ما بين الثقافة والإبداع
إن ما بين الثقافة والإبداع علاقة متينة وروابط قوية، تحدد الهوية الشخصية للمجتمع وتعكس جوهره وصميم عاداته وتقاليده، فإذا كانت الثقافة هي ما يجمع التراث الفكري والحضاري، فإن الإبداع هو الوجه الأبرز الذي تتجلى من خلاله مزايا الثقافة، حيث أننا نخطئ إذا ما حصرنا الثقافة على الإبداع فقط، وإلا سمحنا بذلك الخطأ أن يخترق هويتنا بما يهدد وجودها وامتدادها سواء التاريخي أو المستقبلي، فالثقافة كيان متحول يتأثر بالمتغيرات الطارئة تبعا لتقلبات الظروف وحاجة الدول، خاصة في ظل الديناميكية المتسارعة بسبب التطور التكنولوجي المذهل، والذي استطاع أن يفرض نفسه ضيفا مرحبا به داخل مجتمعاتنا، كان من تبعاته توفير الثقافة للجميع بلا تفرقة، كحق أصيل أوجب المقاومة لكل ظواهر التغريب ذات الزخم الهائل، وأعاد صياغة الثوابت التي نتج عنها التمسك بمقوماتنا الحضارية، ودون أن نغض الطرف أو نستثني القرار السياسي وما له من عظيم الأثر على الثقافة والابداع، جنب إلى جنب مع التنوع الأيديولوجي والاقتصادي المؤثر في الاختيارات الخاصة بالفرد سواء بالسلب أو الإيجاب.
خلاصة القول إن الثقافة ليست مرجعية خاصة بالإبداع فقط، بل إن من شأنها إذا ما توفر لها المناخ والظرف المناسب ــــ إحداث أثرا قويا في تحديد الأهداف والمضامين التي ترسخ القيم السامية للمجتمع، كما أنها عامل رئيسي في دفع خطر الإرهاب الداهم، والند الأقوى لمواجهة المد الفاشي والنازي المتنامي بالغرب، في ظل ارتفاع أصوات التيار اليميني المتطرف، والذي يحتم علينا ضرورة تفعيل الدور الثقافة للنهوض بالمجتمع ككل، حتى يتسنى لنا التخلص من تركة الأعباء الثقيلة التي خلفها الاحتلال المسمى زورا بالاستعمار.
