جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 01:58 صـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد فياض يكتب.. محور المقاومة وقرار لندن وقواعد اللعبة

لم يخترع البرلمان البريطاني موقفاً جديداً _يتماشى مع دونية بريطانيا كأداة أمريكية _من حزب الله اللبناني .فقد صنّفت بريطانيا وحدة الأمن الخارجي لحزب الله وجناحه العسكري ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في عامي 2001 و2008 .

لكنها بريطانيا والتي تأوي الإرهاب والإرهابيين على أراضيها من عشرات السنين أرادت أن تتخلص من سخرية مواقفها الشاذة فكرياً بوضعها الجناح العسكري لحزب الله في خانة المنظمات الإرهابية المحظورة على مقاس قائمة الدول المارقة التي تُصْدِرها واشنطن بين الفينة والأخرى حسب الهوى .ومن دون إعتبار أن الحزب السياسي هو ذاته الجناح الدبلوماسي للجناح العسكري .فأرادت بريطانيا هذه المرة حظر الجناح السياسي لحزب الله على زعم أن أنشطة الحزب تزعزع أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط .

وبالرغم من يقين بريطانيا من أن حزب الله هو جناح مقاوم للإحتلال الإسرائيلي ويستمد شرعية وجوده ونشاطاته المقاومة من بنود ميثاق الأمم المتحدة وحق الشعوب في تقرير مصيرها ومقاومة المحتل وصد الإعتداء الخارجي على أراضيها .وأن حزب الله جزء من نسيج الشعب اللبناني المقاوم .وأن جناحه العسكري حمل على عاتقه مسؤولية تحرير الجنوب اللبناني وصد العدوان ويقف بالمرصاد لصلف وبلطجة تل أبيب .وأن جناحه السياسي مشارك في الحكومة اللبنانية وكذلك البرلمان اللبناني والذي يأتي نوابه بالإنتخابات .الأمر الذي يجعل سلطة الشعب اللبناني وسيادته على كل ماهو وطني على الأرض اللبنانية مصونة لاتُمَس بحكم المواثيق والاتفاقيات الدولية المستقرة قواعدها .

ونعي تماماً أن الولايات المتحدة التي خرجت مهزومة ومجبرة على الخروج من لبنان بعد غزوها له في 1984 .وأن إسرائيل التي ذاقت هي الأخرى مرارة الهزيمة في حرب تموز 2006 .ونعلم إلى جانب هذا رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في الذهاب إلى مواجهة مع إيران وتعلم واشنطن كم هي خرجت خاسرة ومهزومة وحلفها الغربي والمستعرب وأدواتها الدولية والإقليمية على الأراضي السورية من محور المقاومة .

ويراقب العالم نشاط أمريكا العسكري في المنطقة ومحددات الخطوط الحمراء الداكنة التي فرضتها بندقية المقاومة _الجيش العربي السوري . إيران .حزب الله _.
...إن تخوُّف أمريكا ورعب الإدارة في تل أبيب وتبَدُّل الخيارات وضيقها وهزيمة إستيراتيجياتهم من الحرب الكونية ضد سورية وصلابة الجيش العربي وتعافيه واكتسابه خبرات ميدانية أذهلت صانعي القرار الصهيوني ويقينهم بفائض القوة وإصرار دمشق على عربية ووطنية الجولان وحتمية استعادتها وتحريرها سلماً أو حرباً ..وضعت هذه الحقائق صانعي القرار أمام محاولة البحث عن ثمة إنتصار يحقق لأمريكا موقعاً أمام الحضور الروسي للمياه الدافئة وبقوة بما مكَّن موسكو ومعها الصين من استعادة المكانة والدور والفيتو ..وكذلك بحثا عن أمن إسرائيل وسعياً للجم المنطقة بهدف إعادة بعث مشروع الشرق الأوسط الكبير وفي القلب منه إسرائيل الكبرى من خلال مايسمونه صفقة القرن ..

ليس أمام الولايات المتحدة إلا الدفع بأدواتها الأوروبية والخليجية لإرسال حزمة من الرسائل تفتح بوابات جديدة للحرب وبالأدوات الإرهابية التي لاتعرف غيرها الذهنية الغربية والأمريكية .

ودائما تكون البدايات القذرة ضد منطقتنا في المطبخ البريطاني .ليتولى ساجيد جافيد وزير داخلية حكومة تيريزا ماي وتيار اليمين والذي لايخفي تفضيل مصالح إسرائيل على السياسة الخارجية البريطانية .وهو ساجيد من أبرز وجوه اللوبي الإسرائيلي الريطاني والمعروف باسم (cfi )أصدقاء إسرائيل فضلا عن كونه من أعضاء مجلس العموم عن حزب المحافظين الحاكم ..

وبالرغم من أنه الثابت وفقاً للمعلومات المتاحة أن مشروع قرار بتبني وضع الجناح السياسي لحزب الله على لائحة الإرهاب موجود منذ عدة أشهر على مكتب ماي رئيسة الحكومة .لكن يبدو أن واشنطن لم تكن أصدرت التعليمات بخروج القرار بعد .

وقد عارض حزب العمال البريطاني مشروع القرار هذا وطالب جاويد عضو العموم ومقدم المشروع بأن يقدم رفق مشروعه أدلة تبرهن وتبرر توسيع الحظر ليشمل الحزب السياسي مع جناحه العسكري .ولم تملك ماي للرد سوى أن قالت إن حزب الله ذاته لايفرق بين جناحيه السياسي والعسكري .بما لايجعل حكومتها تملك أدلة الآن على إرهابية حزب الله في جناحه السياسي ولم تكن لديها حال أصدرت بريطانيا من قبل قرارها بوضع حزب الله بجناحه العسكري على قائمة الإرهاب عامي 2001و2008 .

إن ماتتعامى عنه ماي أن الشعب اللبناني منح حزب الله قوة سياسية وشعبية أعطته تمثيلا واسعا في المجلس النيابي وفي الحكومة .الأمر الذي يشرعن بقوة الحضور الشعبي للحزب كقوة مقاومة .

لكن ساجيد لم يجد مايقدمه من مبررات تدعم مشروع قراره سوى أن حزب الله يشكل تهديدا كبيرا لإسرائيل .وقد شارك في الحرب في سورية .ومدعوم من إيران .

هنا يدحض ساجيد جافيد مببراته بأسانيده تلك .ويكشف لكل ذي عقل أن بريطانيا التي تتلطخ أياديها بدماء الشعوب وترعى الإرهاب ضد منطقتنا العربية تقدم بلداننا وشعوبنا قرابينا لتحقيق إسرائيل الكبرى .وهي صاحبة الوعد بلفور والعدوان الثلاثي على مصر والثلاثي على سورية ..كلها لأجل دعم الوجود الإسرائيلي وتوسعه .

ويتلقى حزب الله القرار الصادر عن لندن بوضعه في حجمه لكون حزب الله حركة مقاومة ضد الإحتلال ومازالت إسرائيل تحتل أراضي لبنانية وعربية ولايحق لأي دولة في العالم تحتضن الإرهاب وتموله وتدعمه وتمنحه مقرات وجود على أراضيها أن تتهم حزب الله أو أي حركة مقاومة بالإرهاب _ هكذا كان رد حزب الله على قرار لندن _.

والذي جاء القرار إنصياعاً ذليلاً للإدارة في واشنطن .

وقد وضعت الولايات المتحدة من قبل في إدارة بوش الأب إيران على قائمة الدول المارقة مع العراق وكوريا الشمالية .
وساقت حكومة تيريزا ماي من مبررات دعمها للقرار أن حزب الله فضلا عن إشتراكه في الحرب على الجغرافيا السورية فإنه مدعوم من إيران .

وهنا تتجلى محاولة البحث عن أي إنتصار ضد أي طرف من الأطراف التي هزمت المشروعالشرق أوسطي الكبير على الجغرافيا السورية في أعنف حروب القرن لأكثر من ثماني سنوات . إن المواجهة بين الغرب الأمريكي وبين محور المقاومة لم تنتهي وتتصاعد فصولها بوتيرة متباينة على أصعدة مختلفة .في الإقتصاد وإجراءات الحظر .في الملاحقات والذهاب إلى الأعمال القذرة التي تتبناها أجهزة الإستخبارات وعملاؤها في الإقليم .

لكن مايجب أن تتدارسه بجدية الذهنية الأمريكية أن الحرب مع أحد أضلاع المثلث سيلهب المنطقة لعشرات السنين بما يهدد كيانات ودول ويضع ربما مفاهيما جديدة ومغايرة للدولة القطرية .

إن جاز لنا إعتبار الحرب الكونية على سورية حلقة من حلقات الحرب التالتة وقد تأكد استحالة هزيمة معسكر المحور كما تبدّى لكل متابع . فإن نقل الحرب وتوسيع رقعتها وفق مخطط واشنطن سوف يحرف البوصلة ويفقدها السيطرة على توجيه الحرائق .فالسعي إلى حرب كبرى وفي ظل تنامي القدرات العسكرية لحزب الله والجيش العربي والجيش الإيراني لايمكننا التنبؤ بالقدرة على وقف رقعة النيران عند جغرافيا تُحدّد سلفاً .ولن تكون المنطقة بكاملها سوى ساحة حرب . لن تهنأ تل أبيب بثمة أمن تنشده ولن يستقر وجودها على ثمة جغرافيا تسيطر عليها الآن .

وتصبح كل المصالح وفي ظل وجود القواعد العسكرية الأجنبية في المنطقة معرّضة للإحتراق . أعتقد أن هذه القراءات تعيها بدقة واشنطن وتل أبيب وأن ماذهبت إليه بريطانيا ماي مجرد نقل أو تحريك لقطعة من الشطرنج لاتشكل ثمة تهديد للملك .

ولاتعدو أن تكون تسخين يراد منه تبيان ما يذهب إليه حزب الله وما يصدر من تصريحات من عواصم مثلث المقاومة وموقف الكبار في العالم على الطرف الآخر إيذانا للذهاب إلى ثمة تسويات في بعض الملفات التي تضمن تدفق المصالح عبر الأنابيب. وندرك أن مثلث المقاومة لايقدم تنازلات إذا فُرِضَت عليه الحرب .

وستبقى المواقف الصلبة والشجاعة والصامدة مقاومة ولا يملك قادة المقاومة رفاهية أو التنازل عن مربّعات على الطاولة دافعوا عنها بالسلاح وقدموا تضحيات ولاح الإنتصار .. إن للعبة قواعد وعتها المقاومة ودفعت استحقاقاتها في كل الساحات والميادين . وتستطيع الحفاظ على مواقعها ومواقفها المقاومة .