جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 09:12 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

وارسو ومحور المقاومة ..... وسقوط الممالك

محمد فياض
محمد فياض

لم يشأ الحكام العرب إلا أن يكونوا تروساً في آلة البطش والإرهاب والبلطجة الأمريكية.ولم تشأ الولايات المتحدة إلا الإنصياع لمشروع صهينة منطقتنا تحت مزاعم كانت في السابق تختفي خلف عناوين براقة تبدو حسنة المقصد -على خلاف المبتغَى- والآن صارت أكثر وضوحاً وتبجح لاتخفي أبداً ولاتبذل أي جهدٍ لإخفاء غاياتها ومقاصدها وعزمها حرق كامل المنطقة .الأمر الذي يجعلنا لانقدم لذواتنا مبررا واحداً لذهاب مسؤولينا إلى المشاركة في صياغة مشروع تدميرنا ووضع إمكاناتنا المادية والبشرية في خدمته لصالح إنجاز الخرائط الجديدة للمنطقة وإسرائيل الكبرى .وقد مارست الصهيونية العالمية وأمريكا العميلة لدى مشروعها عبر مايقرب من عقود تجريف وعينا وإمكاناتنا الإستيراتيجية وثقافتنا لتصل - بمفهوظها بالجاهزية لهذا اليوم -.وقد إتكأت الولايات المتحدة من بداية اصطيادها للأستاذ أنور السادات وحتى الآن على فرض أجندتها في شتى مناحي الحياة على شعوب المنطقة من خلال أمركة الأنظمة الحاكمة ودعم الأوفياء منها كما شيطنت المقاومين من الحكام .
وقد باتت اللعبة الدولية لاتحمل من الخفايا العناوين .وصارت واشنطن مخلصة في إعلان عدائها وتلبية التحضير لمشروعها بأدوات الملعوب بهم .
ذهبت إلى وارسو ودعت للتحالف 60 دولة لتدشين تحالفاً عسكرياً من وارسو يحقق عدة رسائل منها أن وارسو ( الحلف الذي كان ) تنطلق منها اليوم أعضاء الناتو .ولكن للعمل تحت إمرة الأخير مع توسيع نطاق التحالف .
وكان الخطاب واضحاً ضد أيران ومحور المقاومة المستهدف من سعي واشنطن لتأليف تحالفاً جديداً من مؤتمر وارسو كهدف نهائي من الإجتماع .
ولم يُخْفِي التقرير ذلك بل كان جليًا .وبما يتفق مع الصلف الأمريكي عنجهية إعلان البلطجة أسلوب حياة للجماعة الدولية .

فقد أورد التقرير أن إيران تمتلك واحدة من أكثر ترسانات الصواريخ الباليستية تقدماً..وأن هذه الترسانة تشتمل على ثلاثة أنواع من صواريخ "شهاب " والتي يصل مداها إلى 1000 كم .وصواريخ "سجيل " التي يصل مداها إلى 2500 كم .
ولما كانت تل أبيب الحاضرة في مفصل الدعوة لمؤتمر وارسو بتكليفها لواشنطن أن تأمر العاملين لديها والمؤلفة خزائنهم ..وقد حضروا..

واورد التقرير تصديراً كاشفاً مفاده أن العالم منذ الحرب الثانية شهد أن 90% من الصواريخ التي أُطْلِقت في المعارك كان مصدر إطلاقها الشرق الأوسط ..
بالتأكيد أن هذه المقولات لاتقصد الصواريخ الذكية والقنابل العنقودية التي سقطت على الأراضي العربية في العراق وليبيا والصومال ولبنان واليمن وسورية .والتي إعتبرتها واشنطن وحلفها باقات ورد وخطابات ديموقراطية.ولم يرَ المجتمعون في وارسو أن ترسانة تل أبيب النووية و ماتملكه وتتفاخر إعترافاً به أمام العالم ولاتنكره من القنابل الذرية وترسانة أسلحة الدمار الشامل من الكيماوية والبيولوجية .ترقى لمستوى تهديد الأمن والسلم في المنطقة .بل يعترف وارسو - المؤتمر- أن هذه الترسانات الشاذة عن كل القواعد والقوانين الدولية والمحمية من صانعي القرار في الولايات المتحدة وأنها مستثناه وخارج إطار ونطاق تطبيق أية قواعد أو مواثيق .
...

وينتقل المؤتمرون - في بحثهم عن مبررات حياكة تحالف جديد للحرب على محور المقاومة - إلى سورية فيذكر التقرير إنزعاجه من امتلاك العربية السورية ترسانة صواريخ متطورة تم استخدامها في الحرب _ الأهلية حسب زعم عمّال الأنظمة لدى واشنطن _ وأن دمشق تم تزويدها بالجديد المتطور من قِبَل روسيا والصين وكوريا الشمالية.وقامت دمشق بتكوير صواريخ سكود b ليصل مداه إلى 300كم .وسكود c ليصل مداه إلى 550كم ويمكنها الوصول إلى سكودd بمدى 700كم .

وانتقل التقرير في وارسو إلى حزب الله اللبناني وقدراته الصاروخية التي جاوزت 130 ألف صاروخ وقذيفة .....لم يسكت التقرير هنا عند هذا الحد ..بل أفصح بشجاعة عن أن هذا _ وهو يعدد ترسانة حزب الله الصاروخية _ يهدد أمن إسرائيل .

الأمر الذي يطرح بشجاعة أيضاً أمام وارسو ومن حضر أنكم هنا لتأليف تحالف عسكري للحرب ضد محور المقاومة ..إيران .سورية.حزب الله في لبنان .
ولم ينس وارسو أن يعلن أن هذا التحالف إنما هو ضد الإرهاب والتطرف وتطوير الصواريخ وانتشارها .
لكن الثابت للعقل الجمعي لدى شعوب المنطقة أن الإرهاب والتطرف وتطوير الصواريخ كلها صناعة صهيوأمريكية وغربية واستثمار خاص بمعسكر العدو ضد بلادنا وشعوب منطقتنا العربية .

وفور سقوط الرهانات في سورية وانتصار الجيش العربي وهزيمة الأدوات عبر 8 سنوات إستخدمت فيها أمريكا وحلفها الذي ألّفته ضد دمشق ومحور المقاومة على الجغرافيا السورية أقذر أنواع الأسلحة والحروب ..ومُنِيَت بهزيمة ومعسكرها تحت أقدام الجندي العربي السوري .أرادت واشنطن وانصياعاً للسُعار الصهيوني _وقبل إستدارة الجيش العربي ببندقيته وفائض قوته إلى مواجهة عسكرية محسومة لصالح تحرير الجولان السوري من الإحتلال ..وأعلن الأسد في خطابه الأخير أن كل شبر سوف يتحرر وسنحارب كل من كان وجوده على الأرض العربية السورية وجود محتل ..وقبلها قال الجعفري في الأمم المتحدة أن الجولان أرض سورية وستستعيده سورية سلماً أو حرباً ._ أرادت واشنطن هنا أن تغتسل من هزيمة معسكرها وأدواتها الإرهابية في سورية بأن تؤلف في وارسو تحالفاً للحرب ضد إيران تمولها عواصم عربية تواقة لدفع المنطقة إلى محرقة تلتهم أي مشروع يقف حائلاً للمشروع الصهيوني في حلم إسرائيل الكبرى -في الجغرافيا- ..والعظمى .- من حيث امتلاك القوة عسكرياً واقتصادياً تأمر كل عواصم المعمورة فتأتمر ..
وباتت إيران تشكل الخطر الداهم على العرب وإسرائيل هي الصديق ..

ويُصَرّح مايك بومبينو في مطلع فبراير _ ليقطع الطريق على من سيحضر ويغلق الكلام خارج العنوان والمستهدف من حضور التلاميذ حصة الدرس في وارسو _ :"..إن هدف المؤتمر هو التركيز على تأثير إيران وإرهابها في المنطقة .."
و يتقدم الممول خالد بن سلمان سفير آل سعود لدى واشنطن ليعلن على المسرح أن السبب لمشاركته هو إتخاذ موقف حازم ضد القوى التي تهدد مستقبل السلام والأمن ولاسيما القوى الإيرانية..
لم يقل بن سلمان أن الدافع لحضوره هو الحرب ضد إيران بل حسم أمره وقال القوى الإيرانية وهو يقصد أن حزب الله اللبناني والجيش العربي السوري والشعب المقاوم في اليمن والعراق قوى إيرانية..
ومع ذلك وبعد ان اعترضت اوروبا لمصالحها التى ترى أن التحالف والخروج لهذه الحرب المعلنة سوف تهدد مصالحها .وإن كنت أرى أن جولات أخرى سوف تسعى إليها الأنظمة الساعية لحتمية الحرب وترى فيها مجداً لايراه غيرها .سوف تذهب هذه الأنظمة ببذخ الدفع بالمليارات لا لتكلفة الحرب وفقط بل لتعويض المتقهقرون من معسكر الغرب لحملهم على تبديل موافقة مكان الرفض .
إن الحرب التي يتجهز لها معسكر واشنطن لن تكون نزهة صيد في ليلة شتوية دافئة .لكننا نراها حلقة من حلقات جهنم التي شرحتها الكتب السماوية .وإن بدأت _ لاقدر الله لها أن تبدأ _ لا أظنها قد تنتهي والدولة القطرية بمفهومها وحدودها وثوابتها في المنطقة العربية كما هي قبل البدء .
وجولة أخرى أكثر وضوحاً وقسوة من جولات الحرب الثالثة والتي بدت الجولة الأولى لها في الجغرافيا السورية وانهزمت أمريكا وحلفها بفضل القيادة الحكيمة لإدارة الأزمة وصياغة التحالفات والجيش العربي السوري وثوابت التاريخ في إسقاط مشروع التقسيم الجديد للمنطقة العربية والتي وقف الجيش العربي بكتائبه الثلاثة في سورية ومصر للحيلولة دون تحقيقه.
ونخشى من بدء حرب كتلك التي تسعى إليها واشنطن بغرض تعويض الخسائر الإستيراتيجية لهزيمة أدواتها على الجغرافية السورية .فإن أول ردة فعل سوف تذهب إليها طهران وهي تمارس حقها في الدفاع سوف يتم إشعال الحرائق في كل القواعد العسكرية في المنطقة والتي تعتبر مخلب قط متقدم لنهش الجسد الإيراني ..وباعتراف أمريكا وحلفها فطهران تمتلك تقنيات المواجهة وخوض الحرب الطويلة والتي تحت أقل التقديرات لن تتوقف قبل مرور ربع قرن من بدايتها تؤثر بالسلب على اقتصاديات المنطقة وأمنها وسلامة أراضيها وتضع الجميع إما مع أو ضد ...
....لست مدافعاً عن طهران .بل خشيتي ورعبي من تهديد سلامة أراضينا العربية ورجحان - في حال قيام الحرب- سقوط أولادنا وقوداً على هذه الجبهة أو تلك ...ودون مكسب واحد يمكن تخيله من الآن .
ويحضرني قدرة الدبلوماسية الإيرانية على إدارة الملف النووي لأكثر من أربعة عشر عاماً حتى تم إنجاز الإتفاق الذي انسحبت منه أمريكا بصلف لايستند إلى أي قاعدة أو سابقة دولية .
ونستطيع أن نتوقع بحساباتنا كم سنة يمكن أن تستمر الحرب حتى تضع أوزارها .وماهي الجغرافيا ومساحاتها التي ستحترق بلهيبها _ لاقدر الله لها ان تكون _.
ولن يقف معسكر الطرف الآخر من العالم متفرجاً ..روسيا والصين .
وقد اقتربت المحارق هنا من الجغرافيا الروسية أكثر منها في الجغرافيا العربية السورية..
ومن أراد أن يكون محايداً من دول المنطقة لن يكون له مايريد .
إن بدأت تلك الحرب التي يسعى إليها وارسو ...سيبدأ فوراً سقوط كل الإمارات والممالك العربية في الجغرافيا العربية شرقاً وغرباً.
وقد صرّح أدميرال عسكري إيراني رداً على مهاترات واشنطن وحلف التجهيز للحرب من وارسو : لقد حان الوقت لإخراج القوى الأجنبية من المنطقة.
ليس من العقل أن تشتعل الحروب بالإختيار ..لكنها تصبح حقاً وفريضة وطنية واجبة في حال رد الإعتداء .
إن أنتج وارسو حرباً ..تبدأ الإمارات والممالك في التحلل .