جريدة الديار
الخميس 9 مايو 2024 06:52 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

اليوم إنعقاد القمة الإيطالية الإفريقية لمواجهة الهجرة الغير نظامية ب ٣ مليون يورو !

تفتتح جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية اليوم القمة الإفريقية الإيطالية في إطار تعزيز التعاون والشراكة بين إفريقيا وإيطاليا، ومن المنتظر أن يحضر القمة في العاصمة الإيطالية المُنعقدة في روما لمدة يومين أكثر من 50 وفدًا، معظمهم من البلدان الإفريقية، ومن المتوقع حضور موسي فقي محمد رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي والرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس موريتانيا محمد ولد الغزواني، و رئيس وزراء ليبيا عبد الحميد الدبيبة، ورئيس كينيا ويليام روتو زعماء الإتحاد الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، ورئيس المجلس شارل ميشيل وممثلين عن وكالات الأمم المتحدة والبنك الدولي الذين سيحلون ضيوفًا مساء اليوم على حفل العشاء الذي سيقام في قصر كويرينالي مقر الرسمي لرئاسة الإيطالية، والقمة كان من المقرر عقدها في بداية نوفمبر 2023، ولكن تم تأجيلها بسبب أحداث غزة.

وستعرض القمةً خطة إيطاليا الإستراتيجية التي تهدف إلى إعادة النظر في نهج إيطاليا تجاه القارة الإفريقية، وتطبيق الخطة التي أطلق عليها اسم "خطة ماتي"، نسبة إلى السياسي اليساري إنريكو ماتي مدير عام شركة إنيي عملاق النفط في إيطاليا والذي توفي في حادث إنفجار طائرة مدير عام ١٩٦٢ والذي دعا في الخمسينيات من القرن الماضي إلى دعم إيطاليا لحكومات شمال إفريقيا لتنمية إقتصاداتها وتطوير مواردها الطبيعية، وبعد مرور سبعين عاما، تعيد رئيسة الوزراء الإيطالية عرض خطة ماتي، بهدف تجديد نهج إيطاليا تجاه القارة الإفريقية مرة أخرى.

وتنص "خطة ماتي" لإفريقيا، أن الهدف هو تأمين إمدادات الإتحاد الأوروبي من منتجات الطاقة وتسريع تنمية البلدان الإفريقية، ولإبطاء تدفقات الهجرة نحو أوروبا، وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية قدمت خطتها من أعلى منبر الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي بإعتبارها كما قالت، بديلا جديًا لظاهرة الهجرة الجماعية، إلى النظر إلى إفريقيا على قدم المساواة، بعيدًا عن منطق الخيرية أو الأبوية أو الرفاهية، وتعميق الشراكات القديمة وإقامة شراكات جديدة في إفريقيا، ومراعاة مصالح كافة الأطراف المعنية.

وترتكز الخطة على الحاجة الضرورية المُلحة لتعزيز مهام إدارة التعاون بين إيطاليا والدول الإفريقية، من أجل تعزيز التنموية الإقتصادية وبالتالي إيجاد حلول للهجرة غير الشرعية.

وتتبنى الحكومة الإيطالية "خطة التنمية والمرونة من أجل إفريقيا"، وهي بيان سياسي من سبع نقاط للقارة، ينتظر أن يصبح منصة يمارس الدبلوماسيون الإيطاليون من خلالها الضغط على مختلف وكالات الأمم المتحدة للحصول على ترجمة عملية لهذا الإتجاه السياسي، ومن بنود الخطة بناء مراكز مؤقتة تشرف عليها الأمم المتحدة في البلدان الإفريقية التي تنطلق منها القوارب لإنشاء قنوات للهجرة النظامية وإعادة المهاجرين غير النظاميين إلى وطنهم، وتدريب الصحافيين الأفارقة لرفع مستوى الوعي لدى أولئك الذين يعتزمون الهجرة، وذلك بشأن مخاطر الطرق غير القانونية.

وتعود فكرة الخطة إلى وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني بالتعاون مع ميلوني، وتتعلق النقطة الأولى منها بالتعهد بتمركز مجموعة السبع القادمة على القارة الإفريقية، أما الثانية فتتعلق بدول الساحل مركز زعزعة الإستقرار.

وبحسب تاجاني، فإن القمة "ستكون على غاية من الأهمية لأننا سنطرح خلالها على طاولة الحوار قضايا ذات أولوية بالنسبة لنا، وتتعلق بمساعدة الدول الإفريقية على إدارة حدودها والعمل على التنسيق من أجل الحد من الهجرة غير النظامية والتجنيد معًا لمحاربة ظاهرة الإتجار بالبشر وقطع الطريق أمام مُنظمي الهجرة غير النظامية".

ومن المقرر أن تبلغ تكلفة الخطة حوالي 3 ملايين يورو سنويًا ومدتها أربعة سنوات، والهدف هو تعزيز التعاون في مجال الطاقة مع البلدان الإفريقية ومساعدتها في مجالات مختلفة بما في ذلك الصحة والتعليم والعديد من القطاعات الأخرى، وان كان الهدف الرئيسي لها الغير المعلن وهو مُعالجة الأسباب الإقتصادية الجذرية للهجرة الجماعية من إفريقيا، وتتعرض الخطة لإنتقادات لإنها تفتقر إلى إستراتيجية واضحة.

وفي إطار رئاسة إيطاليا لمجموعة السبع هذا العام، تهدف إلى جعل التنمية الإفريقية موضوعا رئيسيًا لتعزيز نفوذها في القارة حيث تعمل القوى العالمية مثل الصين وروسيا والهند على توسيع نفوذها السياسي.

وتسعى رئيسة الوزراء الإيطالية ميلوني، التي تولت منصبها في عام 2022، إلى برنامج مناهض للمهاجرين، وإلى جعل إيطاليا حلقة وصل حاسمة بين إفريقيا وأوروبا، وعلى الرغم من الوعود بوقف قوارب المهاجرين من شمال إفريقيا، إلا أن عمليات الإنزال في إيطاليا إرتفعت في عهد ميلوني، من حوالي 105 ألف مهاجر في عام 2022 إلى ما يقرب من158 ألف مهاجر في عام 2023، وتقوم إيطاليا بتدريب خفر السواحل الليبي والتونسي كجزء من مُبادرة الإتحاد الأوروبي.

وتهدف خطة ماتي أيضًا إلى مُعالجة ما يسمى بعوامل الدفع وإقناع بلدان المنشأ بالتوقيع على إتفاقيات إعادة قبول المهاجرين الذين تم رفض السماح لهم بالبقاء في إيطاليا.

وحتى الآن، أصدرت الحكومة الإيطالية مرسومًا يقضي بصرف 3 ملايين يورو لإنشاء هيكل لإدارة الخطة، ومن المعروف أن "Palazzo Chigi " بالاتزو تشيجي مقر الحكومة الإيطالية في روما سيكون هو المسئول الأول عنها، وقد تجاوزت ميلوني رئيسة للوزراء الإيطالية الأدوات المُستخدمة تقليديًا والتي يمكن القول إنها أفضل تجهيزًا مثل وزارة الخارجية الإيطالية بالإضافة إلى الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي وأدوات البرمجة والتنسيق التي وضعها قانون التنمية، وسيستغرق الهيكل الجديد لخطة ماتي ستة أشهر على الأقل لبدء العمل، وفي هذه الأثناء تظل إستراتيجيتها وأهدافها وتمويلها غير معروفة.

وفيما يتعلق بالتمويل، تواجه إيطاليا ميزانية صعبة والموارد شحيحة بشكل عام، ولكن من دون المال، لا يمكن القيام بأي شيء، وخاصة سياسة ملموسة تجاه 23 ضعف عدد سكان إيطاليا، فلقد شاركت البلدان الإفريقية في العديد من مؤتمرات القمة الدولية على مدى العقدين الماضيين، بداية من منتدى التعاون الصيني الإفريقي، الذي دخل عامه الثامن الآن، إلى الشراكة بين إفريقيا والإتحاد الأوروبي، حيث وعدت بخطط مساعدات كبيرة.

وفيما يتعلق بالإستراتيجية، تشير تصريحات رئيس الوزراء الإيطالية إلى أن خطة ماتي تهدف إلى تحفيز الإستثمار في القارة، مع التركيز على إمدادات الطاقة، في حين تواجه إيطاليا تحديات محتملة في حشد الدعم من الإتحاد الأوروبي، الذي قدم حزمة خاصة به بقيمة 150 مليار يورو لإفريقيا في عام 2022، فقد خصصت حكومة ميلوني حتى الآن مبلغًا متواضعًا قدره 2.8 مليون يورو سنويًا لخطة ماتي من عام 2024 إلى عام 2027، ومع ذلك، وفقًا لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية، تسعى ميلوني إلى إستثمار أربعة مليارات يورو في بعض الدول الإفريقية وهي الجزائر وليبيا وساحل العاج وتونس وإثيوبيا خلال السنوات الخمس إلى السبع المُقبلة، وبحسب ما ورد تحاول رئيسة الوزراء اليمنية إقناع الإتحاد الأوروبي وشركتي الطاقة الإيطالية إيني وإينيل، اللتين لهما مصالح إستراتيجية في القارة بالمشاركة، وإلى تحسين الصفقة، وستضمن ميلوني في المُقابل دعم المحافظين الأوروبيين (مجموعة ECR) لإعادة إنتخاب فون دير لاين رئيسة للمُفوضية الأوروبية،وقد منح تخفيضات ضريبية سخية لشركات الطاقة ، وتم تخصيص الأموال لتمويل البنية التحتية والتعليم وتحسين مهارات القوى العاملة وتطوير هافي إفريقيا، إلى جانب بناء نقاط ساخنة للفحص المُسبق للمهاجرين على ساحل شمال إفريقيا.

ويري معارضي الخطة في إيطاليا أن هذه الرؤية تبدو رؤية قديمة إلى حد ما، فالبدء بسياسة الإستثمار في الطاقة الأحفورية الإفريقية مع الضغط على الإقتصاد الإيطالي لحمله على التخلص من الوقود الأحفوري يبدو غير متسق، ويتطلب المزيد من التفكير المدروس، ويشير منتقدي لخطة ماتي أنها ينبغي أن تركز على تطوير المزيد من إمدادات الطاقة النظيفة والتي تعود بالنفع على إيطاليا والدولة الشريكة لها، على غرار صفقة الهيدروجين الأخضر الجديدة التي أبرمها الإتحاد الأوروبي مع ناميبيا على سبيل المثال، وأنه في غياب الموارد الكافية، فإن الخطة الإيطالية سوف تتضاءل بسرعة، ولتجنب الظهور بمظهر غير الجدير بالثقة، فإن إهتمام روما المُعلن بالقارة لابد أن يكون مدعومًا بمخصصات مناسبة من الميزانية، فيجب على ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية، التي من بين مبادراتها خفض أموال التعاون في مجال المساعدات الخارجية في ميزانية 2023، أن تمنح إيطاليا بدلاً من ذلك برنامج مخصصات متعدد السنوات يسمح للبلاد بالوصول إلى هدف الأمم المتحدة المتمثل في تخصيص 0.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمساعدات التنمية بحلول عام 2030

ومن المتوقع أيضًا أن تشمل خطة ماتي مُبادرات في مجال الأعمال الزراعية الإفريقية، تشمل شركات النقل والأشغال الكبرى الإيطالية، مع الحفاظ على التركيز الأساسي على الإستثمار في الطاقة، وتهدف ميلوني إلى جعل إيطاليا بوابة للطاقة، خاصة بالنسبة للغاز الطبيعي، حيث تسعى الدول الأوروبية إلى تقليل إعتمادها على الغاز الروسي بعد غزو أوكرانيا عام 2022، ومع ذلك، يرى الخبراء الإيطاليين أن الخطة تبدو شديدة التركيز على الوقود الأحفوري، وقد أثارت منظمات المجتمع المدني الإفريقية مخاوف، مُحذرة من أن الخطة قد تعطي الأولوية لوصول إيطاليا إلى الغاز الأحفوري في إفريقيا وإستغلال الموارد الطبيعية، مما قد يؤدي إلى إهمال القضايا المناخية المُلحة، وفي الوقت نفسه، ستستمر روما في غض الطرف عن إنتهاكات حقوق الإنسان وإحترام سيادة القانون في البلدان المعنية.

وقال جيامباولو سيلفستري الأمين العام لمؤسسة AVSI، إن أحد الجوانب الإيجابية لخطة ماتي هو رؤيتها طويلة المدى فنحن لا نتعامل مع حالة الطوارئ الفردية كما هو الحال في حالة المهاجرين الوافدين ولكننا نتحدث عن إستراتيجية طويلة المدى، مُتابعًا "إذا أردنا العمل على إستراتيجية تجمع المصالح الإفريقية والأوروبية معًا، فأحد الأمثلة على ذلك هو الطاقة، لأن إفريقيا من المُحتمل أن تكون منتجًا ضخمًا للطاقة وأوروبا لديها مشكلة في إمدادات الطاقة.

وإيطاليا لا تستطيع أن تكون غامضة بشأن سياستها تجاه إفريقيا فنحو 40% من غازها يأتي من المنتجين الأفارقة، وهذا الرقم من المتوقع أن يرتفع، وكان تدخل إيطاليا في منطقة الساحل وشمال إفريقيا للتخفيف من عدم الإستقرار المتزايد، وعلى الرغم من أن 80% من الوافدين غير النظاميين إلى إيطاليا قادمون من موانئ شمال إفريقيا، إلا أن محاولات روما للتعاون في مجال الهجرة باءت بالفشل إلى حد كبير.

ويحذر الخبراء من ضرورة هيكلة المُبادرة بحيث تستمر، فإيطاليا التي إشتهرت بعدم الإستقرار السياسي المزمن، فيقول جيوفاني كاربوني، رئيس برنامج إفريقيا في معهد الدراسات السياسية الدولية (ISPI) في حين أن الطاقة قد تكون الجزء الأكثر أهمية في خطة ماتي و "ميلوني تستثمر رأس مالها السياسي فيها بسبب الهجرة في الغالب.

وتساءل كاربوني عما إذا كانت الحكومة لديها المعرفة أو الخبرة التنموية الإفريقية اللازمة لإنجاح الخطة، وقال كاربوني: "لدى إيطاليا علاقات وثيقة نسبيًا مع دول البحر الأبيض المتوسط مثل تونس وليبيا وجزئيًا الجزائر ومصر أيضًا، ولكن بشكل أقل مع إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والتي يجب أن تكون في قلب خطة ماتي".

و"تمتلك إيطاليا في المقام الأول شركات صغيرة ومتوسطة الحجم، وسيكون من خطوة كبيرة بالنسبة لها التفكير في الإستثمار في ما يُنظر إليه على أنه بلدان نائية للغاية وغالبًا ما تكون مثيرة للمشاكل".

وأضاف كاربوني، أن رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماتيو رينزي تطلع أيضًا إلى أسواق إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في الفترة من 2014 إلى 2016، "لكن ثبت أن الأمر صعب للغاية".

وعلي صعيد أخر، قد تعطي الخطة الأولوية للمصالح الأوروبية على التنمية الإفريقية، ومن غير المُرجح أن تختفي أزمات المناخ والطاقة، وعدم الإستقرار السياسي، والهجرة غير النظامية في أي وقت قريب.

وعندما تقوم الحكومة الإيطالية بملء تفاصيل خطة ماتي، فمن الأفضل أن تحول سياستها في إفريقيا من رد الفعل إلى العمل من خلال تعزيز التعاون مع العواصم الإفريقية لمُعالجة هذه المصالح المُتبادلة الطويلة الأجل.

وفي الماضي كان النهج الذي إستخدمته إيطاليا، والغرب بشكل عام، يقوم على إجراءات الإحتواء، وليس على أساس المصالح المُتبادلة أو التعاون على قدم المساواة، ويتذكر العديد من الأفارقة هذا بازدراء، ومما يساعد على ذلك حقيقة مفادها أن إيطاليا لم تعالج قط ماضيها الإستعماري على النحو اللائق وتجاهلت إلى حد كبير مسئوليتها الأخلاقية عن تصحيح الأخطاء في المُستعمرات السابقة، ويشكل عدم الإدراك المنتشر أرضًا خصبة لميلوني لتأطير خطة ماتي بإعتبارها خطة غير مستغلة لنظيراتها الإفريقية، على الرغم من عدم وجود أدلة تثبت ذلك، وبدلاً من ذلك فإن نجاح المبادرات الجديدة بين إيطاليا والقارة الإفريقية يتطلب وعياً تاريخيًا عميقًا وبصيرة حادة في التعامل معها.

ومع ذلك، فإن العديد من البلدان الإفريقية التي ترتبط بها إيطاليا بشكل أكبر سواء كان ذلك من خلال مجتمعات المهاجرين، مثل السنغال، أو من خلال المشاركة التاريخية مثل إثيوبيا وموزمبيق تحتاج إلى أكثر من مجرد صفقات الطاقة، فالواقع يقول أن بعض البلدان في منطقة الساحل وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي تظهر إشارات متزايدة للصراع الداخلي، وفي مثل هذه الحالات، قد يكون من الصعب الحصول على إستثمارات خاصة في أسواق الطاقة في منطقة الساحل، التي شهدت ثمانية إنقلابات في السنوات الثلاث الماضية، وكذلك إفتقار الدولة إلى القدرة على تسهيل وتنفيذ مثل هذه الصفقة.

ويجد الإيطاليين من منتقدي الخطة الإستراتيجية الإيطالية في إفريقيا أنه لا يمكن أن تكون هناك سياسة إيطالية تجاه إفريقيا بدون أوروبا أو ضدها، وإن مشروع إيطاليا العظيم من أجل إفريقيا لا يمكن أن ينجح إلا بالتعاون مع مشاريع الإتحاد الأوروبي للوساطة وتحقيق الإستقرار في إفريقيا، وفي هذا الصدد، يتعين على الحكومة في روما أن تقود المزيد من الإلتزامات عبر المُفوضية الأوروبية لتعزيز جهود الوساطة في الصراعات الإفريقية، وأن تنسيق جهود الوساطة يتطلب التمويل، والمثابرة، والعلاقات الجيدة مع العواصم الأوروبية الأخرى بدءًا من باريس والإلتزام السياسي المُستمر، بدلاً من الأفكار العامة التي قد تختفي بعد الحملات الإنتخابية.

وميلوني ليس أول رئيس وزراء إيطالي يركز على تعزيز العلاقات مع إفريقيا، ففي عام 2007، كان رومانو برودي أول رئيس وزراء إيطالي يزور الإتحاد الإفريقي، وفي وقت لاحق، ضاعف ماتيو رينزي جهوده، وبين عامي 2014 و2016، أعلن عن إفتتاح خمس سفارات إيطالية جديدة في القارةالإفريقية، ووافق على قانون جديد بشأن مساعدات التنمية، وقام بزيارة سبع عواصم إفريقية بهدف تحفيز التعاون والإستثمار وتوثيق العلاقات.

ومع ذلك، على عكس رؤساء وزراء ايطاليا السابقين، تبدو أن ميلوني أدركت أنه لكي تؤتي المشاركة الإيطالية في إفريقيا ثمارها من حيث النفوذ، ولن يمكنها القيام بذلك إلا من خلال إستراتيجية مُتعددة السنوات مدعومة بأدوات سياسية محددة.