جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 05:26 مـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

لماذا أصبحت الشائعات سمة المجتمع المصري؟

العالم: مفتعلة ومتعمدة لمصلحة مروجها بنشر المعلومات المغلوطة على المجتمع .. ومواقع التواصل الاجتماعى ساعدت على انتشارها

عزالدين: أشد أنواع حروب الجيل الرابع .. وتأثيرها سلبى على الإنتاج والتنمية والاستقرار السياسى والأمن القومى

"أبو عامود" : القصور في الأداء الإعلامي كان سبباً رئيسياً في انتشارها ..

عدم الحياد في نقل المعلومة وضبابية الإعلام تسبب في الأزمة ..


مما لا شك فيه أن الشائعات ليست بظاهرة جديدة على المصريين فمنذ قديم الأزل كانت تهبط على الناس بالأكاذيب المُغرضة وسرعان ما تختفي، ولكن في هذه الآونة ظهرت ميليشيات وتنظيمات الكترونية استهداف مصر بحروب الجيل الرابع للتأثير النفسي على المجتمع المصري بنشر سمومها في 21 ألف شائعة خلال الثلاثة شهور الماضية وذلك للنيل من الدولة المصرية وتدمير المجتمع المصري، الأمر الذي يحتم على المصريين عدم الانسياق وراء هذه الشائعات المُغرضة ومروجيها، وتفعيل دور الإعلام بتوعية الناس لردع هذه الأكاذيب، وضرورة المصارحة والشفافية والرد السريع من جانب المسئولين على كل شائعة حتى يتم القضاء على الشائعات في وطننا الآمن.

قصور الأداء الإعلامي

في هذا السياق يقول د. محمد سعد أبو عامود ـ أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان ـ إن القصور في الأداء الإعلامي كان سبباً رئيسياً في انتشار الشائعات فهناك خلط بين الخبر والرأي وبين المواقف السياسية ونقل الحقائق والمعلومات، هذا إلى جانب عدم الحياد في نقل المعلومة والضبابية الشديدة في الإعلام، فنتيجة هذا الغياب والارتباك الإعلامي حدث قصور وتشويه في نقل المعلومات، علاوة على عدم وجود أجهزة اتصال سياسي بكل المواطنين والجهات المعنية لتوضيح الحقائق لكافة الأطراف، فهناك حرب نفسية شديدة تشن على مصر من الداخل والخارج لخلق حالة من الكآبة للمصريين وإحباط الأمل في نفوسهم بروح اليأس وإضعاف الروح المعنوية للناس وإرباك أجهزة الدولة مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في مصر، فيجب تفعيل دور الإعلام المصري لتوعية الناس للانصراف عن سماع الإشاعات وترويجها، كما يجب عمل دورات تدريبية للإعلاميين لتوضيح دور الرسالة الإعلامية في مواجهة كارثة الشائعات، مضيفاً أن المصارحة والشفافية من جانب أجهزة الدولة أمر ضروري للقضاء على الشائعات.

مُفتعلة من مروجيها

يؤكد د. صفوت العالم ـ أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ـ أن هذه الشائعات مُفتعلة ومتعمدة لمصلحة مروجها بنشر المعلومات المُغلوطة على المجتمع خاصة مع وجود اختلاف في قطاعات المجتمع بالغضب من الوضع الراهن، مُرجعاً السبب في سرعة انتشار الشائعات إلى مواقع التواصل الاجتماعي وما ينشر بها بهدف تدمير المجتمع، فيجب ألا نرصد هذه الأقاويل بدون التحقق من مصادرها وتحليلها ومعرفة هدفها والبحث عن دوافعها وفحصها بدقة واتزان وعلم وموضوعية، كما يجب تفعيل دور الإعلام المصري في متابعة وملاحظة تلك الشائعات لتنوير المواطنين وأحاطتهم بكافة الحقائق عن كل ما يشاع وعدم الرد عليها أو نفيها لأن ذلك يساهم في نشرها، بالإضافة إلى ضرورة إنشاء كيان لمواجهة الشائعات يمثل كافة القطاعات ومن خبراء متخصصين لكي يساهم في القضاء على الشائعات والكشف عن كل جوانب الحقيقة وبكل شفافية.

حروب الجيل الرابع

تشير د. إنشاد عز الدين ـ أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية ـ إلى أن مصر تواجه حرب الشائعات وهي من أشد أنواع حروب الجيل الرابع من خلال عدو مجهول على مواقع التواصل الاجتماعي يستطيع بث أكاذيبه في المصريين ويستهدف الأمن الاجتماعي المصري لتدمير المجتمع وزعزعة الاستقرار وتدمير السياحة، لافتة إلى أن السبب في انتشارها يرجع لغياب الحقائق عن المعلومات المتداولة خاصة مع وجود مناخ مؤهل لانتشارها نظراً لوجود حالة من القلق مع المواطنين بسبب زيادة الأسعار، لذا فيجب تضافر جهود كل الأطراف من الحكومة والمواطنين لمواجهة هذا الخطر الحقيقي ومصارحة المسئولين بالحقائق وبكل شفافية في الرد على الأكاذيب، مناشدة المواطنين بعدم الانسياق وراء الشائعات والتأكد من مصداقيتها قبل ترويجها، مضيفة أن تأثيرها سلبي على الإنتاج والتنمية والسياحة والموارد والأمن الاجتماعي والاقتصادي الذي ينعكس على الاستقرار السياسي والأمن القومي.

التوعية الشاملة

ترى د. فاطمة الروبي ـ أستاذ العلوم الإنسانية بجامعة عين شمس ـ أن هذه الشائعات لا تؤثر إلا على الفئات التي ليس لديهم ثقة بالنفس وينقصهم الكثير من المعلومات فبمجرد ظهور أي شائعة ينقلونها على الفور وبجهل، لافتة إلى أن تأثيرها سلبي لأنها تحبط طموح الفرد إلى الوراء وتؤثر سلبياً على المشاكل الأسرية ونسبة الطلاق، مشيرة إلى أن السبب في انتشار الشائعات هو الاستعجال في نقل الخبر وعدم التحقق من مصدره ومدى مصداقيته فلابد أن نتحقق من مصدر المعلومة لأنها تؤثر بالسلب على الفرد ثم على مجموعة ثم إلى المجتمع ككل، مطالبة من الإعلام بعمل برامج توعية كاملة للناس وخاصة البسطاء لمنع خطر الشائعات المدمر.

إثارة البلبلة

يوضح د. جمال فرويز ـ استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية ـ أن مصر واجهت 21 ألف شائعة خلال ثلاثة شهور كان هدفها إثارة البلبلة للرأي العام والتأثير على الأمن القومي واستقرار البلاد وإحباط المجتمع المصري، مشيراً إلى أن الشائعات هي إطلاق قصة جزء منها حققي أو كلها كاذبة ومصدرها إما رمادي أو سوداوي بهدف إثارة البلبلة داخل المجتمع بفجوة بين الحاكم والمحكوم، منوهاً على أن بعض العناصر تقوم بتهيئة الرأي العام لأي متغيرات سياسية أو أمنية لتحريك الناس للقيام بثورة أو تخريب أو التضليل لوقوف الناس موقف المحايدين أمام الدولة، مثلما أشيع عن وجود مادة بالخبز تسبب عقم للرجال وقيل في حادثة الانفجار بجوار المطار وما أثير نحو اكتشاف التابوت الأثري بالإسكندرية إنه للاسكندر الأكبر وغيرها.

الحرب النفسية

ويكمل فرويز، قائلاً: إن أحد المنظمات استهدفت المجتمع المصري لتدميره بممارسة الحرب النفسية خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي بنشر الأكاذيب عن المستوى الاقتصادي والظروف الاجتماعية مما أدى إلى استغلال القنوات المضادة للموقف بترويج هذه الإشاعات، لافتاً إلى أن رد الفعل البطيء والتأخير عن الرد بالإجابة على الشائعات ودرءها يساهم في نشرها ويعطي لها المصداقية، لافتاً إلى أن استمرار هذه الشائعات يدمر الإنسان ويصيب المجتمع باللامبالاة وقلة الولاء للوطن والسلبية والكراهية للوطن، مضيفاً أن تفعيل دور وسائل الإعلام أمر ضروري بنشر برامج لرفع الروح المعنوية للشعب لتصحيح المفاهيم الخاطئة.

الحد من فوضى الشائعات

الجدير بالذكر أن النائب أحمد رفعت ـ عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب ـ صرح أن البرلمان يعتزم خلال دور الانعقاد المُقبل على إصدار عدد من التشريعات والقوانين للحد من فوضى الشائعات المنتشرة على فضاء مواقع التواصل الاجتماعي والمعلومات المغلوطة التي تنشر بها، لافتاً إلى أن موقع الفيسبوك ساهم بشكل مباشر في تأجيج الصراعات في منطقة الشرق الأوسط بنشره لبيانات ومعلومات غير دقيقة بالمرة علاوة على استخدام الجماعات الإرهابية أسلوب الشائعات لزعزعة الاستقرار في مصر، مضيفاً أن دول العالم بدأت تأخذ حذرها من الشائعات التي تنشر على الفيسبوك وخداع مستخدميه.