جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 11:18 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

”اول كرسي اسقفي بمحافظة المنيا“...”دير العسل“ يرجع تاريخه الي القرن الـ12 ويصل بين كنائسه ممرات أسفل النهر

دير العسل بالمنيا
دير العسل بالمنيا

"دير العسل" تحول من دير يضم 15 كنيسة الي كنيستان اثريتان "مارجرجس واباهور" يصل بينهما ممر تحت النهر

تعرف علي تاريخ اقدم الشوارع بالمنيا " الدرابة وابن الخصيب" وسبب تسميه المنيا بهذا الاسم

تتعدد المناطق السياحية والأثرية الهامة بمحافظة المنيا والتى تحمل مكانة كبرى لدى المواطنين ، الذين يطالبون بالاهتمام بها نظرا لمكانتها وقيمتها، مشيرين إلى احتوائها على عدد من الكنائس الأثرية ، منها كنيسة " مارجرجس" والتي ترجع للقرن الثاني عشر ، فلابد من تواجد تلك الكنيسة في الأيام المقبلة على الخريطة العالمية للسياحية، فلو كانت تلك الكنيسة التاريخية بأى مكان بأوروبا لتوافد عليها الملايين للزيارة والتبرك ".

ففي هذا التقرير توضح" الديار" معلومات تنشر لأول مرة عن هذه الكنيسة الأثرية فهي تعتبر اول كرسي اسقفي بمحافظة المنيا.. يذكر ان مدينة المنيا عرفت في العصر الفرعوني ب" منعت " وذلك باللغة الهيروغليفيه وهو اسم مختصر من" منعت خوفو " الذى ورد في نقوش مقابر بني حسن ( وهو اسم مرضعة الملك خوفو)، وبدأت هذه المدينة في اخذ مكانتها المرموقه بين مدن مصر منذ أن انتقل إليها الملك "اخناتون" عندما أدرك انه لا يمكنه الاستمرار في منطقة طيبة ( الأقصر حالياً) وهي العاصمة الاشهر في مصر الفرعونية.

فكان عليه الانتقال إلى مدينة جديدة تكون هي مركز الدعوة للاله "اتون" والذي يرمز إليه بقرص الشمس، لذلك فقد اسسها الملك "اخناتون" وانتقل إليها ليحكم مصر وكان يعيش في مدينة تل العمارنة ( كانت تلك الأحداث قبل سنه 3200 قبل الميلاد) وقد سميت مدينة المنيا في العصر القبطي باسم مدينة "موني" وهذا الاسم يعني " المنزل" ، اما عن مدينة المنيا حالياً فكانت مبنية علي إنقاض مدينة تسمي " اطمون" او" طمون " والتي تعني الدير وسميت بهذا الاسم لكثرة الأديرة المتواجدة بها ( طبقاً لما ورد في كتاب الخطط التوفيقيه عن الكتب الفرنساوية).


في القرن الرابع الميلادي كان يعيش علي الضفه الشرقية النيل القديس " اباهور البهجوري" في منطقة تدعي جبل العمود " قرية سواده حالياً" علي بعد خمسة كيلو مترات من الجهه القبليه الشرقيه من مدينة "موني " ( المنيا حالياً) ومن خلال تاريخ الكنيسة القبطية لسيرة القديس اباهور وجد انه تتلمذ على يد القديس ابافيس وهو من اهل " ادني" غربي النيل من أعمال الاشمونين.

وبعد نياحة القديس" ابافيس" تحول اسم المدينة من موني (المنيا حالياً) الي منية ابافيس لحب اهل المدينة لهذا القديس، وانتشار سيرته بها فاسموا المدينة علي اسمه، وكان القديس ابافيس هو أول من أسس حياة الرهبنة في الضفة الغربية للنيل وكان الدير الذي اسسه القديس وسكنه وعمره الرهبان من بعد نياحته يشغل مساحة واسعة وتتوسطه " بيعه مارجرجس" وهي كنيسة مارجرجس في مكانها الحالي بمدينة المنيا، ويسمى بدير العسل.

من خلال تلك الأسطر ترصد" الديار" معلومات عن دير العسل تعرف لأول مرة فهذا الدير سمي بهذا الاسم لانه كانت توجد به معصرة كبيرة لعصر قصب السكر وكان المسؤل عن المعصرة راهب يدعي الراهب سيمون" سمعان"، وكان هذا الراهب عابداً ناسكاً بالدير ورسم اسقفاً عليه فيما بعد وكان بقلايته نخيلاً مثمره كانت تعيش بها الغربان ومن اجل صلاحه وعطفه ألفت إليه الغربان وكانت تاكل من يديه " كما ذكر ابو المكارم"، وأيضا غرس الآباء كرماً كبيراً، حاليآ شارع درب الكرم بالمنيا، وأيضاً صنعوا عصارة كبيرة لعصر العنب " حالياً شارع درب العصارة بالمنيا".


ويقال ان في ذلك التوقيت كان يشتهر الدير بصنع الأباركة "عصير العنب" لمعظم كنائس واديرة مصر، وكانت تنقل عن طريق السفن التجارية التي ترسو علي شاطي الدير كما كان يوجد به معصرة لصنع الزيت الحار، وأيضا كان يوجد داخل الدير " جوسقين " ويعني الحصن لحماية الدير من هجمات البربر، كما قام الرهبان بحفر نفق يصل ما بين الدير من الضفه الغربية ودير القديس اباهور في الضفه الشرقية للنيل، وكان النفق يمر أسفل نهر النيل حتى يستطيعون الهرب من هجمات البربر.

( كنائس الدير)
يحتوي الدير على اربعة عشر كنيسة اشهرها اثنتان على اسم السيدة العذراء وكنيسة للملاك ميخائيل وكنيسة للشهيد مارجرجس والشهيد ابو سيفين واخرى للقديس ابافيس وكنيسة للقديس شنودة وكنيسة للقديس اكلوديوس الشهيد وكنيسة الاب هدرا.

"موقع الدير"

كان الدير موجوداً على شاطي نهر النيل من الضفة الغربية ويقابله من الضفة الشرقية دير القديس اباهور وكان مجاوراً لمنية ابن خصيب " منية ابأفيس" (كما ذكر في مخطوط تاريخ ابو المكارم وتاريخ الكنائس والاديرة في القرن 12).

سبب تسميه اسم شارع ابن الخصيب بهذا الاسم

روى ابو المكارم في كتابه " الديورة والكنائس" أن ابن الخصيب اسم رجل من اغنياء الاقباط أنشأ المدينة وبني فيها الدور والقصور وقطن بها جماعة من اهله وأتباعه وكانت تسمى في هذا الوقت" منيه بو فيس"، يذكر أن ابن الخصيب يعتبر من أقدم المناطق بمحافظة المنيا ومازال متواجد حتي الآن بهذا الاسم، وقال المقريزي ان بن الخصيب كان نصرانيا نزل في هذه البلدة هو وجميع عائلته وقد ذكر تقويم النشأة سنه 1613 للشهداء " منية بن خصيب القبطي وهو الذي بناها وسكن بها مع اهليته فغلب عليها اسمه"، وأشار دليل المتحف القبطي الي هذه المدينة بقوله منية بن خصيب انشأها نصراني يعرف بابن خصيب ووردت ببعض المخطوطات ( منية بن الخصيم) كتاب التاريخ لأبي شاكر بن الراهب وابن المقفع، كما جاء أيضا في مؤلفات العرب في بحث عنوانه" المنيا في العصر الإسلامي "، عن اصل تسميه المنيا حيث سميت بمنية بن خصيب ابو منية ابي الخصيب واستخرت باسم " المنية" وقيل ان كلمة منيه اختصار لكلمة أمنية لان الخصيب بن عبد الحميد صاحب خراج مصر في عهد هارون الرشيد كان قد تمناها لنفسه وقد أعطاه الخليفة إياها، وهذا القول ضعيف لاشتراك عدة بلاد في التسمية كمنيه القمح ومنيه النصر.

وكانت منيه بن خصيب تحتوي على عدة كنائس كما ذكر ابو المكارم وذكر المقريزي في الخطط المقريزية المسمي " المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" انه عند دخول الملك الناصر محمد بن قلاوون أحد أمراء العرب المولودين بالقاهرة بعد الفتح الإسلامي لمصر " في أواخر القرن الثالث عشر الميلادي" قام بهدم ستة كنائس من كنائس منية بن الخصيب، وهم كنيسة المعلقة " وهي كنيسة السيدة العذراء " وكنيسة بطرس وبولس وكنيسة ميكائيل وكنيسة بوجرج" مارجرجس " وكنيسة أنبا بولا الطموهي وكنيسة الثلاث فتية وهم حنانيا وعزل يا وميصائيل.

(اندثار الدير)
منذ أواخر القرن الثالث عشر الميلادي لم يعلموا اي شي عن الدير سوي ان العرب قاموا بتخريب كنائس منيه بن خصيب واديرة لليعاقبة "وهم المسيحيين الأرثوذكس نسبه القديس يعقوب البرادعي" في الجانب الشرقي للنيل ولم يتبقى منها سوي دير بوهور، اما عن الجانب الغربي للنيل فإنه كثير الديارات لكثرة عمارته ولم يذكر أي شي عن دير العسل وهذا يعني انه لم يكن موجود في هذه الفترة.

الدليل على عراقة وقدم كنيسة مارجرجس بالمنيا

كنيسة الشهيد مارجرجس يقرب بها القربان كل يوم في السنه وهذا يدل على أن الكنيسة متواجدة منذ القرن ال 12، وبعد ذلك ذكر المقريزي في كتاب له كتبه في القرن الخامس عشر ان من ضمن (الستة) كنائس بمنية بن خصيب التي خربها العرب كنيسة بوجرج ( كنيسة مارجرجس) وهذا يدل على أن الكنيسة كانت موجودة أيضاً في القرن ال15 وتم تخريبها وبعد ذلك وجد لوحة أثرية مكتوب عليها " المجدد بناءها سنه 1590" وذلك التجديد كان بسبب التخريب الذي حدث في القرن ال 15 علي يد العرب، وهذا وقد علمنا ان الكنيسة مبنية فوق جدران كنيسة اخري من القرون الاولي، ولم يكن هذا الكلام مأخوذا من الاقاويل المنتشرة بين شعب الكنيسة بدون دليل ولكننا بعد البحث والتحدث مع كاهن الكنيسة أكد لنا وجود اربعة ادلة علي وجود كنيسة أثرية أسفل الكنيسة المقامه حالياً.

فأشار القمص امونيوس ميخائيل لجريدة الديار بأن الدليل الأول لقدم الكنيسة انها تقام فوق ارض ترتفع قليلاً عن مستوى الارض المحيطة بها وهي علامة علي قدم العهد بها فليست مقامه علي تل صخري وانما علي ركام تجمع مع السنين فتكون منه ذلك المرتفع وهو ما يعرفه رجال الأثار ويميزون المناطق الأثرية عن غيرها، واكمل ان الدليل الثاني انه من عادة آبائنا الأولين حينما تتهاوي جدران احدي كنائسهم بفعل الزمن او بفعل شي اخر الا يهدموا انقاضها لأنها عزيزة عليهم ولأنها كرست بالميرون ودشنت بالعرق و الدموع، فكانوا يبنون فوقها ما يحل محلها وتعاقب البناء بعضه فوق بعض زمن بعد زمن،وأضاف القمص امونيوس ان الدليل الثالث لاقدمية الكنيسة ان من تقاليد الأولين ان يتحاشوا بناء مسكنهم علي الارض التي كانت تقام عليها الكنائس لاعتقادهم بأن الأرض ستعود إليهم "مهما طال الزمن" للغرض الذي كرست لأجله، وأضاف ان الدليل الرابع انه أثناء تجديد كنيسة مارجرجس بالمنيا سنه 1998 م خلال حفر الاساسات وجدوا ان عمدان الكنيسة ممتدة الي عمق كبير أسفل الأرض ومبنية علي عمدان قديمة وكذلك الجدران مبنية فوق جدران قديمة "وأكد ان هذا الكلام كده علموا به من أشخاص معاصرين لتلك التجديدات و رأو هذه الاعمدة باعينهم".

(موقع الكنيسة)
كانت الكنيسة تقع في وسط مدينة المنيا بالقرب من الضفة الغربية للنيل وتقع بين شارع درب الكرم من الجهة الغربية وشارع درب العصارة من الجهة الشرقية ومن الجنوب حي" الدرابة " وسمي بهذا الاسم لاضطهاد وضرب المسيحيين فيه، و الكنيسة مقلمة على مساحة 400 متر تقريبا.

"الكنيسة اول مقر لكرسي اسقفي بالمدينة"
كنيسة الشهيد مارجرجس بالمنيا هي أقدم كنيسة في المدينة فكانت مقر لكرسي الاب الأسقف، فجاء في كتاب الميرون " رقم 101 طقس" انه حضر الأنبا مرقس اول أسقف لمنية بوفيس والخصوص وقد دعا لهذا المجمع البابا يؤانس الثامن البطريرك ال 80 ( من سنه 1300 م الي سنه 1320 م) وعندما عقد المجمع الثاني لعمل الميرون سنه 1320 ذكر الأنبا مرقس ضمن الحاضرين بصفته أسقف منية بوفيس وانصنا وحسده موجود حتى الآن في دير القديس اباهور بسواده وكان مقر الكرسي كنيسة مارجرجس وبقيت الكنيسة مقراً للكرسي حتي 1889 م.

وفي عهد الأنبا ياكوبوس الثاني الذي رسم اسقفاً على الكرسي "سنه 1882 م" خدم معه الراهب بولس غبريال المحرقي الأنبا ابرام أسقف الفيوم والجيزة وبقي في المدينة لمدة 4 سنوات ورسم قساً بيد الأنبا ياكوبوس وأصبح وكيلا للمطرانية وحتي هذا الحين كان مقر المطرانية في كنيسة مارجرجس ثم عاد الي الدير، وفي سنه 1889 م وضع الأنبا ياكوبوس حجر الأساس لدار المطرانية الجديدة والتي كانت مثبت فوق باب بيعتها حجراً من الرخام مكتوب عليه " هذه الدار أحكام شريعة اسقفية كرسي المنيا والأشمونين" أنشأ هذا لمحل الأسقف الأنبا ياكوبوس 1605 للشهداء 1889 ميلادياً ومنذ ذلك الحين تم نقل كرسي الأسقف من كنيسة مارجرجس الي مقره الجديد بكنيسة مارمرقس بشارع التجارة بالمنيا.

(طراز مبنى الكنيسة)
"الطراز البازيليكي" وهو المتأثر بالفن الروماني وكانت مباني كنائسه تتميز سقوفها بالجمالون، فيغطي الهياكل وصحن الكنيسة جمالون من الخشب او القرميد كما في الكنيسة المعلقة بالقاهرة، و" الطراز البيزنطي" وهو المتأثر بروح الفن البيزنطي ( بيزنطية=قسطنطينية) ويتميز سقف الكنيسة فيه بالقباب ويكون تصميمها عادة علي شكل الدير الأحمر والدير الأبيض بسوهاج وكنيسة أجيا صوفيا بالقسطنطينية، وتجمع الكنيسة بين الطرازين معاً.

( أثريات داخل الكنيسة)
"حامل الأيقونات" وهو مصنوع من رخام المرمر الإيطالي واتي الي الكنيسة موضوعا على سفينة في نهر النيل ولم يكن قادم الي الكنيسة ولكن حدث ان توقفت السفينة على شاطي النيل أمام الكنيسة ولم تتحرك ثم تم أخذه وتركيبه وقد رسمت ايقونات الحامل سنه 1875 ميلادياً بينما يوجد ثلاث حوامل ايقونات في الجمهورية كلها بنفس الشكل والحجم ونوع الرخام وهم في الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية والثاني في كنيسة مارجرجس بالمنيا والثالث بكنيسة مارجرجس بالدير المحرق باسيوط - "المنارة" منارة الكنيسة بنيت في عام 1910 ميلادياً وهي المبني الوحيد الذي لم يتم تجديده حتي وقتنا هذا وتم دهانه فقط أثناء تجديدات الكنيسة - "البئر" يرجع تاريخ هذا البئر الي القرون الاولي للمسيحية ويمتد حتى عمق 20 متراً وبه مياة نقيه متجدده لقربة من نهر النيل، وقد قيل انه كان يستقي منه الرهبان قديماً، ويتم صرف مياة المعمودية فيه حتى الآن - "ايقونات أخرى بالكنيسة" أيقونة دخول السيد المسيح اورشليم وعدد من الأيقونات الأثرية - " صلبان من الفضة الخالصة" صليب من عام 1915 م في عهد البابا كيرلس الخامس وعدد 7 صلبان كبيرة و14 صغيره وعدد 4 صليب دورة يرجع لعام 1894 - " أواني مذبح" كأس من الفضة يرجع لعام 1183 للشهداء و كأس من الفضة الخالصة يرجع لعام1911 - " مقتنيات أخرى" كرسي الأسقف عام 1198 مصنوع من الخشب المعشوق ومحاط بقوائم مخروطة دقيقة الصنع وتاج عمود اثري وحجر معمودية من عهد الكنيسة القديمة، وكانت هذه القطع الأثرية محفوظة في الجزء الخاص بمذبح القديسة دميانة (حاليا) وكان عبارة عن غرفتين الغرفة السفلية كان موجود بها متعلقات الاساقفة والكرسي وأواني المذبح والغرفة العلوية كان يوجد بها جميع المخطوطات.