جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 06:45 صـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

تداخلات البجع والنحل وأشياء أخرى في... ”تلك الرائحة“

لوحة فنية
لوحة فنية

اطلقت أسماء سامي ، لوحة بعنوان "تلك الرائحة "، بمعرض جاليري بيكاسو، الزمالك، الذي أقيم من 22ديسمبر2019، حتى 16 يناير 2020.

تخرجت أسماء سامىفي كلية الفنون الجميلة بالقاهرة قسم تصوير جداري عام 2005، عملت في التصوير الجداري فترة من الوقت مثل واجهات الفلل، بدأت حياتها الفنية بموازيك والزجاج الملون، انتقلت بعدها للألوان المائية، حيث كانت ثورة 25 يناير السبب في تغيير توجهها ناحية الألوان المائية، ثم أصبحت واحدة من الفنانين المتميزين فيها، شاركت في العديد من المعارض، منها معرضين فرديين، 2017 في جاليري قرطبة بالمهندسين والذي افتتحه الفنان المايسترو نادر عباسي ، 2020 جاليري بيكاسو.

كما شاركت في صالون الشباب وحصلت على منحة التفرغ من وزارة الثقافة المصرية. ربما استطاعت تلك النقلة التي غيرت مسار الفنانة أسماء أسامي من الموزايك والزجاج الملون إلى الألوان المائية، استطاعت أن تخترق عوالم دافئة داخل الفنانة، إحساسات، رؤى، ملامح روحها، إسقاطات فكرها.

كما استفادت من فنانيين متميزين في مجال الألوان المائية مثل الفنان سمير فؤاد، وجيه يسا، عبد العال. لمسات خفيفة وخطوط تحدد معالم الشخصية التي ترسمها، بقدر خفة تلك اللمسات ففي اللوحات تتوغل مساحات الظل، الألوان الدافئة واللمحة الحنونة في أجواء الخطوط.

من وجهة نظري أرى جمال الحالة يمكن في اختيار موفق للفراغات في مقابل الرسم، الفراغ في اللوحات هو من يصنع الحالة، التناقض يدشن خطة لشد عين المشاهد. تعبر الفنانة عن رؤيتها: " هي ما يميز كل سيدة عن نظيرها من النساء، فهناك ما يجذبك لعالم ساحر لا يكن منك غير الاستسلام لهذا العالم، والوقوف حائرًا.. لتدور الأفكار والتساؤلات بخاطرك.. لما هذا الانجذاب بالرغم من عدم معرفتك بها فلكل امرأة عطرها الخاص، الذي اكتسبته منذ ولادتها.. فما أرق هذه الزهرة النابتة من قلب الصخور.. عجبًا كيف صمدت وسط كل هذا الجمود ومن أين اكتسبت تلك الرائحة؟ أغلب اللوحات من ذات الحجم الكبير، إن الفنانة تتحدى نفسها وقدراتها من خلال اختيار هذا الحجم خصيصًا، فهي تعلم أن الخطأ غير مسموح في الألوان المائية، وبرغم ذلك تعطي لنفسها كل تلك المساحة لكي تختبر قدراتها في اختيار ووضع اللون داخل كل هذه المساحة بإتقان وجودة عالية. ولأنها ترى أن الفنون متداخلة كان اول معارضها عن الموسيقى، أما المعرض الحالي عن الروائح، الفنون تخاطب الحواس ولذلك تستجمع الفنانة أسماء سامي من خلال لوحاتها كل قدراتها لتخاطب حواس الإنسان فكأن الرؤية البصرية تتم معها لغات أخرى سمعية وشمية ولمسية.

أبطال الفنانة هن من النساء، المرأة بإشاراتها، جسدها، شعرها، صدرها، وسطها، أرادفها، أبعاد ملامحها من قرب ومن بعد ومن زوايا مختلفة، البجعة والنحلة وعروسة الشمس معادل فني للأنوثة، الأنثى استُخدمت كحالة جمالية أكثر منها نوع أو جندر، الرائحة هي أول علاقة تربط بين الأم والرضيع، فهو يميز بين الآخرين وبين أمه من خلال رائحتها.

الجسد مصنع الروائح، الألوان معادل فني هي أيضًا للروائح. الفيجر المستخدم أو الموديل هو واحد، تستخدمها في أوضاع مختلفة، ربما بنفس الزي في أكثر من لوحة.

اللوحات في مجملها مريحة للعين، هذه التموجات من الألوان المائية تعرف جيدًا كيف تلعب على وتر الإحساس المباشر في عين المشاهد.

بعض اللوحات تختفي البجعات والنحل وتظل الموديل واقفة أو جالسة أو ناظرة للأمام أو إلى الجنب، في جميع أوضاعها هي لا تخاطبك، كأن الشخصية أو الموديل هنا فقط رسالة تخبرك أنني سبب الرائحة فقط، لا شيء آخر. للألوان المائية مذاق خاص، أنا شخصيًا أعشق تلك الأعمال بالألوان المائية، هي تحرك داخلي شيء ما بمجرد رؤيتها، بالإضافة لذلك فإنها خامة ذات حساسية خاصة وكاريزما مختلفة، من يستطع إجادتها، فهمها، حبها، التماهي معها، هو من يفوز في الأخير بأن تخبره الألوان المائية أسرارها، بهدوء، هذه الأسرار تسردها اللوحات بدون أي تدخل من الفنانة، هي فقط تضع حروف السرد على اللوحة ومن ثم يقرأ المشاهد هذه السردية الفنية برؤاه الخاصة وعلى حسب قربه أو بعده من الألوان المائية.