جريدة الديار
الخميس 18 أبريل 2024 04:40 مـ 9 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

علي كريم إبراهيم يكتب : رفقا بالقوارير

علي كريم إبراهيم
علي كريم إبراهيم

خلق الله تعالى المرأة مليئة بالعواطف والرقة والأحاسيس المرهفه فهي عبارة عن كتلة من الأنوثة والمشاعر والحنان.

وخلق الله الرجل وفيه مسحة من القسوة والعنف والشدة بسبب الظروف والطريقة التي يعيشها الرجل في المجتمع من أعمال شاقة وخطيرة يقوم بها والتي تحتم عليه أحيانا ان يكون قاسيا و شديد المواجهة .

وليس معنى قولنا ان الرجل فيه شدة أنه مجرد من العواطف والمشاعر كلا .

لكن مقصودنا ان نسبة العواطف عند المرأة أكثر منها عند الرجل فهو اختلاف نسبي لا وجودي .

وهذا هو مقتضى التكامل الحاصل بين الجنسين حيث إن المرأة تمد الرجل بالعطف والحنان والسلام الذي يحتاجه ويمد الرجل المرأة بالقوة والثبات التي تحتاجه في حياتها لاجل حمايتها و دفع الأذى عنها .

لكن ان تستخدم هذه القوة والقسوة لدى الرجل ضد المرأة في ظلمها وتعنيفها هذا مما لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال وهو أمر مرفوض ومستنكر تماما .

فالمفروض ان تحمى وتصان المرأة بذلك لا ان تنتهك كرامتها وتهان !! .

ومما يؤسف جدا ان 70% من نساء العالم و 37% من نساء الشرق الأوسط تعرضن إلى انواع مختلفة من العنف الممارس بحقهن وغير المبرر بحال من الأحوال من قبل الرجال .

وفي هذا السياق أقامت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها والمنظمات المدنية الأخرى بجهود لا بأس بها في محاولة للوقوف بوجه العنف ضد المرأة وتحجيم هذه الظاهرة المنتشرة بشكل كبير للأسف الا ان هذه الجهود وكما نرى ليست بالمستوى المطلوب وليست بمستوى الانتشار الواسع لهذه الظاهرة الخطيرة .

حيث ان اغلب المعالجات التي تقوم بها الأمم المتحدة وباقي المنظمات هي على المستوى الإعلامي والندوات وبرامج التوعية .

وهي معالجات مطلوبة ومهمة لكنها غير مجدية بمفردها ما لم يكن هناك تحرك قوي وفاعل من قبل حكومات الدول عن طريق إيجاد حلول رادعة وحقيقية على نحو اكبر و أوسع من الحلول الاعلامية المقامة حاليا من قبيل تخصيص يوم عالمي للمرأة وحملة ال 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة والعالم البرتقالي وغير ذلك من المناسبات التي سرعان ما يزول تأثيرها وتتناسى بمجرد انتهاء الفترة المخصصة لها .

وقد عرف العنف ضد المرأة بتعريفات مختلفة لن اتطرق إليها لكني سوف اعرف العنف بذكر أمثلة و مصاديق له فيكون تعريفا بالمثال .

حيث ان انواع العنف ضد المرأة كثيرة ومختلفة اذ إن المرأة مظلومة منذ اول يوم ولادتها حيث ان الكثير من الآباء لايفرحون فيما لو رزقهم الله بمولد أثنى وهذا اول تعنيف يكون بحق الجنس الانثوي .

و العنف ممكن ان يتصور على قسمين : العنف المادي و العنف المعنوي .

وربما يكون العنف المعنوي اعظم تأثيرا عليها من المادي لأنه سوف يجرح قلبها ومشاعرها وجرح القلب اكثر ايلاما من جرح البدن .

فشتم المرأة والتجاوز عليها بأشد الألفاظ النابية واهانتها وهجرها وعدم احترامها والتقليل من قيمتها امام اولادها وأهلها والتهديد والوعيد بالعذاب والضرب والطلاق وحرمان الام المطلقة من رؤية اولادها وإهمال الزوجة الأولى وحرمان الفتيات من إكمال تعليمهن والتحرش اللفظي وايضا وصف بعضهن بكونهن غير جميلات او بكونهن عانسات وغير مرغوب بهن من قبل الرجال وغير ذلك مما يجرح مشاعرهن وكرامتهن هو تعنيف و إيذاء معنوي للمرأة .

بل إن عدم شكرها والثناء عليها لما تقدمه من خدمات منزلية و اسرية عظيمة وتحملها للمشاكل المادية والاجتماعية التي لا تكاد تخلو منها عائلة وعدم تقديرك لذلك ومناداتها ببعض اسماء الإشارة وغيرها بنوع من الإهانة والاستحقار يعد نوعا من أنواع العنف المعنوي والنفسي لها .

هذا على الصعيد المعنوي اما على الصعيد المادي فهو الآخر تختلف أنواعه و طرقه ابتدءا من اوضح مصادیقه وهو الضرب الجسدي بطرق و وسائل مختلفة تقل وتزيد وحشيتها بين طريقة وأخرى وقد يصل الأمر أحيانا الى القتل عمدا او دون عمد .

حيث تذكر الاحصائيات الرسمية المخفية في هذا المجال إن واحدة من كل اثنتين من النساء المقتولات قد تم قتلهن على يد الزوج او الرفيق او احد اقاربهن مثل الأب والاخ والعم وغيرهم من باقي الأقارب .

اي ما يعادل 50% اذا اردنا ان نقيسها بالنسبة المئوية وفي الحقيقية هذه نسبة مرعبة جدا وكل النسب في هذا المورد مرعبة و مخيفة .

ومنه ايضا حالات التحرش الجنسي والاغتصاب والإتجار بهن و زواج الفتيات الصغار وما يسمى (بالنهوة العشائرية ) وتاخير زواج البنت من الشخص المناسب دون اي مبرر او لاجل مبررات لا يرضى بها الله ولا المنطق ولا الانسانيه او اجبارها على الزواج ممن لا ترغب فيه وحالات التجويع والحرمان الاقتصادي وطرد المرأة من المنزل وحالات الاستغلال الإلكتروني وغيرها من اقبح انواع العنف المادي ضد المرأة .

حيث تذكر بعض الاحصائيات ان النساء تشكل 70% من المجموع الكلي لعمليات الاتجار بالبشر .

وإن كل عشرين دقيقة تحصل حالة اغتصاب لامرأة في الهند !! . وهناك الكثير من الاحصائيات لم نذكرها رعاية للاختصار .

وبلا شك أن هذه الإحصائيات غير دقيقة ولا تمثل الواقع ابدا اذ ان كثيرا من النساء لا يصرحن بما يحصل معهن من عمليات عنف مختلفة ويعتبرن الحديث في ذلك أمر معيب وسر من اسرار البيت لا يمكن الحديث به في الخارج فلا يمكن حينها الحصول على إحصائيات دقيقة في ذلك .

وتتعدد الأسباب في انتشار هذه الظاهرة في الوطن العربي خصوصا وفي باقي بلدان العالم عموما .

وعلى رأس تلك الاسباب عدم وجود القوانين الفاعلة و الرادعة للرجل وضعف الوازع الديني والاخلاقي والانساني .

وضعف الجانب الثقافي للفرد وللمجتمع وعدم تنشأت الرجل المعنِف تنشأتً صحيحةً خصوصاً اذا كان قد تربى في بيئة او منزل تكثر فيه المشاكل الأسرية وحالات العنف ضد المرأة فيتربى الفتى هنا على إن من الرجولة والشجاعة هو تعنيف المرأة والاعتداء عليها .

ومن تلك الاسباب ايضا الجانب الاقتصادي فالعوز وسوء الحالة المادية للرجل تؤثر احيانا على سلوكياته وتجعله اكثر عدائية خصوصا اذا كانت المرأة متطلبة وغير مراعية لوضع الرجال المادي .

ومنها دوافع نفسية من قبيل ضعف الشخصية وشعور النقص لدية والعصبية المفرطة وحالات الشك والغيرة المبالغ فيها وبعض أعمال الدراما التي يحصل فيها تعنيف للمرأة والتي تكون مشجعة للعنف بصورة غير مباشرة .

وحالة الفوضى والحروب وحالة العنف العامة التي تعيشها بعض البلدان والتي تؤثر وبشكل كبير على نفسية الرجل مما تنعكس سلبا على تصرفاته وسلوكياته المنزلية .

واحيانا تكون المرأة هي السبب في دفع الرجل الى تعنيفها لكونها تسيء التعامل معه وليس لديها اي معرفة في فنون الحوار والتفاهم مع الرجل مما يكون ذلك سببا في وقوع المشاكل وبالتالي حصول العنف بحقها .

ومنها ايضا افتقاد المرأة الى المعيل والسند وعدم توفر الأمان المالي والاجتماعي لها يوفر ذلك فرصة حقيقية للرجل في استغلال ذلك وتنعيف المرأة .

وبما ان لكل فعل ردة فعل فإن للعنف آثارا كارثية على المرأة من جميع نواحيها الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية .

فإما على الجانب الصحي فإن الآثار التي يخلفها العنف كبيرة جدا لأن المرأة قد تتعرض اثناء العنف الى كدمات ولكمات وكسور وأمراض في الجهاز الهضمي والقالون العصبي وقد ينتج من ذلك بعض التشوهات وحالات العوق وربما الوفاة تأثراً بالاصابات والجراح .

اما الاثار النفسية فقد يحصل لديها أمراض نفسية مختلفة من قبيل الكآبة والانعزال والعدائية وانعدام الثقة وعدم الشعور بالأمان وفقدان التركيز والشعور وتخلي المرأة عن عواطفها مما قد ياخذها ذلك الى الإدمان وربما الانتحار .

اما على الصعيد الاجتماعي فإن إصابة المرأة بالأمراض الصحية والنفسية يؤثر ذلك وبصورة مباشر على أسرتها وأطفالها وعائلتها وكل من يحيط بها وكره الرجل ونبذه وعدم احترامه في مقدمتهم .

فتعيش الأسرة حالة من الضياع وعدم الاهتمام وفقدانها لرعاية الأم فينتج من ذلك اطفال بائسين وفاشلين تعتورهم الأمراض النفسية والنزعات العدائية والتشتت والفوضى.

وفشل الأسرة هو اول مراحل فشل المجتمع كما هو معلوم اذ إنه ومن الواضح ان الأسرة الفاشلة لا تنتج عناصر جيدين يقومون بخدمة المجتمع بل على العكس سيكون انتاجها أفراداً فاشلين وعناصر من المجرمين والمحتالين والبائسين الذي يكون ضررهم كبير على المجتمع برمته .

اما التأثير الاقتصادي فبعد كل المعاناة التي تمر بها المرأة سوف يكون ذلك مؤثرا على الجانب الإنتاجي لديها فلا تكون عنصر انتاج وابداع في المجتمع ويقتل ذلك روح النشاط والحيوية فيها وبالتالي لن تكون مساهمة في تحرك عجلة الحياة اذ انها هي بحاجة الى من يحركها ويعينها وحينها سوف يفقد المجتمع خدماتها الانتاجيه وستكون عنصراً استهلاكاً لا يقدم اي شيء .

وبلا شك إن توقف نصف المجتمع عن الإنتاج والإبداع تكون خسائره الإقتصادية جسيمة قياساً عما اذا كان كل المجتمع منتج .

وبعد كل ما تقدم اصبح من اللازم و الضروري على الحكومات الإهتمام اكثر بهذا الموضوع المهم والحساس في حياة البشرية وتشريع القوانين الصارمة للحد من هذه الظاهرة .

وانشاء مؤسسة متكاملة تعنى بالعنف الأسري عموما والعنف ضد المرأة خصوصا وتتكون هذة المؤسسة من قضاة و اطباء نفسيين ومصلحين اجتماعيين ورجال دين و رجال أمن .

وتشمل المؤسسة على محكمة قضائية ومستشفى تأهيلية تعيد تأهيل النفسيات المتضررة من كلا الطرفين سواء في ذلك المعنِف والمعنَف .

وتشمل أيضاً أقساماً لتقديم النصيحة الدينية والإجتماعية لمحاولة معالجة ما يمكن معالجته عن طريق هذه الأقسام .

وتحتوي هذه المؤسسة على سجن إصلاحي يحبس فيه الجاني اذا كان فعلة يستحق ذلك في نظر القضاء .

إضافةً إلى ذلك تكثيف الحملات الإعلامية والندوات التثقيفية للمرأة وإقامة المؤتمرات المناهضة للعنف ضد المرأة وبشكل مستمر ولا يتم الاقتصار على ايام معينة في السنة.

حيث راينا ان تلك الحملات لم تؤثر سوى 3% من اصل نسبة العنف في العالم بحسب افضل الدراسات والاحصائيات التي تبعث على الأمل وهذه النسبة في الحقيقة لا تكاد تكون تمثل شيئاً في عالم الاحتمالات العقلية فضلا عن الواقع الذي تعيشه المرأة .

وفي الختام أود ان اوجه رسالتي الى الرجل واقول له : سيدي العزيز المرأة هي أمانة بين يدك و إن لمن الشهامة والرجولة الحفاظ على هذه الأمانة وصونها ودفع اي خطر عنها واعلم اخي الفاضل ان النساء لا يكرمهن الا كريم ولا يهينهن الا لئيم والحكيم من ينأى بنفسه عن اللؤماء ويجعلها في مصاف الكرماء فإن له في ذلك كرامة و رفعة في الدنيا والآخرة .