«حرفيو مصر».. يد الله التي تلوثها «الشاشات»
► أكاديميون ونواب: الدراما الفنية حولت خريج المدارس الفنية إلى بلطجي وفاشل.. وتغيير الصورة الذهنية للمؤهل المتوسط أمن قومي
"الحرفة"، التي نشأ عليها جيلنا والأجيال التي تلته، اللقمة التي ذقناها أمانا بيد "آبائنا الشقيانين"، جعلت على عاتقنا مهمة أن نجنب هؤلاء سخرية الشاشات التي أظهرتهم بلطجية أو متسولين أو تجار "بودرة". ولو أردنا العمق فإن، تجربة الدول العملاقة التي عانت من الأزمات الاقتصادي مثل ألمانيا واليابان اللتين تعرضتا للانهيار في الحروب العالمية؛ تصدرت المشهد العالمي ليس ببطل خيالي أخرجها من عثرتها ولكن بسواعد الحرفيين والمهنيين.
التجربة الملهمة تتطلب رؤية متكاملة من الحكومة لتمكين دارسي التعليم الفني الذين لا يستهان بقدراتهم بداية من المناهج التعليمية مرورا بتغيير نظرة عفى عليها النظرة من قبل صناع الدراما لأبناء التعليم الفني، وصولا لمستقبل يليق بأبناء المهن الفنية ينافس دول العالم , مما دفعنا بإلقاء الضوء على دور الثقافة والفن فى تغيير الصورة الذهنية السلبية لخريجي التعليم المتوسط في الأعمال الدرامية والسينمائية .
► الشهادة ليست مفتاح النجاح في الحياة
قال الخبير الإعلامي أسامة الشيخ،’’ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري الأسبق’’ ،الإعلام المصري يجب أن يكون وطني ينتبه لقضايا وطنه , بكونه يمتلك أدوات تؤثر وتغير أفضل من الحديث والحوار المباشر ,منه بأن الإعلام لديه وسائل كثير للتعبير والتأثير بالمجتمع منها الدراما والسينما والغناء.
وأوضح رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري الأسبق, بأن فيلم ’’ أريد حلاً ’’ للفنانة فاتن حمامة ساهم في تغيير الأحوال الشخصية ,ومسلسل ’’ سنبل ’’ للفنان محمد صبحي وجه الأنظار إلى إنشاء مجتمعات زراعية جديدة بالصحراء من خلال تعميرها ,ومسلسل ’’أرابيسك ’’ للفنان صلاح السعدني أستطاع بأن يعرف الناس قيمة التراث وكيفية الحفاظ عليه , قائلا :’’ كل هذة النماذج غير ارشادية وغير توجيهية فبالتالي أستطاعت بأن تعيش وتؤثر بالمجتمع ’’.
وشدد الخبير الإعلامي , على ضرورة قيام الدراما بتقديم نماذج ناجحة من خريجي المؤهلات المتوسطة وهي كثيرة بالمجتمع , مضيفا لا يعقل تجسيد حاصلي الدبلومات وحصرهم في دور بلطجي أو ’’ شمام’’ أو تاجر مخدرات , قائلا:’’ هؤلاء أولاد الشعب الحقيقيين, وهناك منهم كان يتمنى بأن يستكمل دراسته الجامعية لكن ظروفه لن تسمح بذلك’’, لافتا بضرورة الإهتمام بالمستوى المهني لخريجي المؤهلات المتوسطة , على أن تكون المعاهد والمدارس جادة وتحتوي على كافة الوسائل العلمية و العملية التى يستطيع من خلالها بأن يصبح الخريج منتج فني على أعلى مستوى.
وأكد الشيخ , على أن الإعلام وحده ليس كافي لتغيير الصورة الذهنية السلبية لخريجي الدبلومات الفنية بالمجتمع , هناك وسائل أخرى مثل خبراء علم الإجتماع , وقوانين الدولة , والإعلام المباشر والفن بكافة أشكالة , لابد تضافر كافة المؤسسات من أجل إلقاء الضوء على قيمة التعليم الفني, مناشدا القائمين على الفن بالإهتمام بهذة الشريحة من المجتمع , لأن الوطن لا يستغنى عنهم, قائلا:’’ رسالة إعلام الدولة هو خدمة عامة , ترتقي بالشعب وتنورة , وتقف ضد الأفكار الخاطئة ...و الشهادة ليست مفتاح النجاح في الحياة ’’.
► تسليط الضوء على الدراسة الفنية وخريجها
قال الدكتور أشرف زكى’’ نقيب المهن التمثيلية و رئيس أكاديمية الفنون’’, التعليم الفني أهم بكثير من التعليم العالي , لذا نحن في لأكاديمية الفنون نحرص على قبول دفعات من الطلبة الحاصلين على الثانوية الفنية ,لأن بينهم مواهب مهمة جدا .
ونفى ’’رئيس أكاديمية الفنون"، وجود عراقيل للمتقدمين من حاصلي المؤهل المتوسط , قائلا ’’ كانت هناك بعض المعاهد لا تقبل المؤهل المتوسط ، لكن الأن استطاعنا بأن نسهل لحاصل المؤهل المتوسط الإلتحاق بمعاهد الاكاديمية".
وأوضح ’’نقيب المهن التمثيلية"، النقابة ليس لها الولاية على الأعمال الفنية , واصفا الأعمال الفنية المحايدة التي تعكس الواقع بالمجتمع، مؤكدا على أن النقابة ليست المنوطة بتوجيه الاعمال الفنية إلى الأهتمام بفئة معينة أو شريحة معينة من المجتمع, قائلا" أوجه رسالة إلى كتاب الدراما بضرورة تسليط الضوء على الدراسة الفنية وخريجها من النماذج الناجحة والمواهب المتميزة’".
► هناك دول انصفت التعليم الفنى
في البداية يقول المخرج عمر عبدالعزيز’’ رئيس اتحاد النقابات الفنية ’’ , أن هناك بعض الأعمال الفنية تتناول خريج المؤهلات المتوسطة ’’ خريج التعليم الفني ’’ بشكل سيئ , قائلا ’’ للأسف هذة نظرة عامة للمجتمع , ونحن لم نستطع بان نقيم التعليم الفني المتوسط ’’, مضيفا بان الفن بشكل عام والسينما بشكل خاص تعكس نظرة المجتمع للمؤهلات المتوسطة, خاصة التعليم الفني. وأشار عبد العزيز , إلى أن مدارس’’ مبارك كول’’ , من أهم المشاريع التى تعكس مدى أهمية المؤهل المتوسط ولكنه للأسف لم يستمر, لافتا إلى ان هناك العديد من الدول انصفت التعليم الفنى عن باقي الشهادات الدراسية بكونه لا يقل أهمية عن الحاصلين على الدراسات العليا.
وطالب ’’ رئيس اتحاد النقابات الفنية ’’ , كتاب الدراما والسينما بأن يكونوا مدركين لأهمية التعليم الفني وان يكون حذر فى تناول أي طبقة إجتماعية معينة , تجنبا لأي مردود سلبي , خاصة بعد تجسيدها بالأعمال الفنية التى تعرض للجمهور ,منوه بان نسبة خريجي التعليم المتوسط أكثر من التعليم العالي , مشددا على ضرورة الإهتمام بهذة الشريحة الكبيرة دون تهميشها أو إلصاق التهم الباطلة لها , أو إظهار الدور الإيجابي وليس السلبي , قائلا’’ أدعو كتاب الدراما بكتابة أعمال بطلها حاصل على تعليم فني متوسط’’.
► الدول تنهض بالإيدي العاملة
وشددت الدكتورة هند الجبالي’’ الخبير الإجتماعي و عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب’’, على ضرورة تغيير ثقافة المجتمع المصري من السعي والأهتمام بالمؤهلات الجامعية على حساب المؤهل الفني المتوسط , قائلة ’’ الدول تتقدم وتنمو من خلال ابنائها لصحاب المهارات والحرف ’’.
واكدت الخبير الإجتماعي , على أن الأعلام والفن يلعب دورا كبيرا ومهم فى تغيير الصورة الذهنية لدى الأسرة المصرية تجاه أي مفهوم خاطئ ,منوه بضرورة ألتزام كتاب الدراما والسينما بالعادات والتقاليد والقيم والأخلاقيات المصرية التى تربينا عليها بالإضافة على الحفاظ على الموروث الثقافي ونبذ صور العنف والاثارة والقيم الدخيلة على مجتمعنا المصري , وتسليط الضوء على النماذج الناجحة من كافة شرائح المجتمع. أوضحت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب , بأن مصر في طريقها للتحول من دولة مستهلكة إلى دولة منتجه وذلك من خلال الايادي الفنية والحرفية , قائلة ’’ تغير الصورة الذهنية للمؤهل المتوسط يعتبر من اهم المحاور الهامة بالملف الاجتماعي للأمن القومي’’.
►خلق صورة ذهنية واقعية حقيقية
بدوره أوضح الكاتب الصحفي أيمن عبد المجيد ’’ رئيس لجنة تطوير المهنة والتدريب بنقابة الصحفيين’’ , بأن النقابة مسؤولة على الإرتقاء بالمهنة وتطويرها وحماية أعضائها , كما لها دور وطني من خلال العمل على تنظيم دورات تدريبية وورش عمل بهدف خلق قدرات إضافية لدى الصحفيين من أعضاء النقابة, بما يخدم قضايا الوطن وفي القلب منها قضية التعليم الفني والتدريب المهنى عبر تصحيح الصورة الذهنية الخاطئة لدى الرأى العام وكذلك مناقشة منظومة التعليم الفنى بكافة جوانبها للوقوف على الثغرات وتقديم مقترحات الخبراء والمعنيين لتقويم هذه المنظومة والمساهمة فى اصلاحها بما يعود بالنفع على الوطن .
وأضاف رئيس لجنة تطوير المهنة والتدريب بنقابة الصحفيين’’ ,أن الدول العملاقة التي عانت الازمات الآقتصادية والانهيار نتيجة الحروب قد استطاعت ان تنجح فى العودة لصدارة المشهد عن طريق سواعد الحرفيين والمهنيين مثل ألمانيا واليابان اللتان تعرضا للانهيار فى الحروب العالمية , مؤكدا على أن بداية الاصلاح تنطلق من رؤية الحكومة من خلال تمكين دارسى التعليم الفنى للحصول على درجة البكالوريوس والماجيستير والدكتوراة بالاضافة الى الارتقاء بالمناهج التعليمية لخلق منتج تعليمى فنى قادر على المنافسة في السوق المحلية والدولية , حيث نضع أمام الاسر المصرية أبواب للطموح وتقديم نماذج ناجحة يحتذى بها , قائلا:- ’’ هنا يتم خلق صورة ذهنية واقعية نابعة من تطوير حقيقى يجعل الاقبال على التعليم الفنى والمهنى محققا لمكاسب معنوية وفرص عمل مستقبلية وهذا يقع على عبء الصحفى منتج الرسالة’’.
►صورة متدنية لخريجي التعليم الفني
وأكد الناقد السينمائي محمد قناوي ، على أن الدراما منذ زمن طويل عكفت على تقديم صورة متدنية لخريجي التعليم الفني والتدريب المهني، حيث أسهمت الأعمال الفنية ’’ تليفزيون , سينما’’ في تقديم خريجي المدارس الفنية المتوسطة للجمهور في صورة بلطجي أو مدمن أو فاشل أو فاسد , بالتالي تحولت الصورة الدرامية ’’ التمثيلية’’ إلى صورة حقيقة بالمجتمع , مما أسفر عن التفرقة في التعامل بين خريجي المؤهلات المتوسطة والمؤهلات العليا. وأشار ’’قناوي’’ إلى ان الدراما أصبحت عامل أساسي في قيام العديد من الأسر برفض زواج أبنائها من أصحاب المؤهلات المتوسطة ’’ التعليم الفني’’,مشدد بأن الدولة تبنت فى عصر الرئيس عبد الفتاح السيسي قضية الإهتمام بالتعليم الفني والسعي فى تحسين صورته الذهنية بالمجتمع , قائلا:-’’ الدولة التي تريد النهوض عليها بأن تبدء بالإهتمام بالصناعة والزراعة بكونهما أساس إنتعاش اقتصادها , وهذه من أولويات الرئيس السيسي ’’.
وطالب ’’قناوي’’ كتاب الدراما بتبني رسالة الرئيس السيسي من خلال تغيير الصورة الذهنية للعامل أو خريجي المدارس الفنية من صورة عنصر فاسد إلى عنصر إيجابي بكونة عامل هام فى عملية نهضة المجتمع , لافتا بأن المشاريع العملاقة التى تم إفتتاحها من مزارع ومصانع ومدن جديدة و ... قائمة على الإيدي العاملة من خريجي المدارس الفنية.
وأستعرض ’’ قناوي’’ نموذج من الدول التي أهتمت بالمؤهلات الفنية المتوسطة ومنها ألمانيا التي أهتمت بالإيدي العاملة وأصبح أجر الفني أعلى من أجر المهندس , حيث تحولت نظرة المجتمع الألماني للحرفي أو الفني إلى نظرة تقدير وأحترام. >> الفن مرأة للمجتمع وأشاد الكاتب والسينارست ناصر عبد الرحمن ,بمبادرة الرئيس السيسي بالإهتمام بالمؤهلات المتوسطة وتغيير ثقافة نظرة المجتمع لهم ’ مؤكده على ضرورة البحث والتحري على نماذج من خريجي التعليم المتوسط الناجحة بالمجتمع وتجسيدها بالأعمال الفنية حتى تكون نواة لبداية تغيير الصورة السلبية تجاههم.
وأكد ناصر عبد الرحمن, على أن أزالة العراقيل لخريجي التعليم الفني بأكاديمة الفنون خطوة مهمة فى إكتشاف المواهب المتميزة من هؤلاء الشباب من حاصلي على الثانوية الفنية ’ مشيرا إلى ان الفن مرأة للمجتمع وعلى جميع المؤسسات التضافر لمساندة المؤهلات المتوسطة , من أجل مساعدة كتاب الدراما والسينما من تجسيد هذة النماذج الناجحة بالأعمال الفنية.
► الدبلومات الفني هي أعمدة الاقتصاد المصري
الى ذلك قال النائب محمد عطا سليم’’عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب’’,سوف اتقدم بطلب إحاطه للدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب , بشأن تغيير الصورة الذهنية الخاطئة للمؤهلات المتوسطة ’’التعليم الفني’’ من خلال وزارة الثقافة.
وأوضح عطا سليم ,بأن طلب الإحاطه موجه للدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة بتبني مبادرة تخاطب من خلالها المثقفون و كتاب الدراما والسينما بتسليط الضوء على النماذج الناجحة والمتميزة من الحاصلين على مؤهلات متوسطة من خلال الأعمال الفنية واللقاءات الثقافية. وشدد عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب, بتفعيل مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي التى تؤكد بضرورة تغيير الثقافة المصرية فيما يتعلق بخريجى التعليم الفنى, وذلك من خلال كافة القطاعات والمؤسسات بالدولة , قائلا ’’ خريجي الدبلوم الفني هو أحد أعمدة الاقتصاد القومي المصري مثل اليابان والمانيا , خاصة وأن الدولة تتجه إلى طريق النمو الاقتصادي وتشجيع الإستثمار’’.
►الفنون هي إفراز لثقافة المجتمع
وأكد شهاب فوزي الحمراوي’’ طالب ’’ , على ان الفن عجز عن تجسيد خريجي الدبلومات ’’ المؤهلات المتوسطة’’ بالشكل اللائق من خلال الأعمال الفنية, مما ساهم في جعل المشاهد والمتلقي بأن ينظروا إلى خريجي المدارس الفنية بصورة دونية مقياسا بالمؤهلات العليا. وأضاف الحمراوي ,مما أسفر عن تحول المؤهل المتوسط من عنصر منتج وفعال وهام بالمجتمعات الأقتصادية إلى ’’ سُبَّة ’’ في جبين المجتمع,قائلا : ’’ الفنون هي إفراز لثقافة المجتمع ومن ثم فإن ثقافة المجتمع، هي صورة عكسية أو مرآة ونتاج لهذه الفنون , لذا اتمنى بأن يسعي القائمين تغيير الصورة السلبية العالقة بأذهان تجاه المؤهلات المتوسطة ’’.
► ’"النمر الأسود" أعطي للحرفي حقه
وأضاف مينا فوزي بخيت’’ طالب’’ , كانت هناك أعمال فنية لعبت دورا هاما فى تجسيد اصحاب الحرف والمؤهلات المتوسطة بشكل لائق ومتميز , مثل فيلم ’’ النمر الأسود’’ للفنان أحمد ذكي , بالإضافة إلى مسلسل ’’ ارابيسك’’ للفنان صلاح السعدني , وغيرها من الأعمال التى ألقت الضوء على خريجي المؤهلات المتوسطة والحرفية وجعلتهم رموز ناجحة بالمجتمع .
وطالب بخيت , بضرورة الإهتمام بإنتاج أعمال فنية تعيد الحق والمكانة الإجتماعية لخريجي الدبلومات الفنية لكي يشعروا بقيمتهم بالمجتمع .
► ضرورة تغيير الثقافة المصرية
يشار الى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، دعا إلى ضرورة تغيير الثقافة المصرية فيما يتعلق بخريجى التعليم الفنى، قائلا: "محتاجين نغير ثقافتنا كمصريين بإننا لا ننظر فقط إلا لخريج الشهادة الجامعية، فى الوقت الذى ننظر فيه إلى الفنى مهما كانت كفاءته وقدرته على تقديم عمل جيد بشكل غير مناسب".
جاء ذلك خلال كلمة له بجلسة خاصة لوزيرى التربية والتعليم والتعليم العالى يستعرضا خلالها دور التعليم فى إعداد قادة المستقبل، ضمن فعاليات منتدى شباب العالم.
