جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 01:38 مـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

« آثارنا المنهوبة » .. وضياع حقوق الأجيال القادمة

الأثار المنهوبة
الأثار المنهوبة

الزنط: القضية ليست بقانون فقط بل تحتاج تعديل ثقافة المجتمع تجاه الآثار المصرية من خلال التعليم والإعلام
التنظيمات الإرهابية اتخذت سوق الإتجار بالآثار سبيلً لتمويلها

أثارت واقعة ضبط آثار مصرية مهربة بداخل حاوية دبلوماسية في موانئ إيطاليا الجدل والاستياء بين جموع المصريين بسبب فقدان كنوز الوطن وثرواته فلم تكن الواقعة الأولى من نوعها فقد حرص أصحاب المصالح والطامعين على فعلها ونسوا قيمة حضارتهم التي لا تقدر بثمن، فظهرت آلاف الآثار المصرية في العديد من متاحف العالم لتعرض على الملأ وفي مزادات لبيعها خاصة في متحف بريطانيا الذي يحتوي على 100 ألف قطعة بنفس العدد تقريبا في المتحف المصري.

فقد رأى الخبراء أن الأمر يقتضي إيقاف نزيف تهريب الآثار المصرية إلى الخارج وذلك بحصر القطع الأثرية بمواصفاتها الحقيقية، وتأمين منافذ الدولة والسيطرة عليها بالتفتيش الدقيق وكذلك التأمين الجيد على المتاحف والمخازن وتأمين بعثات التنقيب، علاوة على تفعيل دور وزارة الخارجية في استعادة الآثار المهربة بالخارج، هذا بالإضافة إلى تعديل ثقافة المجتمع تجاه الآثار المصرية من خلال التعليم والإعلام.

المدى الطويل والقصير

يقول د. سعد الزَنط ـ أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ـ إن تهريب الآثار المصرية إلى الخارج موضوع قديم، ورغم موافقة البرلمان على قانون جديد لحماية الآثار شدد فيه العقوبة على مرتكبي جرائم الآثار إلا أن القضية ليس إلزام بقانون فقط بل تحتاج تعديل ثقافة المجتمع تجاه الآثار المصرية بخطة طويلة الأجل من خلال التعليم والإعلام حيث أن الدولة بصدد تغير نظم التعليم والاتجاه لنوع من الضبط الأخلاقي والمهني لمنظومة الإعلام فهذا سيسهم في بناء إنسان بثقافة مختلفة بنوع من إعادة ترتيب البينة الفكرية للإنسان المصري ليكون لديه قناعة ذاتية بمعرفة قيمة آثار بلده، وأن يقوم الإعلام بتوعية الناس بأن المسألة ليست لكسب الأموال بل هي حضارة بلد وملك لأجيال، أما على المدى القصير فمسألة التنقيب والتهريب غير مرتبطة بالمهربين فقط بل بجهات كثيرة مشتركة مما دل على الإهمال والفساد.

معالجة الفساد

ويستكمل الزَنط، مطالباً بعمل خطة مؤقتة لمكافحة الفساد خاصة جرائم تهريب الآثار وغسيل الأموال بتغيير معايير اختيار وتدعيم عناصر المؤسسات المشتركة في مكافحة هذه الجرائم واستبدال العناصر البشرية في مراحل معينة بالمواني والمطارات بنظم ألكترونية متقدمة بالعلاج المؤقت بجزء من معالجة منظومة الفساد بالدولة فعندما نضع له قوانينه لابد من الأخذ في الاعتبار إنه معالجة لجزء من منظومة الفساد الكبيرة بالدولة، مؤكداً أن تأثير هذه الجريمة على المجتمع المصري مرتبط بالأمن القومي المصري وليس سياسياً فقط، لافتاً إلى أن التنظيمات الإرهابية اتخذت سوق الاتجار بالآثار سبيلاً لتمويلها وكان سبباً أساسياً في زيادة معدل تهريب الآثار وغسيل الأموال، فكل الدول التي حدث فيها عمليات إرهابية دمروا آثارها.

الخيانة العظمى

يؤكد المستشار جمال التهامي ـ رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة وعضو مجلس شورى سابقاً ـ أن تهريب الآثار جريمة كبرى ويجب تغلظ عقوبتها لتماثل عقوبة الخيانة العظمى أو الجاسوسية، حيث أن لها آثار سياسية واجتماعية واقتصادية على المجتمع المصري خاصة عقول الشباب الذي يتساءل كيف تم تهريب هذه الآثار إلى الخارج؟ ومن أي منافذ تم تهريبها؟ ومَنْ وراء تهريبها؟، بالطبع من فئة قليلة كارهة لمصر، لافتاً إلى أن تهريب الآثار له أثر سيئ على مصر وعلاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع بعض الدول حيث يشوه صورة مصر أمام الخارج، مطالباً بضبط وإحكام منافذ الدولة والبحث في الثروات الفجة التي ظهرت مع أشخاص بدون أساس من الواقع ولا تتماثل مع حجم إيراد عملهم ليقع تحت طائلة القوانين وهذا دور جهاز الكسب غير المشروع.

ملك أجيال

يرى د. ناجي الشهابي ـ رئيس حزب الجيل الديمقراطي وعضو مجلس الشورى سابقاً ـ أن تهريب الآثار قصة فساد كبرى لابد أن تنتهي، حيث أنها ليست ملك الجيل الحالي بل ملك أجيال مصر القادمة والحفاظ عليها قضية أمن قومي، مشيراً إلى أن ممارسة تهريب الآثار موجودة من زمن طويل مما جعل المافيا العالمية تخطط بوسائل كثيرة لتستحوذ على الآثار المصرية بمساعدة مندوبها من الداخل فظهرت متاحف في أوربا يحتوي على الآثار المصرية، فلماذا لا نسيطر على منافذنا لنحمي آثارنا؟، مطالباً من الدولة المصرية مكافحة هذه الجريمة داخلياً وخارجياً بالاستعانة بالأجهزة الدولية والإنتربول لتتعقب الآثار المهربة وتستعيدها لمصر، مضيفاً أن المجتمع المصري يعيش في إحباط بسبب تهريب آثار وطنه.

الحقيبة الدبلوماسية

يطالب د. حجاجي إبراهيم ـ أستاذ الآثار المصرية والفنون بجامعة طنطا ـ بتعديل ثقافة المجتمع من خلال التربية والتعليم للنشء على حب آثار بلده ودراسة التربية الوطنية، وكذلك تعديل دور الحقيبة الدبلوماسية من خلال وزارة الخارجية لتكون مختصة بالمكاتبات والرسائل الرسمية السرية فقط ويتم الرقابة والمتابعة على هذه الحقائب حتى لا يتم استغلالها في التهريب حيث أن ضعف الرقابة وعدم التفتيش وراء كارثة تهريب الآثار، فمن الممكن أن يرسل فيها دواء وأحياناً يرسل فيها آثار وهذه كارثة بدليل أن هناك بعض الدول أظهر جهاز الكشف عن تمثال داخل حقيبتها الدبلوماسية ورفضوا فتح هذه الحقيبة، كما يجب عمل حصر للقطع الأثرية مع تصويرها بالألوان وأبيض وأسود على أن يتم توضيح مواصفاتها وإعادة قراءة وكتابة اسم القطعة.
الرقابة وإثبات الملكية

تضيف النائبة جليلة عثمان ـ عضو مجلس النواب ـ أن أعضاء كثيرين في المجلس تقدموا بطلبات إحاطة بخصوص هذا الموضوع، والمجلس وافق على قانون حماية الآثار المصرية بعد مناقشته بتغليظ العقوبات على مرتكبي السرقة والتنقيب والتهريب للآثار ويحقق حالياً تدريجياً من خلال لائحته التنفيذية، منوهة على أن الحل لم يكن بالقوانين والتشريعات فقط بل في إثبات ملكية الآثار التي تمكنا من إعادتها، علاوة على التحرك التنفيذي من وزارة الآثار بعمل حصر للآثار الموجودة والحماية الكافية للمخازن فلا يمكن استعادة الآثار المهربة المسروقة من المتاحف إلا إذا كانت مسجلة لديها، أما في حالة تهريبها دون وجود سند قانوني يثبت ملكية مصر لها فمن الصعب استعادتها، بالإضافة إلى تأمين المنافذ الجوية والبحرية والبرية من خلال الداخلية بالتفتيش الدقيق على كل شيء خارج من مصر وكذلك التأمين الجيد على المتاحف والمخازن وتأمين البعثات التي تأتي إلينا للتنقيب، وتفعيل دور وزارة الخارجية في استعادة آلاف الآثار الموجودة في متاحف بالخارج، مشيرة إلى أن ما تردد بشأن تهريب الآثار في حاويات الدبلوماسيين يُعد كارثي وتفريط في حق الأجيال وإهمال وتقاعس من وزارة الآثار المعنية بحمايتها.