جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 07:36 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

جرجس إبراهيم يكتب: «تواضروس».. الراهب المقاتل

ظللت أتتبع منذ فترة حملة الهجوم المنظم على الكنيسة ومعتقداتها، وشخص البابا تواضروس الثاني والذى هو أحد أهم الرموز الحية في كنيستنا، وهي حملة تستهدف بالدرجة الأولى تصدير صورة سيئة عن شخص البابا تواضروس كعقاب له علي مواقفه الوطنية ودوره في دعم الوطن للخروج من أزمته وكبوته.

ورغم كل هذا الهجوم علي شخص البابا تواضروس لكنه مازال متحمسا لرفع شأن الكنيسة المصرية ووضعها مكانة أفضل تليق بها، وتحويلها إلي مؤسسة قادرة علي التفاعل مع العصر ومع العالم فهو إمتداد لجيل الرهبان المتحمسين الذين لقوا قسطا وافرا من التعليم.

وقد لاحظت من خلال تتبعي لمن يسخرون امكانياتهم للهجوم علي الكنيسة ورمزها البابا تواضروس، أنه لا يدرك عدة حقائق، ومنها أن الكنيسة هبت عليها رياح التغيير واعطتها مجموعة من أسباب للتغيير، وكانت أبرز هذه العوامل هي أبناء الكنيسة في المهجر من الجيل الثالث والرابع الذين يحتاجون إلي إدارة كنسية تجيد فن التعامل مع هؤلاء الذين تربو وتعلموا في مجتمع غربي.

حيث يعتبر شخص البابا تواضروس ممن يملك الكثير من المقومات اللازمة للتعامل مع هذه الأجيال.

ورغم كل هذه الحملات التي لم يسبق لها مثيل من قلة تحاول أن تنصب نفسها وكلاء على الكنيسة حتي وصلت إلي مرحلة التشويه والتي تركز على شخص البابا وحده بشكل مباشر لا لبس فيه، لكنها تؤثر علي البابا فهو لديه قوة احتمال ومثابرة فهو راهب زاهد وارع، يدرك أن الإنسان الحكيم يعرف متى يتكلم ومتى يصمت.

فمنذ جلوس البابا تواضروس علي رأس الكنيسة وهو قادم بقوة اندفاع رهيبة يركز علي الخدمة والرعاية وبدأ نشاط الكنيسة يمتد إلي بؤر بعيدة، وراح يركز علي جانب توثيق الصلة بالكنيسة الوطنية المصرية وكنائس العالم، وحققت الكنيسة في عهده تواجد دوليا ملحوظا، فالبابا تواضروس أذكي من يقدر الآخرون، فهو أقرب إلي الالتزام بمقادير الدولة المصرية وليس كما يخطط الآخرون إلي شىء أخر ، فمن يهاجم الكنيسة أصبح يعيش في عزلة تامة مع الحقائق الموضوعية المحيطة به.

ومن المفارقات العجيبة أن تجد هذا التشابه الكبير بين شخصية البابا كيرلس الرابع «أبو الإصلاح» و «البابا تواضروس الثاني» ففي حبرية أبو الإصلاح بدأت الدولة المصرية في إلغاء الزمية من الأقباط كي يصبحوا مواطنين مصريين، وجاء قرار الوالي سعيد باشا بإلغاء الجزية بهدف تأسيس الدولة القومية المصرية، وأن إلغاء دفع الجزية كان تمهيداً لإلحاق الأقباط بالجيش.

وكانت تعاليم الكنيسة المصرية في تلك الفترة تؤكد حرمانية حمل القبطي للسلاح، حتى لو دفاعاً عن النفس، ولذلك استلزم القرار السياسي الجديد سلسلة إصلاحات في التعليم المسيحي ليمتثل الأقباط لقرار الدولة.

وهنا جاء دور البابا في تعديل المناهج المسيحية بحيث تتناسب مع حمل السلاح دفاعاً عن الوطن، وفي سبيل ذلك راح يغرس التوجهات الجديدة التي رأها الأصوليون آنذاك «هرطقة» عبر المدارس.

وفي حبرية البابا المقاتل تواضروس جاء القرار السياسي من الرئيس عبد الفتاح السيسي بإلغاء أخر القوانين الزمية، بإلغاء الخط الهمايونى، وصدور أول قانون يختص ببناء الكنائس لينهي قرون طويلة من الزمية.

من هنا جاء دور البابا تواضروس الثاني، فى أن يلعب دورا داعما للوطن وأن يخرج بالكنيسة للوطن والعالم المحيط، فهو شخصية تملك الخصائص والمقاومات الوطنية للعب هذا الدور، كما أن أحكام التاريخ والواقع تفرض علي بابا الكنيسة أن يعلب هذا الدور .