جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 11:01 صـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

آية فايد تكتب : إن طالت أزمة كورونا مصير ٣٢% من سكان مصر!

 آية فايد
آية فايد

إن مصر وبعض الدول النامية يعتمد جزء من إقتصادها علي الإقتصاد الغير الرسمي - الإقتصاد الهش - القائم علي أنشطة إقتصادية لا تخضع لتنظيم قانوني ( لا ترصد ولا يتم تنظيمها من أجهزة الدولة يقوم عليها حوالي ٣٢% من نسبة سكان مصر بين طبقة متوسطة وفقيرة ) ، يقوم بها المواطنين تحت مسمي العمالة الغير الرسمية في شركات القطاع الخاص أو بأنشطة إقتصادية فردية أو جماعية (عمالة يومية أو عمالة منتظمة غير رسمية بلا حقوق لا تخضع لرقابة الدولة)،ولا يجب أن ننسي تأثير هذا الإقتصاد غير الرسمي علي احتساب نسب البطالة ، وتعد تلك الفئات الأكثر فقراً وتضرراً لعدم خضوعهم لأدني أدوات التنظيم من قبل الدولة وأدني حقوق العاملين بها. تلك الشرائح إستطاعت التكيف مع الإصلاح الإقتصادي الذي شهدته مصر خلال الأعوام السابقة ، من خلال أنشطة مجالات الإقتصاد الهش الغير رسمي كالحرف والأعمال الخدمية بين المواطنين وبعضهم البعض .

ولكن مع تفعيل حظر حركة المواطنين والتوجيهات السابقة له بالاغلاق الجزئى للمحال والأنشطة التجارية والغير رسمية، لم يعد أمام هؤلاء الفقراء وتلك الفئات المساحة لممارسة أنشطة إقتصادية غير رسمية تمكنهم من التكيف حتي في الفترة الحالية. وبالرغم من دور المؤسسات الغير ربحية (منظمات المجتمع المدني والمشاركة المجتمعية) في الفترة السابقة لتفعيل وتوسيع مساحة الأنشطة الغير رسمية للمساهمة في التكيف مع الطفرات الإقتصادية التي شهدتها مصر ، إلا أن أداء تلك المنظمات غير كاف في ظل الأزمة الحالية لتخفيف وطأة الأزمة الحالية علي الإقتصاد الفردي للعمالة الغير رسمية، وبخاصة مع تقليص المساحة لممارسة الأنشطة الاقتصادية الغير رسمية في تداعيات أزمة كورونا كما سبق ونوهنا. ومن المتوقع أن أزمة كورونا والإجراءات الإحترازية التي يتبعها دول العالم الآن ستغير الخريطة الإقتصادية في العالم بجعل دول إقتصادها أكثر هشاشة وبخاصة الدول المعتمدة بنسبة كبيرة علي الإقتصاد الغير رسمي ، إن استمرت إجراءات حظر التجوال ، وستترك أثراً علي علاقة الدول ببعضها . لذلك ، إن لم تكن هناك سياسات واضحة الملامح لن تتمكن تلك الشرائح المُشار إليها من إستكمال إيجاد أنشطة للتكيف ، وستقف المنظمات الغير ربحية عاجزة تماماً أمام احتياجاتهم. يجب أن تخلق تلك الأزمة حافزاً لتنظيم قطاعات جديدة غير مُعدة مسبقاً وتكييف سياسات للتعامل مع قطاع العمال غير المهيكل ، وفرض إجراءات أكثر صرامة ضد شركات القطاع الخاص التي تتملص من تقنين العمالة وحفظ حقوق العمالة لديها ، وكذلك بحث آليات تؤمن قطاع العمال الغير مهيكل وذو الدخل الغير كافي لتوفير دعم نقدي او غير نقدي بصفة دائمة تصل من القطاع الخاص لهم من خلال الدولة.

ولربما الخطوات التي تحاول الحكومة المصرية إتخاذها لدعم العمالة اليومية المعتمدة علي الإقتصاد الغير رسمي منذ بداية تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد تدل علي وعيٍ كافْ من الحكومة المصرية بمتطلباتهم وبتأثير هذا القطاع علي الإقتصاد المصري السياسي ، إلا أن قنوات الإتصال بين العمالة الغير رسمية والفئات التي يقوم عليها الإقتصاد الغير رسمي والقنوات الحكومية لا زالت شبه معدمة وتطبيق المحاولات الجديدة لتنظيمها لمواجهة الأزمة الحالية أكثر صعوبة في ظل الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس المستجد ، مما يتطلب تجديد في دور منظمات المجتمع المدني والمنظمات الغير ربحية لضمان نجاح الآلية الحكومية لدعم هذا القطاع الذي يساهم استقراره في استقرار الإقتصاد المصري السياسي ، إلي جانب استكمال دورهم في دعم هذا القطاع وخلق مساحات آمنة لممارسة الأنشطة الإقتصادية الغير رسمية. ويبقي السؤال، هل جرس الإنذار كاف لبدء تطبيق آليات تساهم في حفظ حقوق العمالة المعتمدة علي الإقتصاد الغير رسمي والغير منظم من القطاع الخاص إليهم من خلال الدولة بشكل يساهم في الدعم النقدي والغير النقدي المستمر لمجابهة أي ظروف تقلل المساحة المتاحة لممارسة أنشطة تساعدهم علي التكيف مع الظروف إقتصادية والأزمات ؟