الثلاثاء 19 مارس 2024 05:09 صـ 9 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

عبدالعزيز محسن يكتب :اللغز..الجامعات ومحاولة اللِحاقِ بـ« الجيل الرابع »

عبد العزيز محسن
عبد العزيز محسن

لم ينضب الحديث عن إصلاح التعليم العالي فى مصر على مدار أكثر من مائة سنة على الأقل.. فمنذ ثورة 1919م .. لم يَكُف الحلم فى مجتمع أعدل عن مداعبة نفوس المصريين، ولم يَكُف كذلك واقع التدنى والتشوه والتظالم، بل الفشل الإداري عن محاصرة ذلك الحلم وقتله.. أو لعله تجويد الحمقى هو ما قتل الحلم!!.

و اختلفت العناوين لذلك الإصلاح على مدى تلك السنين وإن بقى جوهر الإصلاح المروم من المجتمع الاكاديمي واحدًا.. يكمن فى «العدل» وليس غيره.. بقى جوهر الحلم فى «منطق عادل» يحدد الأكثر أهلية لتولى السلطة.. ويُغيِّبُ أىّ شكل من أشكال التمييز لطبقة وظيفية أو دين أو جماعة نفوذ.

ولكن والأهم بقى جوهر الحلم فى «مشروع أجور» ينحاز للموظف ويضمن له الحد الأدنى من الكرامة والحد الأوفر من حرية التحقق لحلمه الشخصى فى إطار حلم وطن ينتمى إليه..

اختلفت العناوين فمن «الإصلاح الإداري» للموظفين عنوانًا، إلى « التحول الرقمي ».. ومن «جامعات الجيل الثالث » إلى جامعات الجيل الرابع عنوان ثالث، إلى مصادرة الجامعات واحتكارها باسم «التنافسية » عنوان رابع.. ثم وأخيرًا وفقًا «لخصوصية» الجامعات الدولية عنوان خامس..

ويبدو أن «متلازمة الخصوصية» تُطل من جديد على يد المُنذرِين بإصلاح التعليم العالي الآن.. وكأن تلك المتلازمة تأبى إلا أن تعيد الاستقلال عنوانا.

ما هى الجامعة..؟! التى يَحتَكِرُ الحديثَ باسمها البَعضُ.. والتى يَطمَحُ فى حُنوها البَعض.. والتى يتاجر بها البَعضُ.. ويتاجرايضا فيها البَعضُ..؟!

هل هى الطالب والأستاذ والموظف.. المراسم والشعارات والمناسبات والصور.. الترنم من أجل وجه شاحب مترهل.. لا يتفاعل مع الحياة ولا يضيف إليها.. يملأ جسده المتهالك فراغ الأيام.. يقتل الأيام بالأيام.. أو يهرب من الأيام بالأيام..؟!

هل هى مؤسسةٌ تُجَسِّد السطوة والتَسَيُّد..؟!

هل هى أوهام العلو فى الأرض وجموح طموح الاستئثار بالمجد..

مفتاح كل ما يجرى حولنا - ويجرى علينا - مرهونٌ بأى معنى نعتنق ونُقِرُّ.. وتتحدد أفكارنا وخطواتنا على إثره..

فماذا يُرادُ للعاملين بالجامعات..؟! السؤال الأكثر حضوراً وإلحاحاً في هذه الفترة والأكثر ملاءمة

ماذا يريد العاملون بالجامعات ؟

سؤال الذى لا يملك أحد منَّا أن يزعم علماً فيه.. قبل أن يسأل-في البداية- عن أى عاملين في الجامعات.. وعن أى جامعة يتحدث..؟!

عن جامعات العاصمة أم الأقليمية..؟!

عن شباب العاملين أم شيوخهم .. عن أساتذتهم أم موظفيهم..؟!

عن أصحاب السيادة باسم السُّلطة.. أم عن أصحاب السيادة باسم مِلكية القرار..؟!

عن مطحونيهم ملتمسى النجاة من العوز والفقر.. أم عن مستوريهم ممن دُكَّت عظامهم فى طلب الستر.. أم عن المزايدين بفقر أولئك والمتاجرين بستر هؤلاء..؟!!

عن حُلمٍ مُلَقَّن.. ومُختَزَل فى خطاب دِعائى للعاملين من الأنظمة الإدارية والنقابات.. يُفرَض عليهم فرضاً.. ويُقهَرون على التسليم بجدواه، بل الإقرار بسعادتهم به..!

عن أسوياء يطمحون فى عمل يكون فيه العِزُّ والسَّكينةُ والتعايش الكريم.. أم عن مُعوَجِّى فِطرة يظنون أنهم يملكون السلطة والمال وحدهم؟!

هذه الاسئلة على تعقيدها.. ليست سوى مفتاح لأى جهد مخلص يعيننا على قراءة ما استغلق علينا من مستقبلنا.. أو تعامينا عليه قاصدين..!