جريدة الديار
الخميس 18 أبريل 2024 09:17 مـ 9 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

«محمد خليفة »يكتب: اهل الكهف ...السبعة النائمين والملك الظالم!

محمد خليفة
محمد خليفة

ذكرت قصة أصحاب الكهف، فى الكتاب المقدس بمسمى السبعة النائمين، وتدور عن عدد من المؤمنين آمنوا بعبادة الله الواحد، وتركوا عبادة الأوثان، وذلك فى عهد الاضطهاد المسيحى، فى ظل حكم الحاكم الرومانى "ديقيانوس" ..

الرواية الإسلامية لم تختلف كثيرًا مع نظيرتها المسيحية، سوى إنها لم تذكر عدد الشباب النائمين داخل الكهف، ولا أسماءهم، ذلك وفقا للنص القرآنى بسورة الكهف كما جاء فى قوله تعالى :" سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا "

ومع الاختلاف فى عدد أصحاب الكهف، اختلف المؤرخون أيضًا حول موضع ذلك الكهف الذى ضم هؤلاء المؤمنين الذين هربوا من بطش الملك "ديقيانوس" الظالم، والذى لم تذكرمكانه الروايات والنصوص الدينية، فالبعض قال إن الكهف الموجود بقرية الرجيب، بالمملكة الأردنية الهاشمية، بينما يقول البعض انّهٌ بتركيا ..

فما هى الحقيقة، وكيف تناول المؤرخون موضع الكهف؟!

كانت هناك قرية مشركة، ضَلَّ ملِكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع الله مالا يضرهم ولا ينفعهم. عبدوهم من غير أى دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء. ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها. في هذا المجتمع الفاسد، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء، قلة قليلة حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير خالقها، الله الذي بيده كل شيء.

فتية، آمنوا بالله، فثبتهم وزاد في هداهم، وألهمهم طريق الرشاد. لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلاً، ولم يتوجب عليهم تحمّل ما يتحملهٌ الرسل في دعوة أقوامهم، إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، وطلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله، ثم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه، فالقرية التى كانوا من سكانها فاسدة، وأهلها ضالون. عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذاً لهم، خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة الواسعة، للكهف الضيق، تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا.

زهدوا في الأسرّة الوثيرة، والحجرات الفسيحة، واختاروا كهفاً ضيقاً مظلماً، إنَّ هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه، ويرى الكهف قصراً، إن اختار الله له الكهف، وهؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، وإنما خرجوا طمعا في رضى الله. وأى مكان يمكنهم فيه عبادة الله ونيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التى خرجوا منها.

استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسهم... وهنا حدثت معجزة إلهية .

لقد نام الفتية ثلاثمائة وتسع سنوات او اكثر. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول النهار ولا فى اخره .

وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجسادهم. فكان من ينظر إليهم يشعر بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم.

بعد هذه المئات الثلاث من السنين ، بعثهم الله مرة أخرى.

استيقظوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم.

فتساءلوا: كم لبثنا؟!

فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم!

لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة...

المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم. فأخرجوا النقود التى كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاماً طيباً بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد، فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية التى كانوا يعيشون فيها، إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت.

خرج الرجل المؤمن متوجهاً للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيّرت البضائع والنقود. استغرب! .. كيف حدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صعبا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التى يحملها. لقد آمنت المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح يحكم المدينة ...

الحلقة القادمة إن شاء الله نعرف من خلالها ماذا حدث بعد أن جاء الحاكم الصالح الذى كان على دين عيسى عليه السلام.