جريدة الديار
الخميس 9 مايو 2024 02:29 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نميرة نجم: أمريكا تمول الإبادة الجماعية في غزة بـ ١٤.٥ مليار دولار

قالت السفيرة د. نميرة نجم مديرة المرصد الإفريقي للهجرة بالإتحاد الإفريقي في عام 2023 في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف COP28، يسعدنا أن يتم تشغيل الصندوق الخسائر والأضرار لمساعدة الدول الأكثر تضرراً من تغير المناخ، ونحن نعتبرها خطوة إيجابية نحو تخفيف التوترات المُتعلقة بالتمويل بين شمال العالم وجنوبه، ففي عام 2009، تعهدت الدول المُتقدمة بأنها ستساهم إبتداء من عام 2020 بمبلغ 100 مليار دولار سنويًا للدول الأقل ثراء المُتضررة من الكوارث المُتفاقمة الناجمة عن تغير المناخ، إلا أنها أجلت الوفاء بهذا التعهد إلى عام 2023، وقد تم التأكيد مرة أخرى على الجهود التي بدأت في عام 2009 في مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين في باريس عام 2015 للوصول إلى هدف 100 مليار دولار، وبسبب التأخير المُستمر، عندما قامت الدول الكبرى المسببة للإنبعاثات COP27 في شرم الشيخ عام 2022 بإنشاء صندوق الخسائر والأضرار لدعم الدول النامية في مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ.

وشرحت السفيرة، أن الصندوق مصمم لسد فجوات تمويل المناخ وجعل التحول إلى الإقتصاد الأخضر مُيسور التكلفة، إلى جانب تحفيز الإستثمارات لتصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030، بهدف جعله أكبر صندوق إستثماري خاص يركز على حلول المناخ على مستوى العالم.

وأشارت السفيرة، إلى أن حجم تعهدات الدول في الصندوق وصل الآن فعليًا إلى 550 مليون دولار أمريكي، منها تعهدات من دولة الإمارات العربية المتحدة بالمساهمة بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي، والإتحاد الأوروبي بمبلغ 245 مليون دولار أمريكي، وبريطانيا بمبلغ 75 مليون دولار أمريكي، واليابان بمبلغ 10 ملايين دولار أمريكي، وأسبانيا بمبلغ 21.7 مليون دولار أمريكي ، و تحتاج إفريقيا إلى زيادة التمويل المُخصص للتكيف مع تغير المناخ بمقدار عشرة أمثال التمويل الحالي، ليصل إلى 100 مليار دولار سنويًا، لمساعدتها على دعم بنيتها التحتية، وتحسين أنظمة الإنذار المُبكر بالطقس، وحماية زراعتها من تغير المناخ جاء ذلك في كلمة السفيرة في حلقة نقاش تحت عنوان "فهم العلاقة بين تغير المناخ والتنقل البشري وأهمية المعرفة " الذي نظمها المرصد الإفريقي للهجرة أمس في مؤتمر المناخ COP 28 المُنعقد في دبي الإمارات في الفترة من ٣٠ نوفمبر إلى ١٢ ديسمبر.

وأضافت نجم، في كلمتها أن الحكومة الفرنسية تعهدت بالإسهام بمبلغ 100 مليون دولار غير مُعفاة من الشروط في صندوق الخسائر والأضرار، بينما الولايات المتحدة الأمريكية وهي ثاني أكبر مصدر للإنبعاثات الكربونية بنسبة حوالي 12%، وهي المُسببة في ظاهرة الإحتباس الحراري الذي يرفع من درجة حرارة الأرض تقول إنها تتعهد بدفع 17 مليون دولار ونصف فقط للصندوق، ولا يزال هذا التعهد الهزيل رهن إنتظار موافقة الكونجرس الأمريكي، والتوصل إلى إتفاق بينه وبين الحكومة الأمريكية، مع التنبيه أن حكومة الولايات المتحدة تكرر أنها ستقوم بدفع هذا المبلغ ليس مقابل وعلى سبيل التعويضات عن الإنبعاثات الحرارية التي تقوم بها ودمر المناخ في الدول الفقيرة، ولكن كنوع من التعاون لحد من آثار المناخ فيها.

وأكدت السفيرة أن المبالغ المتعهد بها للصندوق الخسائر والأضرار تعتبر هزيلة وللغاية، وًربما تكفي لتمويل تشغيل الصندوق دون المشروعات والبرامج، وقالت أن الفجوة بين الأموال الممنوحة للصندوق و مقارنتها بقضايا أخرى يجعلنا متشائمين جدا، فمن محاولة التنصل من تدمير الحياة في الدول الفقيرة بسبب كوارث التغييرات المناخية، إلى الإفراط في المساهمة في تدمير وقتل البشر المدنيين في ذات الوقت، فينما تعهدت الولايات المتحدة، بمبلغ 17.5 مليون دولار فقط لصندوق الخسائر والأضرار تقوم حكومة الولايات الأمريكية في نفس الوقت بحشد طاقتها وأعتمد الكونجرس الأمريكي تمويل أسلحة وعتاد وقنابل ومساعدات عسكرية متنوعة للإحتلال الإسرائيلي في حرب إبادة جماعية لقتل أطفال والنساء والمدنيين في غزة بتمويل قدره ١٤.٥ مليار دولار، وبينما تعهدت ألمانيا بمساهمة بمبلغ 109 ملايين دولار في صندوق الخسائر والأضرار، فأنها تمول إسرائيل لقتل المدنيين الفلسطينيين بمبلغ 323 مليون دولار، وهذا يجعلنا نشك فيما إذا كان العالم جادا في مكافحة تغير المناخ، بعد أن أصبحت الدول الكبرى تفضل ان تكرس جهودها و أموالها في تمويل حروب لقتل الأطفال وإرتكاب جرائم ضد البشرية والتهجير القسري وتعطيل القانون الدولي، مع الأخذ في الإعتبار من ناحية أخرى أن رصد تكاليف تنظيم و إعداد ومشاركة ٧٠ ألف مشترك في مؤتمر COP 28، ربما تفوق بأضعاف مجموع المبالغ المُتعهد بها حتى الآن للمُساهمة في إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، ويصعب تمريره أن يكون أحد الأهداف الرئاسية للمنتج النهائي للمؤتمر الذي طال إنتظاره أقل من تكاليف إقامة المؤتمر ذاته، ويسوق أن تفعيل الصندوق نجاحًا في حد ذاته، فأعتقد من وحي الإلتزام والضمير والمسئولية أن الدول الفقيرة التي تعاني من تبعات كوارث التغيير المناخي التي تحاصرها والتي لم تسبب فيه تنتظر وتتوقع وتتطلع منا أكثر من ذلك ؟

وأشارت السفيرة، إلى أنه إذا إنتقلنا إلى التنفيذ من ناحية أخري، فإن غالبية الدول تريد آلية مستقلة لإدارة الصندوق الخسائر والأضرار، ولكن إنتهى بنا الأمر إلى قيام البنك الدولي بإدارة الأمر مؤقتًا مع كل الصعوبات التي تواجهها الدول بالفعل في تلقي الأموال من البنك الدولي و سيطرة الدول الكبرى علي الإدارة فيه، والأسوأ من ذلك أن رئيس مجموعة البنك الدولي أجاي بانجا أكد أن أياً من الدول لم تقدم حتى الآن مساهمات كافية للصندوق، وأن المبالغ المُتعهد بها لا تكفي أن يتعامل بها البنك الدولي للغرض من الصندوق.

وأوضحت السفيرة، أن البنك الإفريقي للتنمية أعلن أن القارة السمراء تحتاج إلى نحو 2.7 تريليون دولار بحلول سنة 2030 لتمويل إحتياجاتها المُتعلقة بمواجهة تحديات تغير المناخ، وتشهد إفريقيا إرتفاعًا في درجات الحرارة بمعدل أسرع من بقية أنحاء الكوكب، وتعاني من كوارث مناخية أشد خطورة مثل الجفاف، بسبب تغير المناخ، "ما يزيد خطر الصراع على الموارد في القارة والنزوح الداخلي و اللجوء والهجرة للشمال الغني، وتشهد منطقة القرن الإفريقي في الوقت الراهن أسوأ موجة جفاف منذ 4 عقود على الأقل، كما يتعرض جنوب شرق إفريقيا بإنتظام للأعاصير والأمطار الغزيرة والفيضانات القادمة من جنوب إفريقيا إلى أوغندا ونيجيريا في العام الماضي.

وأشارت السفيرة، إلى أنه عندما نتحدث عن تغير المناخ، من المهم التأكد من وضع الوجه الإنساني في الإعتبار في قلب مناقشاتنا، وبدون البيانات والمعرفة، لن نكون قادرين على توقع الأضرار التي ستحدث بسبب الكوارث الطبيعية وكيف يمكننا التخطيط لتقليل الخسائر البشرية والتعامل مع النزوح واللجوء والهجرة المتوقعة فالأرقام تتوقع أن تصل إلى ١٢٠ مليون من إفريقيا بحلول عامً٢٠٥٠ .

وأكدت نجم، أن إفريقيا قارة شابة، وعلى الدول الغنية أن تستوعب ذلك وأن تسعى إلى مساعدة الدول الإفريقية لخلق فرص عمل وتنمية وتحسين ظروفها الإقتصادية والصحية والتعليمية بالإضافة إلى تخفيف آثار التغيير المناخي في ظل أهداف التنمية المُستدامة حتى لا نرى أفواجا وطوفان من ملايين العابرين المهاجرين و اللاجئين من الجنوب إلى الشمال الأكثر ثراءً باحثًا عن أوضاع إقتصادية وحياة مستقرة أفضل في مغامرات محفوفة بالمخاطر وإزهاق متكرر للأرواح بمقابر في أعماق البحار، ومزيد من إنتهاكات لحقوق الإنسان، والإعادة القسرية للاجئين في معسكرات إعتقال في دول ثالثة مع تنامي ظاهرة الكراهية في الغرب للمهاجرين واللاجئين، وفي نفس الوقت إزدهار ورواج عصابات مافيا الإتجار بالبشر والجريمة المنظمة، وبقدر ما نحتاج إلى التحول الأخضر، نحتاج إلى نهج يركز على الشعوب في التعامل مع عواقب تغير المناخ، نحن بحاجة إلى تبني وتنفيذ شعار COP28، «نتحد ونعمل وننجز» بهدف التوصل إلى حلول تجعل المؤتمر بالفعل قمة حقيقية للتنفيذ وليس للتعهدات حسنة النوايا تفرغ من أهدافها.

وفي نهاية كلمتها أوضحت السفيرة، أن الإحصائيات تشير إلى أن 49% من البشر في العالم ما زالوا لا يعلمون أو غير مجهزين أو مقتنعين بأن التغير المناخي يمثل أزمة كبيرة ويحتاج لإجراءات فورية للتعامل معه لخطورة هذه التغيرات علي صحة كوكب الأرض مع القيود التي تفرض علي حرية التنقل فيه وبالتالي على حياة البشر.

وأقترحت نجم، أن يناقش المؤتمر COP28 تدريس مادة البيئة والمناخ في المدارس كمادة أساسية في شتى أنحاء العالم منذ الصغر، بهدف توعية الشباب والأجيال الجديدة بمخاطر التغيرات المناخية، على الحياة والصحة والهجرة وسبل العيش على كوكب الأرض، من أجل الحد من آثارها والتكيف معها، قائلة "علي الأجيال الجديدة أن يتعلموا إدراك كيفية التكيف للحفاظ على وجودهم ومصائرهم علي الكوكب ".

وأكدت السفيرة، أن المُباحثات الجارية حاليا خلال المؤتمر تشكل تحديًا لصحة الأرض وإنذارات و تحذيرات بخطورة أوضاع التغييرات المناخية، وعبرت عن أملها أن يصل مفاوضي الدول والحكومات في 28 COP إلى التوافق علي عدم التباطؤ في استعمال كلمة "التخلي" عن الوقود الأحفوري المسبب للإنبعاثات الحرارية التي ستدمر المناخ والحياة علي كوكب الأرض في بيانهم الختامي بالمؤتمر بدلاً من مصطلح "الخفض"، وأشارت إلى أنه بغض النظر عن حجم التمويل فأن هناك بوادر إيجابية في صندوق المخاطر والأضرار بنص علي تخصيص جزءًا من موارده تحت رعاية منظمة الهجرة العالمية لمواجهة آثار التغيير المناخي وتأثيره علي التنقل والهجرة المناخية، كما أننا الآن لدينا صندوق تمويل للخسائر والأضرار مفعل و يمكن رفع إسهامات الدول الكبرى مستقبلاً ولو بضغوط إذا صدقت النوايا.

بينما أشارت رانيا شرشر مديرة تنسيق السلام والتنمية في المنظمة الدولية للهجرة بجنيف في كلمتها إلى انه من الضرورة عدم إسقاط العائدين والمرحلين من الإحصاءات الخاصة بالهجرة و اللجوء، لأنه بدون خدمات تقدم لهم سيعودون للهجرة غير منظمة، أو لن يستقروا، وأوضحت ان كافة البيانات تشير إلى أن الجفاف في بعض المناطق يقتضي ان تحفر آبار للزراعة حتى يمكن للمهاجرين العودة بدلا من تلقى مساعدات غير مستدامة، فمن الضروري الإستماع إلى المُتضررين من التغيرات المناخية لفهم احتياجاتهم ومن ثم معالجتها.

وقال كمال امكران المستشار الخاص لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة للمناخ، ومدير المركز العالمي للتنقل المناخي بالأمم المتحدة، أن المشكلة ليس في وجود الأرقام الإحصائية للمهاجرين بسبب التغيير المناخي، ولكن كيفية توجيهها وتغيير المفاهيم بشأنها.

وأكدت راجنيدور إلين أرنادوتير مدير مركز التنمية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ووزيرة الصناعة والتجارة السابقة في أيسلندا علي عدم ترك احد ممن تنساهم الإحصاءات ومن ثم لا يجدون نصيبهم من الخدمات، على غرار من نزحوا بالفعل داخليًا أو خارجيًا، ولا يزالون يعيشون في ظروف صعبة وكذلك النساء المهاجرات اللاتي يواجهن صعوبات وعنف ضدهم يختلف عما يواجهه باقي المهاجرين.