جريدة الديار
الثلاثاء 23 أبريل 2024 02:44 مـ 14 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

«السينما المصرية» من «الرومانسية» إلى «البلطجة» .. ومن «المعانى الطيبة» لـ«الألفاظ الخارجة»

جانب من الافلام
جانب من الافلام

ظهرت السينما فى مصر فى أواخر القرن الماضى وذلك بفعل الاحتلال الإنجليزى والفرنسى والانفتاح على أوروبا وجسدت السينما فى بداياتها قصص الحب والغرام والرومانسية إلى أن أصبحت فى يومنا هذا تتحدث عن البلطجة وظهر جليًا الألفاظ التى يتناقلها أبطال ونجوم العمل ولا أحد يستطيع أن ينكر أفلام "يوم من عمرى‏،‏ الوسادة الخالية‏، حبيبى دائمًا‏، السفيرة عزيزة،‏ أغلى من حياتى‏،‏ الباب المفتوح"‏.. وغيرها من الأفلام التى كانت عنوانًا للرومانسية إلى أن أصبحت من الكلاسيكيات‏.

ومع عودة السينما على يد مجموعة الشباب‏،‏ شهد بداية الألفية الثالثة عودة الأعمال الرومانسية من جديد، حيث قدم "أفريكانو‏، عن العشق والهوى‏، أحلام عمرنا‏،‏ تيمور وشفيقة‏،‏ إزاى تخلى البنات تحبك،‏ حب البنات، 365‏ يوم‏"...‏ وغيرها من الأعمال السينمائية التى عبرت بقوة عن الفيلم الرومانسى فى مواجهة الكوميديا إلى أن عادت وسيطرت موجة جديدة من أعمال الأكشن والرقص والأغانى الشعبية ليغيب الفيلم الرومانسى الذى أصبح الجمهور متعطشًا له.

ولعل أكبر دليل على ذلك هو نجاح فيلم "هيبتا" والذى طرح محققًا إيرادات تخطت الـ22 مليون جنيه، وهو رقم كبير لم يتوقع أحد من المنتجين والموزعين أن يحققه ليكسر تابوه أفلام الراقصة والأغانى الشعبية أو البلطجة والتى كانت تحتفظ بتحقيق الإيرادات الكبرى فقط، ورغم ذلك اقتصرت الرومانسية فى الأفلام السينمائية على مشاهد محددة داخل الإطار العام للموضوع التقينا بعض المختصين من كتاب ونقاد السينما لنعرف أسباب تلك الظاهرة.

فى البداية قال المؤلف وليد يوسف, والذى عرض له منذ فترة فيلم يوم من الأيام بطولة محمود حميدة وهبة مجدى والذى يطرح عدد من القصص الرومانسية, إنه قام بكتابة الفيلم منذ 24 عامًا ليتم إنتاجه مؤخرًا, مما دفعه إلى إجراء بعض التغييرات فى السيناريو مثل الإكسسوارات وبدلًا من استخدام التليفونات الأرضى, يستخدم الأبطال الموبايل, وكذلك تغيير موديلات السيارات ولكن المشاعر لم تتغير لأن الحب والمشاعر الإنسانية لم ولن تتغير ولكن ما يتغير هو طرق التعبير عنها.

وأوضح أن قصة "روميو وجوليت" مازال بعض الأفلام تستعين بها كدليل على الرومانسية فقديمًا كانت طرق التعبير عن الحب بين الرجل والمرأة عندما يلتقيان فى الحدائق أو عندما يرغب فى رؤيتها يذهب إلى منزلها أما الآن طرق الحب بينهم تتلخص فى الفيديو كول والمحمول والرسائل النصية ولكن مهما تغيرت الطرق سيظل الحب هو الحب سواء قديمًا أو حديثًا.

وعن فكرة اهتمام منتجى السينما بطرح أفلام بعيدة عن الرومانسية يرى يوسف أن هذا يعود إلى الموضة فكل منتج يتبع الموضة الرابحة مثل الكوميديا والاجتماعية والميلودراما والعنف ومرات قليلة يتواجد فيها الفيلم الرومانسى وذلك لخوفهم من تغيير الموجة ولذلك السير على نوعية محددة من الأعمال يترتب على الجرأة والإيمان بالفكرة.

بينما قالت الناقد ماجدة خيرالله، أن البحث الدائم عن السينما التجارية والمكسب السريع أدى إلى اختفاء المشهد الرومانسى على شاشة السينما فطبيعة الحياة وجفافها وزيادة المشاكل أدت إلى عدم وجود مؤلفين يهتموا بالكتابة عن الأفلام الرومانسية ولذلك عندما طرح فيلم "هيبتا" فى دور العرض السينمائى حقق جماهيرية عالية لاحتياج واشتياق الجمهور لنوعية هذه الأعمال فيجب التنوع فى مضمون السينما الذى يتم تقديمه دون التركيز فى جانب واحد فمثلًا فى الخارج الحياة مليئة بالقسوة والمشاكل والماديات ولكن لا يوجد عندهم موسم يخلو من الأفلام الرومانسية والطفولة والاجتماعيات حيث يقدمون كل احتياجات المشاهد دون أن يعتمدوا على نوعية واحدة حتى لو كانت تحقق مكاسب كبيرة.

وأضافت أنه من المؤكد أن شكل الحب يتغير من وقت للآخر فقديمًا كان طبيعيًا أن يجرى البطل خلف البطلة فى الحدائق، أما الآن لا يوجد حدائق ولو حدث ذلك سيعتبره من حولهم أنه جنون ومضحك فالطبيعة مختلفة والحياة أكثر هدوء، أما الآن الحب بين الشاب والفتاة يتم التعبير عنه فى الكافيهات وحل عن ذلك أفلام البلطجة والألفاظ القبيحة وكأن ذلك هو نتاج لما نعيشه وأن ذلك هو الوسط الاجتماعى السائد للمصريين.

ورأى الناقد "طارق الشناوى" أن الأفلام الرومانسية تتواجد بشكل طبيعى فى السينما التجارية فمفهوم أن الأفلام الرومانسية ضد التجارية خطأ، ولكن حدث تغير كامل فى الواقع الرومانسى فلم يعد هناك الفتاة التى تقطف الورد لتعرف هل الولد يحبها أم لا ولا يوجد الشاب الذى يغرق فى غرام فتاة، وبالتالى فإن السينما لم تتغير بقدر الواقع نفسه الذى تغير، وأصبح الناس يهتمون بلقمة العيش والقضايا الاجتماعية التى تعتبر أهم من قضايا الحب والغرام فالحب نفسه أصبح معناه مختلفًا، وتوقف على مدى المشاركة فى الحياة والعمل والإنتاج والزمالة فالصورة الرومانسية التى كانت بين قيس وليلى، وروميو وجوليت، اختفت واقعيًا وأصبحت ذكرى واليوم الحب له معنى آخر مختلف وجزء منه مواكبة الحياة ومن الطبيعى أن الحب بمفهومه التقليدى ينتهى.

وأشار إلى أنه ضد الأفلام الرومانسية البحتة والتى تعتمد على الغناء والحب الأفلاطونى، حيث يعتبره صورة مزورة للواقع وللحياة وأن الظروف الاجتماعية والاقتصادية أفرزت نوعية أفلام البلطجة التى نراها حاليًا.

وأضاف المؤلف "بشير الديك" أن الظروف الاجتماعية والسياسية فى العالم كله قللت كثيرًا من الرومانسية، حيث أن الأعمال الرومانسية ثورة من أجل الحب وهى فوق الواقعية، وحاليًا فى ظل توتر الظروف أصبح كل شئ, يتم تقييمه عن طريق المادة بشكل أساسى، ولا يوجد رفاهية التأمل وأصبح المجتمع يسير بسرعة بالغة بسبب التطورات العلمية المذهلة, ويحدث تغييرات عديدة ولا يصح معها الرومانسية بالشكل القديم لأن العالم فى حالة تطور مستمر بلا توقف وإذا استمرت الكرة الأرضية ستظهر رومانسية من نوع آخر مختلف عما تعودنا عليه.

وأشار إلى أن فيلم "لا لا لاند" الذى حاز على 12 جائزة أوسكار هو عمل فاجأ كل الجماهير بطريقة مدهشة لأنه يرجع إلى أفلام الستينيات وعكس السائد الآن, وقام بكسر الواقع وما تعودنا عليه وأحدث ثورة سينمائية رومانسية لأن صناعة قدموه بجرأة وأكدوا أنه عكس الواقع الغليظ القاتم وكما هو الحال فى السينما الأمريكية هو كذلك عندنا لأن السينما تجسد الواقع.