جريدة الديار
الخميس 9 مايو 2024 05:56 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نميرة نجم: وصف الهجرة بأنها غير شرعية يتعارض مع مواثيق حقوق الإنسان

قالت السفيرة د.نميرة نجم مدير المرصد الأفريقي للهجرة AMO عندما نتحدث عن النزوح القسري لا يمكن إغفال الحديث عن ما يدور حاليًا في غزة لأنها علي حدود ملاصقة لدولة إفريقية هي مصر، فبالتالي إفريقيا تتأثر بما يجري علي حدودها، فلدينا ١.٩ مليون نازح فلسطيني داخليًا بغزة وهم لم ينتقلوا برغبتهم خارج أماكن معيشتهم، ولكن لأن هناك نزاع يفرض عليهم القتال والإنتقال.

جاء ذلك بكلمة السفيرة نميرة نجم، في ندوة حلقة نقاشية التي نظمها مركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الثقافات بكلية السياسية والإقتصاد بجامعة القاهرة أمس حول موضوع : "النزوح القسري وتحديات التنمية في القارة الإفريقية ".

وشرحت السفيرة، في كلمتها أن النزوح قسري يعني أن هناك أسباب قهرية هي التي أدت للأشخاص للنزوح، وأن هناك نزوح داخلي ودولي قهري بجانب النزوح الطوعي، ونحن في القانون الدولي نستخدم لفظ الهجرة الغير نظامية وليس الهجرة الغير شرعية الشائع إستخدامه من البعض وهو مصطلح غير دقيق، لأن القانون الدولي كفل حق التحرك والهجرة للجميع، وحتى تتضح المفاهيم ونحن في محفل علمي فلا يوجد ما يسمي هجرة غير شرعية و إلا نكون بذلك نقوم بإلغاء وإغتيال المواثيق الأساسية لحقوق الإنسان والميثاق الخاص بالحقوق السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي تكفل كلها بوضوح حق الإنسان في التحرك و الهجرة ولذلك يجب ان نكون علي علم ومدركين لذلك .

وأوضحت السفيرة، أن ٨٠٪ من النازحين في العالم داخليًا، وليس عبر الحدود في العالم، والحروب و النزاعات هي أول أسباب النزوح القسري، مُشيرة إلي أن بعض مناطق النزوح القسري في القارة الإفريفية في السودان والكونغو الديمقراطية و إفريقيا الوسطي و بوركينافاسو، وأن منطقة الساحل الإفريقي بالكامل بها تحرك داخلي وتحرك ما بين الدول المجاورة، وفي جنوب القارة أيضًا هناك نزوح قسري في المناطق التي يوجد بها نزعات أو عدم إستقرار، و السبب ليس فقط فقر في الموارد ولكن بسبب التغييرات المناخية فأغلب المدن الكبرى في إفريقيا محاطة بدائرة من السكان النازحين داخليًا يعيشون في المناطق غير المؤهلة، وليس لديها خدمات ويعيشون في أحوال صحية مأساوية لأنهم ينزحون من القرى إلى المدن بحثًا وراء العيش والتوظيف، وبسبب التغيرات المناخية تزداد هذه الأعداد من جراء الفيضانات والجفاف غير المسبوق، و أصبحت أراضي هؤلاء النازحين غير قابلة للزراعة، وهم لا يستطيعون عمل موائمة لهذه الأراضي حتى يتمكنوا من إعادة زرعتها، كما أن إرتفاع منسوب البحر يؤثر علي حرف المصايد ويؤدي إلى تأكل في الشواطئ والأرض، وهو ما يعني أنه يأكل من حياة بشر علي الأرض الذين ينتقلوا من الشواطئ إلى الداخل المدن الغير مؤهلين للحياة فيها، علاوة أن الإختلاف العرقي للنازحين يسبب أزمات أمنية للمدن الذين ينتقلوا لها، و يدخل الإرهاب من بين الأسباب للنزوح الداخلي في مالي ونيجيريا و بوركينافاسو، و في موزمبيق وهو ما يشكل تهديدات لأمن القارة، وتهديد أيضًا للأمن الغذائي للقارة من نزوح أهل الريف للحضر.

ونوهت السفيرة، عن دور المرصد الإفريقي للهجرة في رصد هذه الظواهر، وإشتراكه مع معهد الإحصاء الإفريقي في الإحصاءات الخاصة بالهجرة بالقارة، وتحليل هذه الأرقام والإستفادة منها في وضع وصنع وإقتراح سياسات أمام مُتخذ القرار في دول الإتحاد الإفريقي لنرى ما يفيد القارة والسيطرة علي الأزمات فيها.

وردًا علي أسئلة الأساتذة والطلاب الحاضرين للحلقة النقاشية عن الرعب في الغرب من الهجرة من الجنوب، أجابت السفيرة، أن جزء أساسي من إنشاء المرصد الإفريقي للهجرة هو الأرقام، التي يتم التلاعب فيها، فكل الأرقام والإحصائيات الخاصة بالهجرة حتى الآن تأتي من خارج القارة، و٨٠٪ من المتحركين داخل القارة يتحركون داخل إفريقيا و ٦٠٪ منهم يتحركون وينزحوا داخل بلادهم، ومن يتحرك إلى خارج القارة لا يشكل سوي ٢٠٪ من الهجرة غير النظامية حول العالم، وهم من يتم التركيز عليهم من الغرب مع التركيز أكثر علي الهجرة من إفريقيا دون آسيا، مع العلم أن المهاجرين غير النظاميين من آسيا أكبر من إفريقيا، والسبب أن إفريقيا بها سكان من الأصغر سنًا في العالم وستظل كذلك لمدة طويلة، والبلاد التي ليس بها مواليد جديدة كافية أصبحت بلاد "عجوزة" ولديهم رعب من التغيير الديموجرافي، وهو قادم لا محالة و لن يستطيعوا أن يعيشوا بمثل الحالة لأنهم لن يجدوا عمال وقوة عمل شابة في بلادهم، وهناك دول تتاجر بموضوع الهجرة في دول الإتحاد الأوروبي للحصول علي أموال، فإيطاليا على سبيل المثال من أكبر الدول المُستقبلة للهجرة غير النظامية وكثير من المهاجرين غير النظاميين يعملوا كعاملة رخيصة في الإنشاءات داخل إيطاليا، وعندما نتحدث عن شبكات الهجرة غير النظامية والإتجار بالبشر المتواجدين في ليبيا فمن هذه الشبكات من هو مستقبلاً للمهاجرين في إيطاليا ويجد لهم فرص عمل في الدول المُستقبلة للهجرة غير النظامية في أوروبا بصفتهم عمالة رخيصة.

وفي نهاية حديثها أشارت السفيرة، إلى الطلاب أنهم الأمل وهم المعنيين برسم الطريق للمستقبل، ولابد أن يغييروا من طريقة تفكيرهم، ويجتهدوا ليجدوا حلول مختلفة ومُبتكرة ومُستحدثة عن ما هو سائد ولم يستكمل من جهود جيلها من أجل أن يقودوا التنمية في بلدهم و القارة.

وقالت أ.د. حنان محمد علي القائم بأعمال عميد كلية سياسية وإقتصاد جامعة القاهرة في كلمتها الإفتتاحية للحلقة النقاشية أن قضية النزوح القسري أصبحت من أكثر القضايا إلحاحًا في العالم و تشكل تحديًا كبيرًا أمام التنمية المرجوة والرخاء المنشود، وأن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أعلنت أن عدد النازحين واللاجئين من جراء الحروب والإضطهاد والعنف وإنتهاكات حقوق الإنسان تجاوز ١١٤ مليون في نهايةً شهر سبتمبر 2023، وأهم دوافع النزوح القسري في النصف الأول من عام ٢٠٢٣ كان الحرب الأوكرانية والصراعات في السودان والكونغو الديمقراطية والجفاف و الفيضانات وإنعدام الأمن في الصومال والأزمة في أفغانستان، وفي إفريقيا يعد النزوح القسري ليس مأساة إنسانية ولكن تهديدًا حقيقيًا للسلام والتنمية.

وأشارت د. أماني الطويل مدير البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلي وجود متغيرات في العامل العام الخاص بالإرهاب في مسألة النزوح القسري، وأ هناك عوامل غير منظورة إلى جانب ظاهرة الإرهاب في القارة التي تهدد المجتمعات المحلية والمسببة لنزوح القسري وأن هناك متغيرات في بطن هذه الظاهرة ربما تكون غير مرئية، هي ان المنظمات المتطرفة في إفريقيا اليوم تجد لها حواضن شعبية، وهناك حالة من حالات التعايش بشكل أو بأخر في بعض هذه المجتمعات خصوصًا في بوركينافاسو بين المنظمات المُتطرفة والجريمة المنظمة وفواعلها و بين المجتمعات المحلية، وهذا يزيد من الصعوبة بدرجة كبيرة علي الدول والفاعلين لمواجهة الظاهرة الإرهاب والتعامل معها لأنهم يتعاملوا مع جزء من السكان، مُوضحة، أن التنظيم المتطرف بوكو حرام في نيجيريا له قدرة علي إختراق الدولة نفسها بما فيها المؤسسة العسكرية وهو ما يزيد من صعوبة المُشكلة علي مواجهة هذا التنظيم المُتطرف مُضيفة ، أن بالنسبة للعوامل البيئة المُرتبطة بتغيير المناخ فلدينا بالقارة جفاف في بحيرة تشاد مؤثر علي خمس دول أفريقية بهذه المنطقة وهو ما أدي إلى هجرة قسرية، وأن العوامل الأخرى الغير منظورة هي عامل الثقافات المحلية في إفريقيا والصراع علي الموارد وحالة الدولة الوطنية التي صممت حدودها بشكل يجعلها غير مستقرة ، بسبب أن مؤتمر برلين ١٨٨٥ خص مناطق النفوذ للدول الكبرى في إفريقيا وبعض دول العالم دون إعتبار للواقع المحلي والطبيعية الجغرافيا القَبلية فيها، وهو ما ترك ١١١ خلاف حدودي في القارة الإفريقية بعضها تم حله و البعض الأخر مازال قائم، وهو ما يشكل حالة من عدم الإستقرار وترتب عليه أن الدولة الإفريقية نتيجة لعدم التماثل بين الحدود و الجغرافيا الإجتماعية أصبحت تعاني داخلها من خلافات عِرقية وقَبلية حادة وهو ما أضعف من قدرات وعافية الدولة الوطنية والنظام العام.

وأدرت ندوة الحلقة النقاشية أ. د. هالة أحمد الرشيدي أستاذ مساعد العلوم السياسية والقانون الدولي بكلية ومدير المركز.