جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 07:47 صـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

تعرف على الحياة التشريعية من عهد ”محمد علي” إلى تعديلات دستور 2014

البرلمان
البرلمان

دائماً وأبداً يُثبت الشعب المصري انه شعباً حُراً أبياً يثور من أجل الحق ويُضحي من أجل الحصول على الحرية والاستقلال، وعلى مر العصور قادت مصر بشعبها كل الأُمم المجاورة، دولة ذي سيادة وذات قانون عريق بدأ مُنذ عهد "محمد علي" الذي أخضع البلاد لنظام إداري عوضاً عن الفوضى التي خلفها من سبقوه وبدأ ثورة إدارية كاملة في مصر حين قام بتشريع قوانين ولوائح يسير عليها نظام الحُكم وإن كانت لم ترتق لمستوى الدساتير، لكنها كانت بمثابة الخطوط العامة التي تحكم الدولة.

أصدر "محمد علي" اللائحة اللائحة الأساسية للمجلس العالي عام 1825 ووضع طريقة إدارة مناقشاته وقانون ترتيبه الصادر في يوليو 1833، وفي 1837 وضع قانوناً أساسياً عُرف بقانون "السياستنامة" يُحدد فيه سُلطات كل ديوان من الدواوين الحكومية بمُقتضاه تم تأسيس بعض الدواوين الجديدة ونظم عملها واختصاصاتها
إشتملت "السياستنامة" على مقدمة وثلاث فصول تناولت الترتيبات الأساسية في تسعة بنود وبيان الإجراءات العملية في 31 بنداً وبيان قانون العقوبات في 21 بنداً

في عهد الخديو اسماعيل أصدر لائحة تأسيس مجلس شورى النواب وانتخاب أعضائة في 22 أكتوبر 1866 وكانت هذه اللائحة تقوم على صياغة قانونية عُنصرية في نصوص مُحددة ومُفصلة، وفي 1879 قدّمت الحركة الوطنية الصاعدة التي ضمت قادة النخبة السياسية الجديدة مطالب بتشريع دستور جديد والرقابة البرلمانية على الحكومة وعلى رأس مطالبها المُشاركة في التشريع، إرتبطت المطالبة الدستورية بقضية استقلال القرار الوطني ومواجهة التدخلات الأجنبية في شؤون البلاد
إنتهت الأزمة بقبول الخديو اسماعيل للائحة الوطنية وإقالة إبنه توفيق من مجلس رئيس النظار وتكليف "شريف باشا" بمسؤولية منصب ناظر النظار (رئيس الوزراء) في 7 أبريل 1879
قام شريف باشا بتشكيل لجنة تتكون من 15 من أعضاء مجلس شورى النواب وتم انتخاب "عبد السلام بك المويلحي" رئيساً للجنة وتم تشريع أول دستور مصري مكون من 49 مادة وإنشاء مجلس نواب على غرار المجالس النيابية الحديثة وبمقتضى هذا الدستور أصبح التشريع من حق مجلس النواب فلا يُصدر قانون إلا بموافقته، أُطلق على "شريف باشا" لقب "أبو الدستور المصري" و "مؤسس النظام الدستوري في مصر".

في العام التالي من "الثورة العُرابية" في عهد "الخديو توفيق" أُصدر دستور 1882 وكان أول دستور يقر بأول برلمان في مصر يختص بالتشريع ويُراقب الحكومة وقد وضع الدستور الجديد أسلوب انتخاب مجلس النواب وتحدد حصانة أعضائة ودورات انعقاده ونظام عمله وشروط حله والضوابط المُنظمة لها يتكون دستور 1882 من 53 مادة لم يتطرق فيها للحقوق والحريات الأساسية للمواطن المصري ولكن الخطوة جاءت نتيجة الإرادة الشعبية لدى المصريين الذين ناضلوا سنوات من أجل تحقيقها
لم يدم هذا الدستور طويلاً بل قامت سلطات الاحتلال الانجليزي بإلغائه ووضعت بدلاً منه ما سُمي ب"القانون النظامي" الذي وضعه "اللورد دلفرين".

ولكن الشعب المصري واصل جهاده من أجل الحصول على حُريته واستقلاله في ثورة 1919 التي حققت بعض من مطالبها الإعادة السيادة المصرية، وفي 28 فبراير 1922 صدر تصريح إعترفت فيه بريطانيا بمصر دولة مُستقلة ذات سيادة وإنهاء الحماية عليها
وبموجب ذلك شكّل "عبد الخالق ثروت" رئيس الوزراء لجنة مُكونة من ثلاثين عضواً ضمت ممثلين للأحزاب السياسية والزعامات الشعبية وقادة الحركة الوطنية برئاسة "حسين رشدي باشا" للبدء في تشريع دستور جديد ليحل محل "القانون النظامي" الذي وضعته بريطانيا.

عارض الوفد بقيادة "سعد زغلول" الدستور الجديد ووصف اللجنة المنوط بها إعداده بانها "لجنة الأشقياء" لانه كان يرى وجوب صياغة دستور بواسطة جمعية تأسيسية مُنتخبة وليس بواسطة لجنة حكومية، إلا انه سرعان ما تغير مسار الحزب إذ انه أصبح من أشد المؤيدين والمُدافعين عن الدستور الجديد بعد وضعه
وفي 19 أبريل 1923 تم التصديق على الدستور الجديد وتضمن 170 مادة.

ظل دستور 1923 قائما إلى أن أُلغي في 22 اكتوبر 1930 ووضع دستور جديد يتضمن 156 مادة إتسعت فيه صلاحيات الملك وإعطاءه صلاحيات حل البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ، واستمر العمل بدستور 1930 خمسة سنوات كانت بمثابة نكسة للحياة الدستورية الديموقراطية
بدأ "الوفد" في قيادة الحركة الشعبية للإحتجاج على ألغاء دستور 1923 وشارك الشعب في العديد من المظاهرات إلى ان تم إصدار أمر ملكي من الملك فؤاد الأول برقم 142 لسنة 1935 في 19 ديسمبر بإعادة العمل بدستور 1923.

بعد قيام حركة الضباط الأحرار صدر أول إعلان دستوري في 10 ديسمبر 1952 وسقوط دستور 1923 وفي 13 يناير 1953 صدر مرسوم بتأليف لجنة لوضع مشروع دستور جديد وضمت اللجنة 50 عضواً عُرفت بإسم "لجنة الخمسين" ويوم 15 يناير تم تحديد الفترة الإنتقالية بثلاث سنوات، وفي 18 يونيو 1953 تم إلغاء الملكية وإعلان النظام الجمهوري.

قدمت اللجنة مشروع الدستور الجديد في أغسطس 1954 بعد اكثر من عام ونصف من تكوينها
ظل العمل مُستمراً بالإعلان الدستوري الصادر في 1953 حتى تم الإستفتاء في 23 يونيو 1956 وبدء العمل بالدستور الجديد
تميز دستور 56 بإقرار حق العُمال في الأضراب في حدود القانون وتضمن الدستور 195 مادة.

بعد أقل من عامان أُعلنت الوحدة بين مصر وسوريا تحت إسم الجمهورية العربية المتحدة وتم إسقاط دستور 1956 المصري ودستور 1950 السوري وإعلان دستور وإعلان دستور 1958 في 5 مارس من نفس العام وكان يتكون من 73 مادة، وفي 1960 تم توحيد برلماني البلدين في مجلس الأمة بالقاهرة، وظل العمل قائماً بدستور 58 حتى 25 مارس 1964 أي بعد سقوط الوحدة بأكثر من ثلاث سنوات وصدور دستور مؤقت لمصر التي ظلت تُعرف بإسم "الجمهورية العربية المُتحدة"
بعد وفاة الرئيس "جمال عبد الناصر" وتعيين نائبه "محمد انور السادات" بتولي السُلطة مؤقتاً ثم ترشيحه من قِبل مجلس الأمة لرئاسة الجمهورية وإجراء إستفتاء شعبي بذلك طلب السادات من مجلس الشعب وضع مشروع دستور جديد، فقرر المجلس تشكيل لجنة تحضيرية من 50 عضواً من اعضائه ومن اهل الرأي والخبرة ورجال الدين تقدم لعضوية اللجنة التحضيرية 80 من أعضاء المجلس فقرر المجلس أن يرفع عدد الأعضاء من 50 إلى 80 عضواً واعتبر جميع المتقدمين اعضاء في اللجنة

وقُسمت اللجنة إلى 4 لجان:
1- لجنة اختصت بدراسة المقومات الأساسية للمجتمع والحريات والأخلاق
2- لجنة اختصت بدراسة نظام الإدارة والحكم
3- لجنة اختصت بدراسة نظام الإدارة المحلية والقوانين الأساسية
4- لجنة اختصت بتلقي مُقترحات الجماهير وتوزيعها في اللجان السابقة كلا حسب اختصاصها
تم تقديم مشروع الدستور والإستفتاء عليه في يوم 11 سبتمبر 1971 عملاً بأحكام المادة 193 وتميز بأنه أكثر الدساتير المصرية مواد حتى صدور دستور 2013 إذ يضم 211 مادة
مر دستور 1971 بثلاث تعديلات:
التعديل الأول في 22 مايو 1980 تضمنت التعديلات المواد 1 و2 و4 و5 و77 وتم إضافة الباب السابع الذي تضمن أحكاماً جديدة تخص إنشاء مجلس الشورى وسُلطة الصحافة أما مضمون التعديلات فكان السماح بتجديد مُدة الرئاسة أكثر من مُدة تالية التعديل الدستوري المُنشئ لمجلس الشورى وإقرار الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع

التعديل الثاني كان في 25 مايو 2005 علت الأصوات المُطالبة بالإصلاحات الديموقراطية وإدخال تعديلات دستورية لتطوير الحياة السياسية في مصر ومُعارضة التجديد للرئيس الأسبق "حُسني مبارك" لفترة رئاسية خامسة أقر مجلس الشعب بتعديل المادة 76 من الدستور بعد موافقة 405 من الأعضاء وتم طرح المادة بشكلها الجديد للإستفتاء الشعبي وجاءت الموافقة عليها بنسبة 83 % من إجمالي المُشاركين في الإستفتاء
خضعت المادة 76 للتعديل وتم إضافة المادة 192 مكرر وتم تحويل نظام شُغل منصب رئيس الجمهورية عن طريق الإنتخاب المُباشر بدلاً من الاستفتاء ووضع شروط الترشح للمنصب أما التعديل الثالث كان في يوم 26 مارس 2007 وشمل 34 مادة وتم حذف الإشارات إلى النظام الإشتراكي للدولة وتخفيف شروط الترشح للرئاسة ووضع الأساس الدستوري لقانون الإرهاب المادة 179.

بعد ثورة 25 يناير وتنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك في 11 فبراير 2011 وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد قام المجلس العسكري بتعليق العمل بدستور 1971 وتشكيل لجنة من القانونيين لللقيام ببعض التعديلات الدستورية تضمنت تحديد مدة الرئاسة بحد اقصى مدتين لفترة 4 سنوات والإشراف القضائي على الإنتخابات ووضع شروط سهلة للترشح للإنتخابات الرئاسية إما عن طريق جمع 30000 توقيع من 15 محافظة على الأقل أو تأييد 30 عضو من البرلمان أو عن طريق ترشيح حزب حاصل على مقعد واحد على الأقل في البرلمان
تم طرح التعديلات الدستورية في استفتاء شعبي يوم 19 مارس 2011 لتنتهي بالموافقة عليها بنسبة 77 % من إجمالي عدد المشاركين في الإستفتاء
في يوم 30 مارس اصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلاناً دستورياً من 63 مادة مُشتملاً على أغلب التعديلات التي تم إقرارها في الإستفتاء بالإضافة إلى بعض المواد الآخرى بعد إجراء اول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير وتولي الرئيس محمد مُرسي حُكم البلاد تم انتخاب لجنة تأسيسية من قِبل البرلمان أخرجت اللجنة مسودة دستور مكون من 236 مادة وتم إقرار كل مادة على حدة خلال اجتماع استمر 19 ساعة إنتهى في اليوم التالي ل29 نوفمبر وتم إرسال المسودة للرئيس مرسي ليقرر الإستفتاء عليها ثم اعتماد الدستور بشكل رسمي للبلاد بعد موافقة الشعب عليه بأغلبية قاربت الثلثين في 25 ديسمبر 2012.

بعد ثورة 30 يونيو أعلن وزير الدفاع "عبد الفتاح السيسي" عزل "محمد مرسي" وتسليم السلطة لرئيس المحكمة الدسترية العليا وتوقف العمل مؤقتاً بدستور 2012 وتشكيل لجنتين:
اللجنة الأولى مكونة من 10 خبراء قانونيين لدراسة دستور 2012 واقتراح التعديلات وقد انهت اللجنة عملها في 20 اغسطس 2013
اللجنة الثانية مكونة من 50 شخصية تُمثل كل أطياف المجتمع لدراسة مُقترحات لجنة العشرة وإعداد التعديلات المقترحة وبدأت اللجنة أعمالها في 8 سبتمبر 2013 ووضعت مسودة الدستور بعد 60 يوما من هذا التاريخ حيث قامت بتعديل المواد الخلافية في الدستور خاصة في باب نظام الحكم، عُرضت المسودة للإستفتاء الشعبي في يناير 2014 وانتهى الإستفتاء بموافقة 98 % من إجمال عدد المشاركين في الإستفتاء.