جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 06:29 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الشكوى والأنين والإحباط كان شعار الطلاب في أيامه الأولى .. ”الديار” تسأل : هل فشلت تجربة ”التابلت” ؟!

شكاوي التابلت
شكاوي التابلت

"التابلت" مجرد أداة مساعدة لا يصلح إلا للمهارات فقط ..

إذا تم تنفيذه فلا يعترف بشهادة الطالب لأنها غير معادلة مع الجامعات الخارجية ..

أصبحت الامتحانات كابوس يهدد مستقبل طلاب المرحلة الثانوية، فبعد أن كانت منظومة "التابلت" أساس لتطوير تكنولوجي للتعليم المصري بأسلوب حديث تحولت إلى شبح بآلة صماء أعجزت طلاب الصف الأول الثانوي عن تحقيق حلمهم في أولى أيام الامتحان بسبب عدم الاستعداد الكافي لسعة الإنترنت التي منعتهم من أداء الامتحان التجريبي لقياس المستوى، مما أثر عليهم بالإحباط والمزيد من الشكوى والأنين.

فقد رأي الخبراء أن المسألة تكمن في إتاحة الاستعدادات الكاملة بخطة إستراتيجية واضحة ومحددة لتلافي هذه المعوقات، وأشار البعض إلى أن التطوير لا ينحصر على أجهزة التكنولوجيا بل يكون في آليات تطوير التعليم لأن "التابلت" مجرد أداة مساعدة لعملية تعليمية فعالة ولا يوجد نظام تعليمي معتمد عليه ولكنه يصلح للمهارات فقط وليس لقياس درجة الاستيعاب للمادة العلمية والانتقال من صف دراسي لصف أعلى والحصول على شهادة مُعتمدة.
ظهور معوقات

يقول د. كمال مُغيث ـ الخبير التربوي والباحث في مركز البحوث التربوية ـ إن منذ ما أعلن عن تجربة "التابلت" كنت متوقعاً بما سيحدث، ففي أولى أيام امتحان الصف الأول الثانوي ظهرت معوقات الدخول على الإنترنت ولدينا مليون "تابلت" في حاجة لصيانة يومية، متسائلاً: ما علاقة "التابلت" بالواقعية في التعليم؟ وما مدى خطة تدريب الطلاب والمُعلمين والموجهين عليه؟ وما مدى تطور المادة التعليمية من الامكانيات؟ وهل تم تطوير المناهج وطرق التدريس؟ وهل تم تجهيز المدارس للتجربة؟، وهل تم عمل الاحتياطات اللازمة لتجنب الدخول على المواقع الإباحية؟، فعندما نرى أن الأمر شائك يخص عدد كبير من الطلاب فكان ينبغي أن نأخذ مدرستين أو ثلاثة من كل محافظة لتجربة "التابلت" فيها حتى يتم السيطرة على الموقف بمنطق العينة الممثلة بعام مع تجربة علمية مدروسة من خبراء متخصصين بالمتابعة ووضع التقارير للوقوف على المشاكل لحلها ووقتها نستطيع أن نعمم التجربة أو نوقفها.

خطة علمية مدروسة

تؤكد د. شرين سالم ـ الخبيرة التربوية وأستاذة أصول التربية بكلية الدراسات العليا التربوية بجامعة القاهرة ـ أن فكرة "التابلت" جميلة جداً لأنها قائمة على الفهم وبعيدة عن الحفظ وتُعد ضمن آليات تطوير التعليم، ولكن تحتاج لخطة مدروسة بأسلوب علمي قابل للتنفيذ على أرض الواقع وبالإمكانيات المتاحة وإيجاد بدائل بعد ظهور المعوقات وإلا سيكون إهدار للجهد والوقت والمال، فلا يجوز أن نأخذ فكرة تم تطبيقها في أحد الدول دولة ونحاول تعديلها على مجتمعنا بدون أن تكون مدروسة بأسلوب علمي، منوهة على إنها تجريبية وبعيدة عن الدرجات فإذا لم يكن هناك إصرار على تنفيذها بطريقة صائبة ستفشل، مشيرة إلى أنه سيتم الحكم عليها بعد انتهاء العام الدراسي لأنها تجريبية وكل ما حدث من أخطاء سيتم تلافيه قبل الامتحان النهائي.
أرض الواقع

ترى عفاف بهيج ـ الخبيرة التربوية ومدير عام سابق بالتعليم ـ أن التخطيط في العالم لابد أن يبدأ من أرض الواقع وبالإمكانيات المتاحة لكي نحصل على نتائج إيجابية، فما حدث في أولى أيام امتحان "التابلت" كان نتيجة لأن التخطيط لم يضع في اعتباره أرض الواقع والإمكانيات المتاحة ونتج عنه عدم إتاحة سعة الإنترنت لكم الطلاب الهائل، فعدم دراسة الواقع في التخطيط كان سبباً في هذا الخلل، لافتة إلى أن استخدام الأونلاين على مستوى العالم يكون في اختبار المهارات فقط وليس لقياس درجة الاستيعاب المادة العلمية أو الانتقال من صف دراسي لصف أعلى والحصول على شهادة مُعتمدة، فإذا تم تنفيذ ذلك فلا يعترف بهذه الشهادة وتصبح غير معادلة مع الجامعات الخارجية.
الخديعة الكبرى

وتكشف بهيج، الستار عن الخديعة الكبرى التي ينشرها الإعلام بأن مصر في أخر مرتبة من التعليم العالمي رغم أن ما يقاس في التصنيفات العالمية لا ينطبق على الإمكانيات المتاحة في المدارس المصرية وعدد السكان، علماً بأن التعليم المصري يمتاز بمناهج جيدة ومعلمين ممتازين، والخديعة الثانية بأن التعليم المصري غير مواكب لسوق العمل رغم أن التعليم العام غير مطالب بتخريج دفعة لسوق العمل بل مطالب بمنتج لديه معلومات تؤهله للالتحاق بالجامعة وينحصر منتج سوق العمل في التعليم الفني، لأن منظومة التعليم تعني بالمحاور الثلاثة الاجتماعية والثقافية والمهنية، فلا يجوز أن يمتحن طالب كلية الطب على الكافية أو في النادي على "التابلت".

التأسيس قبل التطبيق

يشير ثروت رشاد ـ نقيب المعلمين إدارة الساحل وروض الفرج التعليمية بالقاهرة ـ إلى أن بوسع الوزارة أن تنشئ نظام تعلمي يليق بالتكنولوجيا بـ"التابلت" ولكن الأدوات لم تساعد في إنجاح العملية في أيامها الأولى فكان من المفروض قبل التطبيق أن يتم تأسيس النظام بالاستعدادات التامة لتنفيذه خاصة بسعة الإنترنت المناسبة لعدد الطلاب ولكن للأسف عدم الوضع من الحسبان أدى إلى فشل البداية مما أثر على الطلاب بالإحباط الشديد الذي ظهر من خلال شكاويهم المتكررة فإذا استمر الحال على ما هو عليه سنضيع أجيال ونهدم التعليم تماماً، متمنياً أن يتم المعالجة في أقرب وقت ممكن، مطالباً بتقليل حجم المناهج التي بها حشو والاهتمام بالمعلم لأنه أساس نجاح أي عملية تعليمية بالتدعيم المادي والتأهيل، وتعيين دفعات جديدة من الشباب خريجي كليات التربية بمواكبة الكنولوجيا والاهتمام بهم مادياً ومعنوياً لتحقيق الاستقرار النفسي للمعلمين.
إدارة الأزمة

يوضح د. أيمن الدهشان ـ الرئيس التنفيذي لمركز "حلم وطن" بحزب مستقبل وطن لدعم إتخاذ القرار ـ أنه ينبغي على إدارة تكنولوجيا المعلومات بالوزارة أن أن يكون لديها توقعات بالمعوقات والايجابيات في تجربة "التابلت" خاصة كم طلاب الصف الأول الثانوي الموجود، متسائلاً: هل هناك سيناريو للتجهيز؟ هل يوجد سياريوهات لإدارة الأزمة؟ هل يوجد فكر تكنولوجي داخل الوزارة؟ وكيف سنعطي للطالب "التابلت" ولا يوجد لدينا أساليب للحماية؟ هل لدينا الوعي بحروب الجيل الخامس واختراق تكنولوجيا المعلومات والامتحانات؟، مطالباً من الوزارة اختيار معاونين من الخبراء في التعليم التكنولوجي بخطة إستراتيجية قصيرة المدى وطويلة المدى تكون واضحة ومحددة حتى لا يتم إثارة الشائعات التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
العلاج لتحسين الوضع

تضيف د. ماجدة نصر ـ عضو لجنة التعليم بالبرلمان ـ أن من خلال متابعة المنظومة أول أيامها تلاحظ عدم تشغيلها في اليوم الأول إلا لنحو 20 ألف طالب من تمكنوا من الدخول على الامتحانات، وفي اليوم التالي كانت الأمور طبيعية إلى حدٍ ما من حيث أن منظومة "التابلت" تجريبية، فتقرر بعد ذلك وضع الامتحان على موقع الوزارة ليتم تدريب الطلاب على نوعية الامتحان، وتوقف "التابلت" لمدة 10 أيام لعلاج ما حدث لحين إشعار أخر ليتم تحسين الوضع في الفترة القادمة، لافتة إلى أنه لا يجوز الاستعجال لأن المنظومة في مراحلها التجريبية، مشيرة إلى أن البرلمان مع الحكومة خطوة بخطوة لديهم إصرار تام لنجاح هذه التجربة وتطبيقها.