جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 08:45 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الجولان سوري ..لاترامب ولارسالة الرب

محمد فياض
محمد فياض

بمراجعة القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن رقم 497 الذي يصنف كل القوانين والإجراءات ومظاهر السيادة.والإدارة الإسرائيلية المفروضة على الجولان العربي السوري المحتل بالبطلان .واعتبارها بالمطلق غير عاملة على جغرافيا الهضبة المحتلة .نقف أمام التصويت على القرار حال صدوره لنعرف أنه قد صدر بالإجماع وصوت عليه كل الحضور أعضاء مجلس الأمن بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية صوتت لصالح القرار .

وقد تابع العالم تصريح ترامب الرئيس الأمريكي في الأسبوع الماضي ":إن الوقت قد حان لأن تعترف أمريكا بالسيادة الإسرائيلية على الجولان التي إحتلتها من سورية بعد حرب 1967 ." لم يكن هو التصريح الفج الأوحد الذي صرّح به الرئيس الأمريكي .بل سبقه أن وقّعَ أمام الميديا قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبارها عاصمة إسرائيل ..لم يُوَقّع القرار وحسْب .بل مارس عنفاً وإرهاباً بالقلم في ساحة وميدان الورقة المكتوب بصدرها القرار الأمريكي .

صدّر للعالم مكنونه النفسي تجاه أمتنا العربية..وإلى حكامنا رسالة مفادها أنه _ الترامب_ قد سَنَّ أسنانه وبات مشتاقاً للقاء المعترضين ليمضغهم تحت أضراسه النتنة. ولم يفعل ترامب هذه الخطوة إلا مندفعاً _ بمراجعة ملامحه وغيظه على الشاشات_ من قسوة تصريحات مهندس الإرهاب العملياتي على الأرض السورية السيد ليفي وهو يعلن قبل توقيع ترامب بأسابيع قليلة :.."نستطيع الآن أن نعترف بأن الأسد قد إنتصر وأن الحديث عن إعتباره خارج الترتيبات أصبح من الماضي وقد أدار الأزمة والحرب ضدنا بذكاء إستيراتيجي حاد .." فانفعل السيد الأمريكي ليقينه وقد أكدت له أجهزة إستخباراته والجهاز المعاون أن مشروعه في الشرق الأوسط _ والذي هو لصالح الكيان الصهيوني والدولة اليهودية الكبرى _ قد تأكد ذبحه بيد الجيش العربي السوري وذكاء بشار الأسد في خلق أزمة إقليمية وأخرى عالمية لواشنطن لم تكن قد وضعتها في الحسبان حال صياغتها لمخططها الشيطاني بتأليف جبهة عالمية للإستثمار في الإرهاب المتأسلم بغية تحقيق مشروعها الشرق أوسطي الكبير .وفوجئت الإدارة في البيت الأبيض بإنجاز الأسد تحالفاً إقليمياً ضم محور المقاومة بأضلاعه الثلاث بما شَكّلَ ذات الأزمة على الذهنية الصهيوأمريكية التي كانت تشكّلها دول الطوق في السابق من أخطار محدقة على كيانهم الغاصب ..

وأعاد ربما البيت الأبيض والإدارة في تل أبيب ألى المربع الصفري ..فلاكامب ديفيد أنجزت ..ولاضرب المفاعل العراقي ولاتحييد القوة العسكرية في القاهرة بالإتفاق المشؤوم صنع للكيان الغاصب أمناً دائماً..ولا استراحت الإدارة في البيت الأبيض..

وباتت دمشق وقد رصّت محوراً للمقاومة مؤلفاً من سورية ولبنان وإيران والعراق يشكل ضغطاً على إمكان تحقيق حلم إسرائيل الكبرى ويطرحه خارج الذهنية الجمعية للمنطقة برمتها.. وليس هذا الإنجاز الإقليمي وحده المزعج للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة بل كان المؤلم أيضا طلب الرئيس السوري المساعدة العسكرية الميدانية من روسيا بوتين وتلبية موسكو للطلب السوري وحضورها إلى الميدان وقد كانت هذه الخطوة رداً على دخول الموكل الأمريكي الحرب الميدانية على رأس تحالف تألف من أكثر من 60 دولة بينها دول حلف الناتو . ازادت التعقيدات أمام الأجندة الأمريكية وقد أدار الأسد الأزمة بشقيها الدبلوماسي عبر أسد الدبلوماسية العربية دكتور بشار الجعفري .والعسكري الميداني بالتحالفات الإقليمية والدولية .. ..

فقد ترامب رشده فكان انفعاله الساذج أمام الميديا وهو يوقّع قرار الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ويتمم بنقل سفارة بلاده إلى القدس العربي . ويتلو ذلك أن يحترق غيظاً _ وبينما لم ينجرف العالم خلفه للإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل _ فيحاول توجيه ضربة _ فشلت_ ضد إيران بإعلانه منفرداً في مايو2018 الإنسحاب من الإتفاق النووي مع إيران .ويفرض حزمة من العقوبات الإقتصادية ..لعلها طهران تعطي ظهرها لمحور المقاومة الذي أفشل المشروع الشرق أوسطي على الجغرافيا السورية وقطع الطريق عليه ووأده.. ولم تستجب الدول الموقعة الأتفاق مع إيران للخطوة الأمريكية الشاذة ..ووفقاً لقاعدة مصالح هذه الدول الغربية مع طهران . وتذهب لندن إلى الخطوة التالية ليقرر برلمان بريطانيا إعتبار حزب الله منظمة إرهابية ..كواحدٍ من أضلاع محور المقاومة وقوة من رصيد المحور المواجه لتل أبيب. ومما ساعد في رفع درجة الغيظ في البيت الأبيض أن بغداد التي احتلتها جيوش أمريكا والغرب وعاثت فيها فساداً وتدميراً وتخريباً وظنت _ واشنطن_ أن تسريحها للجيش العربي العراقي قد حطم أحد أهم القوى العربية المواجهة للعدو الصهيوني ..وبالرغم من الوجود الأمريكي المحتل مازال على الأراضي العراقية ..إلا أن الإدارة في بغداد تسدد لكمة قوية إلى ترامب وترفض من جانبها الإلتزام بالعقوبات الأمريكية الإقتصادية ضد طهران . وتسدد شلوطاً مفاجئا باستقبالها الحميمي الرسمي للسيد روحاني . وتُرسل من بغداد رسالة مفادها أن محور المقاومة في مرحلة رص الصفوف بشجاعة وبجاهزية للمستجدات .وتتسع رقعة الجغرافيا التلاصقة للمحور ( إيران .العراق.سورية.لبنان.) ..يقفذ ترامب كالقرد فوق الطاولة ويعلن حان الوقت للإعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان . في كل خطوات التصعيد الأمريكي الغربي ضد دول المحور غايتها إسرائيل ..وإسرائيل العظمى من النيل إلى الفرات. ويقف خلف المحور الفيتو الروسي والصيني والدعم الكامل لتحقيق الإنتصار النهائي .يعتقد البعض أننا نستبدل عمالة الأنظمة العربية هنا _ دول المحور_ من تبعيتها لواشنطن إلى موسكو .. وهذا الإعتقاد يخص فقط معتقديه ..وهم قلة لم تقرأ لا المشهد الحالي والذي بدأ مع أكذوبة الربيع العربي..ولا تاريخ العلاقات الدولية من صلح وستفاليا حتى اليوم مروراً بعصر التنظيم الدولي والحرب الأولى والثانية . لن يخيفنا أن يصدر تصريح من ترامب أو سلف أو حتى خلفه في البيت الأبيض. كما لايهزمنا أن تتحول التصريحات الأمريكية ولو كانت معها كل عواصم أوروبا العحوز المجهدة من إدارة الأزمات والمكتفية بثمة دور حسب سيناريو السيد الأمريكي إلى قرارات. أو حتى إعترافات تصدر من عواصم الأعداء والعاملين لديهم . إن كانت من القواعد المستقرة في القانون الدولي أن من أسباب نشأة الدولة هو الإعتراف الدولي إلا أن ذلك الإعتراف المنشيء للدولة محكوم بحزمة من الشروط موجوب لإعتباره أن تتوافر كلها .. وأمام الترامب الموتور المنهزم ودول التحالف على الجغرافيا السورية بعد ثماني سنوات من الحرب استخدمت فيها واشنطن وحلفها كل أنواع الأسلحة والمدعومة.

بأكثر من 3500 وسيط إعلامي وخزائن بمئات المليارات وأعتى أجهزة إستخباراتهم . يقدم الفتى البطل العربي الفلسطيني عمر أبو ليلى رداً حاسماً على التصريحات والقرارات وحتى الإعترافات الدولية عن القدس عاصمة إسرائيل ..وقدم الفتى ابن التسعة عشر ربيعاً إجابة نموذجية لصناع القرار في مطبخ الصهيونية العالمية ورجالاتها الجهابزة منذ بلفور وحتى اليوم عن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : هل بنقل السفارة والإعتراف والحصار والبطش العسكري لعشرات السنين أو حتى مئات منها يمكن أن يؤسس لالتفات شعب عربي مقاوم عن أبجدية نضاله ويُغَلِّب عنده حب الحياة بديلاً عن عشق الفداء للأرض والعرض والكرامة ؟ جاءت إجابة عمرابو ليلى لترد على ترامب وهو يصرح بأنه قد آن الأوان للإعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل .. والذي _ ووفقاً لقاعدة المصالح أيضاً_ رفضته الخارجية البريطانية والإتحاد الأوروبي ..ولايعتد بمثل تلك التصريحات أو حتى حال تتحول إلى قرارات تتخذها واشنطن لدى دول المحور ..والقوى الدولية الساعية إلى إعادة العالم إلى حظيرة الأمم المتحدة والقانون الدولي بديلاً عن شرعة الغاب وقانون البلطجة الأمريكية . وبعد تصريح ترامب بشأن الجولان والذي أعاد به وجهة التصويب إلى المربع الأول سورية ..وتعلن دمشق وتكرر على العالم إرادتها التي انصرفت ولن تنخرف عما انصرفت إليه مهما كانت الظروف وموازين القوى الإقليمية والدولية أن الجولان عائد إلى السيادة السورية إن سلماً فسِلم ..وإن حرباً فحرب . وتقدمت باكستان عن منظمة التعاون الإسلامي بوثيقة إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي التابع للأمم التحدة بشأن حقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل وممارسات الكيان الغاصب المحتل لفرض المواطنة الإسرائيلية على السوريين أصحاب الأرض .وقد صوتت الأغلبية على الوثيقة بما اعترف أخيرا مساء الجمعة 22مارس آزار الجاري بسورية الجولان . ولن يغير من سورية هضبة الجولان أو يحول دون إستعادتها وتحريرها من الإحتلال دبلوماسية أو حرباً أن يقول مايك بومبينو وهو يشارك الصهاينة الإحتفال بعيد البوريم ذكرى إنقاذ الملكة إيستر للشعب اليهودي من الإمبراطورية الفارسية أن ترامب أُرْسِلَ كذلك لإنقاذ الشعب اليهودي .وأن الرب أرسل ترامب لإنقاذ اليهود من إيران .

إن تحرير الجولان مسألة وقت وأن عقيدة الذهاب إليها عسكرياً باتت وشيكة الحدوث .وسيخوض الطريق إليها الجيش العربي بدعم كامل ومطلق من محور المقاومة . ليس مهماً أن تُصَرّح واشنطن أو يُصْدِر ترامب من قرارات منفعلة غير مسؤولة..بل الأهم هل تتنازل دمشق عن الأرض ؟ ..بالقطع واليقين سيذهب الجيش العربي ويقول كلمة سورية على آخر شبر من الأرض .