دكتورة نيفين عبد الجواد تكتب : سلطان العشق

إلى أى مدى يستطيع العشق أن يغير ملامح العاشقين؟

فنرى ذات يومٍ وبدون سابق إنذار أولئك المكفهرة وجوههم طوال الوقت والذين تتسم وجوههم بالعبوس وقد تبدلت ملامحها لتتحول إلى طاقة نور مشرقة كالبدر لتبدو قسماتها متلألئة وكأنها نجوم السماء!!

فهل لرؤية العاشق لمعشوقه ذلك التأثير السحرى الذى يتحول معه حال الإنسان إلى النقيض؟

وهل مثلما تَبدل حال العاشق تحت تأثير سحر العشق فتحسَّن مزاجه، وانفرجت أسارير وجهه، وتدافعت ضحكاته بلا مبررٍ للانطلاق من أسرها .

هل من الممكن أن تتبدل معتقداته أو أن تتغير أفكاره وقناعاته أو أن تتحول مبادئه وقيمه تحت تأثير سحر العشق والافتتان بالمعشوق؟! إن سلطان العشق غالبٌ .. وتسليم العاشقين له خضوعًا وانقيادًا أمرٌ يتعجب له الناس حتى أضحت قصصه وحكاياته ضربًا من الخيال ونوعًا من الأساطير التى يصعب على البعض تصديقها من فرط مخالفتها لما هو مفترَض ومتوقَع ومنتظَر بظنٍ غالبٍ للحدوث يقارب اليقين؛ ولكن الحياة إن لم تفاجئنا بكسرٍ شاذٍ لقواعدها أشبه بالنشاز الملفت للأنظار والمحير للعقول والمربك لكل من سلَّم واستسلم ليستريح فإذا به مضطر لإعادة النظر والعودة للتفكير من جديد .

إن لم تحدث تلك المفاجئات بين حينٍ وآخر لأصاب العقول الصدأ المحتوم ولاتسمت الحياة البشرية بالركود ولغدت معاناة الإنسان العظمى هى محاصرته بالسأم وإحاطته بالملل. ومن أكثر مفاجئات العشق وسلطانه أنه لا يُبدل حال العاشقين وأحوالهم بل أيضًا يُغير من صفاتهم وأخلاقهم وأهوائهم وميولهم واهتماماتهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم وقناعاتهم بقدر إمساكه بزمام قلوبهم وعقولهم وأرواحهم.

وحب الله الحقيقي هو قمة العشق وذروة سلطانه الذى يأسر القلب فيهفو إلى معنى الحياة، ويُخضِع العقل فيشتاق إلى السجود لله، ويسبى اللسان فلا يذكر إلاَّ الله، ويُطهر الروح فتنطلق سعيًا للقرب من الله، فلا يسكن العاشق إلاَّ لحظة لقائه بالخالق فاطر السماء والأرض، الذى يُنزل الغيث ويُنبت الزرع ويُحيي الموتى ويُطهر القلب ويشرح الصدر، فيتحول العاصى إلى الطاعة ويتطهر المذنب بالتوبة ويُبدل العابد من عاداته لإرضاء الله بعدما خضعت نفسه كلية لأوامره واجتنبت نواهيه.

التعريف بالكاتبة: مرشدة سياحية حاصلة على دكتوراه الفلسفة فى السياحة والإرشاد السياحى من كلية السياحة والفنادق – جامعة الإسكندرية باحثة فى الآثار القبطية والإسلامية وكيفية توظيفهم سياحيًا فى مصر وكاتبة مقالات علمية ومقالات رأى على بعض المواقع الإلكترونية باللغتين العربية والإنجليزية .

ومنها: منبر الشروق – البيان بوست – العربى اليوم– أخبار مصر النهاردة – اليوم السابع – الموجز العربى – بوابة فيتو – شطرنج للإعلام – Tour Egypt صدر لها كتاب أثرى سياحى بعنوان: "أديرة وادى النطرون – دراسة أثرية سياحية" ط1، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2004م؛ ط2، الهيئة المصرية العامة للكتاب (مكتبة الأسرة)، 2007م ومجموعة قصصية بعنوان: "الأقاصيص المائة قبل الأخيرة" ط1 ، المكتبة العربية للنشروالتوزيع ،2019م