جريدة الديار
الثلاثاء 23 أبريل 2024 09:20 مـ 14 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
مفاجاة بشأن تطورات مبادرة مقاطعة الأسماك.. مستمرة حتى شم النسيم النواب يشكر الرئيس السيسي لزيادة موازنة التعليم 267 مليار جنيه ضبط عاطل حاول إدخال كمية من المواد المخدرة لأحد أقاربه أثناء محاكمته في الفيوم أوركسترا النور والأمل على مسرح أوبرا دمنهور حماية المستهلك يضبط مركزين طبيين أحدهما لحاصل علي الثانوية بالبخيرة ” صور ” ختام عروض مهرجان بؤرة المسرحي وغدا حفل الختام وإعلان الفائزين وكيل الوزارة يستقبل مشرف الوزارة للمراجعة الداخلية لأعمال الحمى والطفح الجلدي برلماني: خطوة جبارة ستدعم قطاع النفط بمصر .. ”أول منطقة حرة لتخزين النفط ومشتقاته” حلم القطار السريع يصل الشرق بالغرب.. الخط الثالث خطوة هائلة نحو ربط صعيد مصر بالبحر الأحمر توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية ”صور ” الأهلي كابيتال القابضة تستحوذ على 51% من أسهم رأس المال في شركة إيزيليس محافظ الشرقية يترأس اجتماع المجلس الاقتصادي

الإبداع رأس هرم الثقافة .. والقراءة قاعدته

بهجت العبيدي
بهجت العبيدي

إن الإبداع هو قمة هرم الثقافة، والقراءة هي القاعدة لهذا الهرم، فلا ثقافة يمكن تصل إلى قمتها لأبناء دولة من الدول أو أمة من الأمم دون أن تتحصل هذه الدولة أو تلك الأمة على مواهب إبداعية تنتج قريحتها الفنون المختلفة وتعبر عن التجارب الإنسانية في الأجناس الأدبية المختلفة، ولا يمكن- مهما امتلكت هذه الأمة من مواهب - أن تضيف للثقافة والفنون إلا إذا اتخذت من القراءة وسيلة للثقيف والتحصيل والصقل، ليكتمل بناء الهرم الثقافي الإبداعي.

لا يمكن لدولة أو أمة أن تخطو خطوات حقيقية في طريق التقدم إلا إذا تمتع شعب هذه الدولة وأبناء هذه الأمة بالثقافة المناسبة للعصر الذي يعيشون فيه. وإننا - أعني المسلمين والعرب جميعا - نطلق على أنفسنا "أمة اقرأ" وذلك لكون الكلمة الأولى التي نزلت على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم هي فعل الأمر "اقرأ" ذلك الأمر الذي حققناه في أزمان سابقة، وخاصمناه في أزمان ولم نحقق منه شيئا، فأصبحنا كما نرى الآن غير مساهمين في صنع الحضارة الإنسانية، مستهلكين لكل ما ينتجه العقل البشري في كل أمة من الأمم.

تظل القراءة هي الوسيلة الوحيدة للمعرفة الحقيقية والعميقة، ولا سبيل آخر لذلك، ولا يمكن لأية وسيلة أخرى أن تحل محل القراءة في التثقيف الحقيقي، ولا في صقل المواهب، ولا بالوصول إلى آفاق بعيدة في المعارف. والقراءة الدقيقة في أي فرع من الفروع ليست بالأمر الهين اليسير، بل هي في حاجة إلى جهد كبير يزوَّر عنه الأغلبية من بني البشر، حيث إنها تحتاج إلى تركيز شديد، وإعمال فكر عميق، وحضور ذهن متوقد، ذلك الذي لا يستطيعه العوام من البشر، فضلا القراء البسطاء.

يظن البعض -واهما- أنه يمكن الاستغناء عن القراءة، أو استبدالها بأداة أخرى للمعرفة، خاصة بعد ظهور المذياع في نهاية القرن قبل الماضي وانتشاره بقوة شديدة في القرن الماضي، الذي شهد أيضا ظهور التلفاز الذي ظن البعض أنه قد يكون بديلا للمعرفة عن القراءة، وجاءت الثورة التكنولوجية الهائلة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات ليظهر أنواع أخرى تصلح لأن تكون مجرد أداة لمعرفة المعلومات، تلك التي يتخطاها بكثير فعل القراءة. إن فعل القراءة هو عمل متكامل يحياه القراءة حياة كاملة، تلك الحياة التي تُنْتَزع روحها انتزاعا من أية وسيلة أخرى يظن البعض أنها يمكن أن تكون عوضا عن القراءة، التي لا يمكن لأمة من الأمم تهملها أن تجد لها موطئ قدم في عالم اليوم الذي يعلي من قيمة العمل المبني على العلم الدقيق والمعرفة العميقة التي لا سبيل لها إلا من خلال فعل القراءة.

إن هناك العديد من الأسباب تجعل الشباب وغيرهم يعزفون عن القراءة الجادة، منها ما هو جهل بأهمية القراءة، ومنها ما هو نفسي بعدم القدرة على إلزام النفس على ممارسة القراءة، ومنها ما هو اجتماعي في عدم وجود بيئات ثقافية مناسبة، ومنها ما هو لوجستي في ندرة المكتبات العامة في العديد من الأماكن خاصة القرى والعزب الصغيرة، ومنها ما هو اقتصادي متمثلا في ارتفاع سعر الكتاب في ذات الوقت الذي تقل فيها كثيرا الدخول في العديد من أقطارنا العربية، ومن ثم يكون من الصعوبة بمكان إيجاد مكتبة منزلية يعود لها أبناء الأسرة حال استطاع الأبوان غرس قيمة القراءة في نفوسهم. إن عدم الفهم والوعي بأهمية القراءة في حياة الفرد والجماعة، يعد سببا هاما في العزوف عن القراءة، فكثير من الشباب، بل ومن الكبار أيضا، يتساءل كثير عن جدوى القراءة، في ظل تلك المقاييس المعروضة في مجتمعاتنا عن مفهوم الشخص الناجح التي لا تضمن، ولو جزئيا، الثقافة والمعرفة.

ويظل أهم الأسباب عندي في العزوف عن القراءة هو عدم فتح المجال للمثقفين الحقيقيين في مجتمعاتنا العربية، وعدم الاحتفاء بما يليق بهم، ليصبحوا غرباء عن مجتمعهم، عديمي التأثير في بيئاتهم، قليلي الأهمية بالمقارنة بغيرهم من أصحاب المال أو المواهب في المجالات الأخرى كالرياضة أو التمثيل، ذلك الذي يعطي إيحاء بل ويرسخ مفهوما بعدم جدوى أن يصبح الشخص مثقفا، حيث إن المنفعة الذاتية تظل أحد عوامل الدفع نحو أي فعل ومنه فعل القراءة.