جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 12:17 صـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

«الطلاق » .. وباء يجتاح المجتمع المصرى

الطلاق
الطلاق

البغدادى: الخلفية التعليمية والمهنية وراء المشكلة.. وأغلب النسب تتجه إلى الوجه القبلى

الأطرش: الظاهرة ترجع إلى الفراغ الدينى والإعلام الفاسد والمظاهر الكذابة فؤاد : ترجع الظاهرة لقلة الثقافة بمكانة الأسرة فى المجتمع .. والأبناء هم المتضررون

رشاد : الطلاق المبكر فى السنوات الأولى من الزواج أخطر الأنواع .. والظروف الاقتصادية أهم الأسباب

يعاني المجتمع المصري في السنوات الأخيرة الماضية من ظاهرة الطلاق المبكر لحديثي الزواج، حيث تشير الإحصائيات إلى أن مصر تتصدر أعلى نسبة طلاق في العالم خاصة بعد ما كشف تقرير رسمي للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر عن ارتفاع حالات الطلاق في عام 2017 بنسبة 48.5%، مقارنة بعددها في عام 2016، مع الإشارة إلى أن الخلع حمل أعلى نسبة في حالات أخرى.

فقد رأى الخبراء أن سبب هذه الظاهرة يرجع إلى ثقافة المجتمع التي تحتاج إلى منظومة متكاملة لبناء الإنسان بتضافر جهود كل المؤسسات بالدولة للتوعية وتصحيح الأفكار الخاطئة للحفاظ على الأسرة المصرية وأطفالها من الضياع.

الأفكار الخاطئة

تؤكد د. نسرين البغدادي - مديرة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية سابقاً ـ أنه تم تحليل لهذه الدراسات بالمركز القومي للبحوث وتبين أن السبب يرجع للخلفية التعليمية والمهنية خاصة وأن أغلب النسب تتجه إلى الوجه القبلي بالرغم من الجهود المبذولة لتغيير الثقافات والأفكار الخاطئة كرغبتهم في إنجاب الذكور، فيجب تفعيل دور الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني وجهات البحث لتغيير هذه الثقافة المتوراثة.

أخطرها الطلاق المبكر.

يشير د. وليد رشاد زكي ـ أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ـ إلى أن الطلاق نوعان أخطرهم الطلاق المبكر الذي يقع في 5 سنوات الأولى من الزواج ويرجع لأسباب منها اختلاف الطباع بين الزوجين أو للظروف الاقتصادية وتراجع شبكة العلاقات العائلية بدليل ارتفاع نسبة الطلاق بالحضر عن الريف، كما أن استخدام التكنولوجيا والإنترنت فتح مجالاً للخيانة الزوجية، علاوة على عدم النظر للطلاق بأنه وصمة عار للمُطلقة والتقليد بين الصديقات بحمل لقب مُطلقة، وأيضاً انتشار الخُلع بسبب الضغط على الزوجة من أجل التنازل مادياً، وكذلك انتشار الطلاق الصوري والتحايل بالزواج العُرفي لحصول الزوجة على معاش أحد والديها.

التوعية الفعالة

ويتابع زكي، قائلاً: إن الطلاق يؤثر بالسلب على الزوجين بعدم الاستقرار النفسي والشعور بالندم وبُعد الأولاد والتأثير السلبي على سيكولوجيتهم وتعليمهم ورفضهم لفكرة الزواج في المستقبل، مطالباً بوضع سياسات اجتماعية فعالة للتوعية من مخاطر الطلاق وبيان تأثيره السلبي من خلال المؤسسات الدينية وتكثيف جهود وسائل الإعلام بالتوعية ومشاركة مؤسسات المجتمع المدني خاصة في مرحلة ما قبل الزواج فهي مهمة وطنية تنفيذاً لكلمة رئيس الجمهورية والذي ألقى بالحجر في المياه الراكدة بعد تفشي ظاهرة الطلاق المبكر في مصر لأنها قضية أمن قومي، حيث أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء كشف عن وقوع الطلاق في٤٠٪ من حالات الزواج خلال 5سنوات الماضية.

التسرع في الاختيار

بينما يرى د. جمال فرويز ـ أستاذ الطب النفسي بالأكاديمية الطبية ـ أن أسباب الطلاق تبدأ من قبل الزفاف بسبب التسرع في الاختيار نظراً لعدم التكافؤ بين العروسين سواء كان اجتماعي أو تعليمي أو مادي، علاوة على أن تعاطي المخدرات أحد الأسباب الرئيسية في ارتفاع نسبة الطلاق خاصة لمن يكتشف إدمانه بعد الزواج، كما أن تدخل الحموات بدون خبرة وحنكة يُعجل بالطلاق، بالإضافة إلى أصدقاء السوء وتشجيعهم للزوجين على الطلاق، هذا إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي والجروبات فمعظمها تبث سمومها على الشباب وللأسف يصدقونها وكأنها حقائق مُسلم بها، وأيضاً عدم مصارحة الطرفين قبل الزواج عن وجود أي مرض نفسي أو إدمان للمخدرات يُسرع بالطلاق، هذا بخلاف وسائل الإعلام المرئية والقنوات الفضائية فلهما تأثير سلبي من خلال بث الدراما الهادمة على المجتمع وعدم تسليط الضوء على الطلاق بأنه وصمة عار.

الضحية الأطفال

ويكمل فرويز، متعجباً من ارتفاع نسبة الطلاق بين حديثي الزواج التي أصبحت ظاهرة نظراً لوقوع 10.02 حالة لكل ألف بنسبة 48% من عدد الزيجات في أخر سنة لحديثي الزواج، لافتاً إلى أن المُعوّل الرئيسي يقع من انحدار الثقافة التي تؤدي إلى إدمان المخدرات والإلحاد الديني والشذوذ فلابد من بناء الإنسان والفكر، حيث أن المشكلة لم تكن من طلاق الزوجين بل تقع على الأطفال ليصبحوا ضحية ويصابوا بأمراض وعقد نفسية واضطرابات وكراهية للمجتمع ولأبويهم والشعور بالدونية والضعف وقلة الشعور بالذات والإكتئابية بسبب الحرمان الأسري.

ميثاق غليظ

يقول د. عبد المنعم فؤاد ـ أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر ـ إن سبب هذه الظاهرة يرجع لقلة الثقافة بمكانة الأسرة في المجتمع لذا نحن في حاجة لمنظومة متكاملة تؤدي إلى الوعي المطلوب لكي تستقر الأسرة وهذا يتحقق بتضامن المجتمع وكل مؤسساته التعليمية والإعلامية والثقافية حتى لا نقول "أكلت يوم أن أكل الثوم الأبيض"، لأن الزواج ميثاق غليظ وضعه الله بين الرجل والمرأة يخضع للمؤهلات الدينية، فقد دخلنا على أمور الزواج بقانون الدنيا وليس بقانون الله، "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" وبالنسبة للرجل بقول الرجل الحكيم "زوج إبنتك لتقي إن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها".

منظومة متكاملة

ويتساءل فؤاد: لماذا لا نسأل عن الدين؟ كما قال نبينا ص "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"، كما أن الحرية في الإسلام منضبطة بضوابط الشرع بأن يعطي الرجل للمرأة حقها وتعطي المرأة للرجل حقه لكن الحرية من جانب واحد لا تصح، وكذلك المسئولية تقع على من كان سبباً في التقصير داخل الأسرة لأن الأبناء أمانة بين أيدينا "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" والمرأة مسئولة عن زوجها والرجل مسئول عن أبنائه وزوجته وهو مسئول عنهم، مطالباً ببناء الأسرة لأن الدولة لا تبنى إلا من الأفراد التي تنتجهم الأسرة فمن خلال الأسرة تتكون الدولة ولذلك نعيب على المسلسلات والأفلام التي تبرز الخيانات بين الرجل والمرأة على غير واقعها في المجتمع المصري.

المساواة في الحقوق والواجبات

يضيف د. عبد الحميد الأطرش ـ رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف ـ أن هذه الظاهرة ترجع إلى الفراغ الديني والإعلام الفاسد والمظاهر الكذابة، مشيراً إلى أن الحياة الزوجية من أقدس الحياة والإنسان لا يلجأ للطلاق إلا إذا استحالت العِشرة بين الزوجين، فتقع المسئولية الأولى والأخيرة على الرجل والطلاق بيده لأنه يملك زمام الأمور ويحكم الأمور بعقلة بخلاف المرأة تحكمها بعاطفتها، لافتاً إلى أن الأبناء دون أبيهم لا تصلح تربيتهم خاصة في مرحلة المراهقة فعلى كل الزوجين أن يتحمل الآخر من أجل استقرار الأسرة، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن تكون هناك مساواة بين الرجل والمرأة إلا في الحقوق والواجبات فطبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة فكيف تتم المساواة بين الرجل والمرأة؟ لأن "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ.."، أما عن خروج المرأة للعمل فلا تخرج إلا بإذن زوجها وبالاتفاق من البداية.