاليد حتى عندما يتعلق الأمر بالقضاء هي فكرة مغرية لأنها تعزز بيئة قانونية تحترم التعددية المتأصلة في النسيج الاجتماعي في أفريقيا.

وألمحت السفيرة، أن التزام الإتحاد الإفريقي بالتكامل الإقتصادي، والذي يتجسد في مبادرات مثل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، رؤية إستراتيجية لتعزيز النمو الإقتصادي والتجارة والتعاون عبر القارة، وينجذب المحامون إلى التحدي المتمثل في تطوير أطر قانونية تهدف إلى إنشاء سوق موحدة للسلع والخدمات في القارة، و يريد المحامون المساهمة في تطوير وتنفيذ هذه الصكوك القانونية، والمشاركة في التفاوض بشأن معاهدات الإستثمار الثنائية بين الدول الإفريقية والمستثمرين الأجانب، ومعالجة قضايا مثل آليات حل النزاعات، وحماية الإستثمار، والتوازن بين السيادة الوطنية وحقوق المستثمرين، من أجل تقليل خسائر الدول الإفريقية الناجمة عن هذه الإتفاقيات. .

وفي نهاية محاضرتها قالت مديرة المرصد الإفريقي للهجرة يرى المحامون، وخاصة الأفارقة، أن العمل القانوني للإتحاد الإفريقي أصبح صوتًا مميزًا في الخطاب القانوني الدولي، حيث يقدم حلولاً للتحديات التي تتوافق مع واقع الدول الإفريقية ومن ثم، فهم يريدون الإنضمام كمهندسين لهذا المشهد القانوني الناشئ، والدعوة إلى الإصلاحات القانونية التي تتجاوز بقايا الاستعمار والتأكد من أن الأنظمة القانونية الحالية سريعة الإستجابة وشاملة وتحمي هوياتهم الوطنية، وأنه وحده الإتحاد الإفريقي يمكنه أن يقدم لهم هذه المنصة، ويدرك المحامون الأفارقة أن الإتحاد الإفريقي جزء لا يتجزأ من الدفاع عن تميز إفريقيا وصمودها، ومن ثم يصبحون سفراء العدالة والمدافعين عن تقرير المصير.

وردا على تساؤل الحضور للسفيرة في نقاش مفتوح بعد نهاية محاضرتها بشأن أسباب إلتزام إفريقيا الحياد في الأزمة الأوكرانية بمقارنة إلي الموقف الذي إتخذه الإتحاد الإفريقي دعما لفلسطين في أزمة غزة الأخيرة، أشارت السفيرة إلى انه مثلما تتخذ دول العالم مواقفها بناء على مصالح، فإفريقيا كقارة كذلك تبحثً عن مصالحها، فعلى الرغم من أزمة أوكرانيا بعيدة جغرافيا عن إفريقيا ولم تلعب دول القارة أي دور في هذه ألازمة، إلا أنها أزمة تهدد الأمن الغذائي لإفريقيا لأنها حرب بين اثنين من الدول من اكبر مصدري الحبوب في العالم، مما أدى إلى زيارة عدد من الرؤساء الأفارقة وبرفقتهم موسى فقيه محمد رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي إلى روسيا لضمان استمرار وصول الحبوب إلى القارة، فإتخاذ موقف يضر بمصلحة الأمن الغذائي للأفارقة يعنى أننا نتبنى آراء ومصالح دولا أخرى، وهو أمر غير مقبول، أما عن فلسطين، فهى دولة حدودها مشتركة مع دولة افريقية هي مصر، وما يحدث في غزة من إبادة جماعية يؤثر مباشرة على احد دول القارة، ومحاولة تهجير إسرائيل سكان غزة قسريا إلى سيناء لإنهاء القضية الفلسطينية ضد قواعد القانون الدولي، هذا بالإضافة إلى موقف الإتحاد الإفريقي ومن قبله منظمة الوحدة الأفريقية الثابت من القضية الفلسطينية بضرورة إنهاء الإحتلال الإسرائيلي وحماية المدنين وإقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل وهى محل لقرارات سنوية من الإتحاد الإفريقي، وبالتالي كان طبيعي ان يستمر الإتحاد في ذات النهج خاصة، ولنفس الأسباب رفض الإتحاد الإفريقي منح إسرائيل صفة عضو مراقب بالإتحاد، فموضوع الاحتلال والاستعمار وإنهائه لا يزال أحد أهم أولويات الاتحاد، وهو أيضًا من أسباب دعم الاتحاد الكبير لموريشيوس في الرأي الإستشاري أمام محكمة العدل الدولية بشأن اعادة جزر تشاغوس لسيادتها ، و لا ننسى أن القارة الإفريقية هي أكثر قارات العالم التي عانت من ويلات الاستعمار و عنصريته.

كما أن الإتحاد الإفريقي موقفه واضح، حيث أدان بيان رئيس المفوضية الهجوم على المدنيين من الجانبين ولكن ما نراه الآن من تدمير للمستشفيات والبنية التحتية وقتل الأطفال غير المسبوق في التاريخ الحديث ومن غير المقبول الصمت بشأنه فالأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا بالقصف الإسرائيلي في غزة في زمن قياسي هو شهر ونصف فقط أكثر من ١٢ ضعف الأطفال الذين قتلوا في أوكرانيا علي مدي سنتين، أنها إبادة جماعية ومذبحة للأبرياء مستمرة بتأييد و بتمويل أمريكي أوروبي مشترك، وما حدث في ٧ أكتوبر كان ضد محتل يدعي انه يدافع عن نفسه رغم انه قتل ١٠٠ ألف مدني فلسطيني علي مدي ٧٥ عاما قبل هذا التاريخ، وأضاف ١٥ ألف بعد هذا التاريخ وفي شهر ونصف فقط وبقنابل محظورة دوليا، هذا بخلاف المصابين و الأسرى والمعتقلين و الجرحى والمعاقين الفلسطينيين علي مدي الصراع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي ومع ذلك فان الغرب يتبنى الرواية والرؤية الإسرائيلية بان "إسرائيل تدافع عن نفسها" رغم ان أرقام ضحايا الفلسطينيين المدنيين من أطفال ونساء و شيوخ موثقة في تقارير الأمم المتحدة للمذابح الإسرائيلية الجماعية المُتكررة شهريا و سنويا ضد الشعب الفلسطيني منذ عام ٤٨

وردا على طرح أخر بإدخال مصر للمساعدات من رفح من جانب واحد كمسؤولية قانونية، أكدت السفيرة على أن المسئول الأول على حماية المدنيين وتقديم المساعدة الإنسانية لهم هي دولة الإحتلال وفقا للقانون الدولي، كما على دولة الإحتلال توفير أماكن آمنة للمدنيين إلا أنها تطلب منهم النزوح لجنوب القطاع ثم تضرب الجنوب والنازحين أيضا في الممرات التي أعلنت أنها آمنة من القصف، وهو أمر غير مقبول إنسانيا وقانونيا وضميريا ، ويخرق القانون الدولي، والقانون الدولي والمؤسسات الدولية معطلة في الحالة الإسرائيلية بل قيادات الأمم المتحدة ذاته تخضع للارهاب .

وأضافت السفيرة، إلى أن المشكلة ليست فتح المعبر لإدخال المساعدات فالهلال الأحمر المصري يصطف على الحدود بالمساعدات، إلا انه لا يستطيع أن يتحرك نحو القطاع بدون وقف لإطلاق النار وقبول إسرائيل لدخوله، و إلا سيعرض حياه المصريين للخطر، وهو أمر يجب ان يتفاديه المسئولين، خاصة إذا ما كان هؤلاء قد يصبحوا مُستهدفين من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي، وبالتالي ربما سيجر ذلك مصر للحرب وهو أمر قد يهدد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وإلي إندلاع مواجهات ستكبد الجانبين الكثير من الموت والدمار، وسيزيد الموقف تعقيدا من إتساع وتفاقم من نطاق رقعة الحرب في المنطقة وعدم الإستقرار في المنطقة والعالم.

الجدير بالذكر، أن السفيرة د. نميرة نجم مديرة المرصد الإفريقي للهجرة هي عضو في مجلس إدارة نشر دورية مراجعة قانون المنظمات الدولية "The International Organisation Law Review "

وتعمل دورية مراجعة قانون المنظمات الدولية كمنتدى لمناقشة قواعد المنظمات الدولية المختلفة لكل من الأكاديميين والممارسين النشطين في هذا التخصص، وتركز في المراجعة على التطورات العامة والنظرية في القانون المؤسسي الدولي، بينما توفر آراء الممارسين في هذا المجال لتحديد ومناقشة التطورات القانونية داخل المنظمات الدولية القائمة، و تنشر مقالات متخصصة في قوانين المنظمات الدولية ومجلس إدارة يضم رئيس التحرير البروفسير نيل بلوكر أستاذ القانون الدولي العام في جامعة لايدن بهولندا، ونائب المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الهولندي، والبروفسيرو رمسيس ويسل رئيس قسم القانون الأوروبي والإقتصادي ونائب عميد كلية الحقوق جامعة جرونينجن بهولندا، ومتخصصين في قانون المنظمات الدولية بما فيهم العاملين في مجال القانون الدولي والمنظمات الدولية، وتقوم دار بريل العالمية للنشر بنشر وتوزيع المجلة.