جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 02:12 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الأجيال العربية الأوروبية ....

د. إبراهيم عبدالرحمن الشرقاوي
د. إبراهيم عبدالرحمن الشرقاوي

يلاحظ الزائر للمدن الأوروبية خاصة الكبيرة منها كلندن وباريس وروما أن الأوربيين من أصل عربي في ازدياد ، حيث تشعر بتواجدهم الكثيف في هذه المدن من خلال الأعمال التي يمارسونها .

من خلال نقاشاتي المتكررة معهم وجدت أن العرب من الجيل الثاني أو الثالث لا يعرفون اللغة العربية ولا يستطيعون التحدث بها أما الجيل الأول فما زالوا يجيدون العربية وإن بدأوا يفقدونها رويداً رويدا .

التقيت برجل عربي يدعى إدريس في الثانية والستين من عمره هاجر من المغرب إلى باريس مع أسرته في الثالثة من عمره يتحدث العربية إلا أنه يعجز عن التعبير لدى محاولته استخدام بعض المفردات ويستخدم عوضاً عنها اللغتين الفرنسية أو غالبا الإنجليزية في حواره معي ، وقد ذكر لي أن لديه ولدا وبنتا لا يعرفان شيئا من اللغة العربية وألقى باللائمة على عدم توفر المدارس التي تعنى بتدريس اللغة العربية التي وإن وجدت إلا أنها لا تكفي أعداد الفرنسيين من أصل عربي الذي يجاوز عددهم السبعة ملايين نسمة من إجمالي سكان فرنسا .

أما حبيبة وهي إمرأة فرنسية من أصل تونسي هاجرت من تونس وهي طالبة في كلية الحقوق آنذاك لتكمل دراستها القانون في إحدى جامعات باريس ، تجيد اللغة العربية وهذا عائد لكبر سنها عند هجرتها لفرنسا من جانب ولدراستها القانون الذي يتطلب لغة جيدة من آخر ، فتقول : إن حبها للغة العربية جعلها تحرص وتخصص الكثير من الوقت لتعليم أبنائها اللغة العربية سواء في المنزل أو من خلال بعض المعلمين المتوافرين لتدريس اللغة العربية وهذا ما جعل أبناءها يتقنون اللغة العربية لأنها تعتبر العربي الذي لا يجيد اللغة العربية لا يمت للإسلام بصلة إلا من خلال اسمه ، إلا إنها في الوقت نفسه تعتبر الحياة في باريس صعبة وتتطلب مشقة من جميع أفراد الأسرة لتوفير سبل الحياة الكريمة وهذا بدوره يعرقل تكريس الوالدين وقتا لتعليم الأبناء اللغة العربية التي تتطلب جهدا أيضا لتحقيق النتيجة المرجوة ، كما إن بعض الأسر تريد لأبناءها التحصيل الدراسي الأمثل المتحقق في نظام التعليم الفرنسي وعلى هذا الأساس فإن تدريس الأبناء اللغة العربية قد يشوش على تحصيلهم العلمي الذي يعتمد اللغة الفرنسية ، وفي الوقت ذاته تؤكد على أن الكثير من أبناء العرب في فرنسا خاصة وأوروبا عامة من المتسربين من التعليم النظامي فلا يكملون تعليمهم ويكونون من أبناء الشوارع ، ولذا نجد أعدادا كبيرة منهم ممن التحقوا بالمنظمات الإرهابية كداعش وغيرها التي يجهلون أهدافها فهم لا يمتون للإسلام بصلة إلا من خلال أسمائهم ، فهم في الأصل من المتسكعين في الشوارع ومرتادي الخمارات والنوادي الليلية ومتعاطي المخدرات .

وفي الوقت ذاته التقيت ببعض الآسيويين من الهنود والبنغال وأحد الأكراد وسألتهم ما إذا كانت الأجيال المتعاقبة من مواطنيهم الذي هاجروا يجيدون لغتهم الأم من عدمه ، كانت إجابتهم لي صادمة عندما استغربوا سؤالي وقالوا : بالطبع إنهم يجيدونها .

هذه الإجابة أثارت فضولي وجعلتني أتساءل كيف استطاعوا الحفاظ على لغتهم الأم جيلاً بعد جيل ، فأكدوا لي أن لغة بلد المهجر يكتسبها الأبناء من خلال المدرسة ومع أصدقائهم حيث يتواجدون أما في المنزل وبين أفراد الأسرة ومع الأقارب لا يتم استخدام لغة أخرى غير لغة الأم ، فضلا عن تكوين مجاميع من الأبناء يشرف عليهم بعض المختصين لتدريسهم اللغة الأم من خلال مساهمات مادية رمزية تكون في مقدرة الجميع .
مازلت أجهل لماذا يستهين العرب بلغتهم لغة الضاد لغة القرآن الكريم ؟! اللغة التي لا تقارن بأي لغة أخرى في كمالها وروعتها ومرونتها وتعبيراتها واتساعها وثراءها .

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل