جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 08:07 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

حصاد الأزهر عام٢٠١٨ ..ينتصر لكرامة المرأة والطفل ويواجه التفكك الأسري ب «لم الشمل”

حصاد الأزهر الشريف
حصاد الأزهر الشريف

- الأزهر ينتصر لكرامة المرأة ..ويُصدِر "شهادة وفاة" لمبررات المتحرشين-

حملة "وعاشروهن بالمعروف" تطرح أسباب الطلاق وطرق علاجها

- "لمّ الشمل" تقاوم التفكك الأسري

- الإمام الأكبر ينتصر لحق المرأة الأزهرية في الاستقرار الأسري

-مشروع قانون موَحَّد للأحوال الشخصية يُنَظِّم العَلاقاتِ داخل الأسرة

 

تُعَدّ قضايا المرأة والأسرة من أهم القضايا التي أَوْلاها الأزهر وإمامه الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اهتمامًا كبيرًا خلال عام 2018م، وكان ذلك استكمالًا لجهودٍ ممتدة بدأها الأزهر منذ سنوات عديدة .

فقد طالَبَ الأزهرُ بضرورة تمكين المرأة وحصولها على حقوقها العادلة، مشدّدًا على ضرورة احترام كرامتها الإنسانية واستغلالِ طاقاتها المُهدَرة، وإعطائها حقوقها كاملةً كشريكٍ أساسي للرجل في بناء الأسرة وصناعة النهضة، وقد اتخذت جهود الأزهر خلال عام 2018 توَجُّهًا شاملًا، يراعي مصالح كل أفراد الأسرة، ولا ينحاز لطرفٍ على حساب آخَرَ، ويمكن رصد ذلك على النحو التالي:

"لمّ الشمل" تُقاوِم التفكك الأسري

استحدث مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية وحدة "لَمِّ الشَّمْل"، في أبريل عام 2018م؛ بهدف لَمّ شَمْل الأسر المصرية والصلح بين المتخاصمين، فضلًا عن: نشر الوَعي وتوعية المقبلين على الزواج عن طريق الندوات والدورات التدريبية؛ وذلك بناءً على توجيهات شيخ الأزهر الشريف، بالنزول إلى أرض الواقع ومعايشة الجماهير وتَلَمُّس همومهم، والبحث عن حلول ناجحة وواقعية للمشكلات المجتمعية، خاصّةً القضايا المُلِحَّة، كما هو الحال بالنسبة لقضية ارتفاع مُعَدَّلات الطلاق، خاصّةً بين حديثي الزواج .

وبدأت الوحدة عملها بدارسة ظاهرة الطلاق نظريًّا، ثم انطلقت إلى أرض الواقع لتمارسَ دورها العملي في القرى والنجوع والمراكز في كل محافظات الجمهورية. وقامت آليّة عمل الوحدة على استقبال الاتصالات من أصحاب المشكلات على مدار اليوم عَبْرَ الخط الساخن المُخَصَّص لذلك، ثم يبدأ أعضاء الوحدة على الفور في محاولة الصلح بينهما، عَبْرَ الهاتف، وفي حالة عدم الاستجابة هاتفيًّا تبدأ الخطوة الثانية؛ وهي الزيارة المَيدانيّة، ويتمّ خلالها التنسيق مع الزوج وأهله والزوجة وأهلها بعد الوقوف على أسباب الخلاف، وإرسال ثلاثةٍ أو أربعة من أعضاء الوحدة للقاء الطرفين، وفي بعض الحالات أَمْضى أعضاء الوحدة أكثرَ من 12 ساعةً متصلة في جُهودٍ مُضنية للصلح.

وقامت وحدة "لَمّ الشَّمْل"، منذ انطلاق عملها، بالتعامل مع ما يزيد عن 1100 حالةٍ من الخلافات الأسرية، كاد بعضها يقضي على مستقبل أسرةٍ كاملة، بل إن بعض الخلافات وصل بالفعل إلى الطلاق، لكن أعضاء الوحدة نجحوا في "لَمّ الشَّمْل" مرّةً أخرى.

حملة" وعاشِروهنّ بالمعروف"

في سبتمبر 2018، أطلق المركز الإعلامي للأزهر الشريف بالتعاون مع مركز الأزهر العالميّ للفتوى الإلكترونية، حملةً بعنوان: "وعاشِروهنّ بالمعروف"؛ لمواجهة أحد أخطر المشكلات الاجتماعية في الوقت الحاليّ، وهي ارتفاع مُعَدَّلات الطلاق والتفكك الأسري، وذلك في إطار الدَّور الدعوي والاجتماعي الذي يضطلع به الأزهر الشريف، والذي يتضافر مع دَوره التعليمي والديني؛ من أجل الحفاظ على الاستقرار الأسري، .

وسلطت حملة "وعاشِروهنّ بالمعروف"، عَبْرَ سِتّ عشرة رسالةً، الضوء على أهم أسباب الطلاق وطرق علاجها، والتي كان من أهمها: الطلاق النفسي، باعتباره أحد الأسباب التي قد تؤدّي لغياب المودة بين الزوجين، بالإضافة إلى: تدخُّل الأهل في حياة الزوجين، والشك والغَيرة، وإهمال الاحتياجات المعنوية بين الطرفين، فضلًا عن: العنف بين الزوجين، والروتين الأسري. وركزت الحملة على توضيح الأسس السليمة لبناء أسرة سعيدة ومتماسكة، مثل: التوعية بحقوق كِلا الزوجين، وضرورة تخصيص وقت يومي للحوار الودي، والتواصل الإنساني بين الزوجين؛ بما يساعد على بَثّ رُوح الدفء والحنان والمودة داخل الأسرة .

وحذّرت الحملة من عِدّة أشياءَ تؤدّي إلى تدمير الحياة الزوجية، مثل: إقدام بعض الأزواج على نشر تفاصيل حياتهم اليومية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التفاخر والتباهي، فضلًا عن: غياب التواصل الجيد والاهتمام المتبادَل بين الزوجين، والانشغال بهموم ومشاغل الحياة؛ بما يؤثّر بالسلب على عَلاقة المودة والرحمة داخل الأسرة.

"شهادة وفاة" لمبررات المتحرشين اتخذ الأزهر الشريف في عام 2018 موقفًا حاسمًا تُجاهَ ظاهرة التحرش الجنسي كأحد أخطرِ الظواهر الاجتماعية ضد المرأة، مُنتصِرًا لكرامتها وحريتها وحقوقها، حيث أعلن الأزهر رفضه القاطع لتلك الظاهرة غير الأخلاقية، مشدّدًا على تجريم التحرش إشارةً أو لفظًا أو فعلًا، تجريًما مطلقًا ومُجَرَّدًا من أيّ شرطٍ أو سياق، مؤكّدًا على أنه فِعلٌ يأثم فاعلُه شرعًا، ولا يجوز تبريره بسلوكِ أو ملابسِ الفتاة. وقد لاقى موقف الأزهر ترحيبًا كبيرًا في الأوساط الاجتماعية والنسائية .

كما حظي بتغطية واسعة من مُختلِف وسائل الإعلام الدولية، مثل: "وكالة الأنباء الفرنسية – وكالة رويترز – وكالة أسوشيتيد برس- صحيفة ديلي ميل البريطانية- صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية – صحيفة لوفيجارو الفرنسية – صحيفة لوموند الفرنسية - صحيفة ذا تايمز أوف انديا الهندية- موقع قناة دويتش فيله الألمانية- موقع بي بي سي البربطاني" .

كما أشادت به كافّة المنظمات المعنية بحقوق المرأة، واعتبرته حَلْقةً جديدة من حلقات دفاع الأزهر الدائم عن المرأة ومواجهة كل ما يُعرقِل إنجازاتِها، ويُقَيِّد من حريتها، وينتهك أمنها، فيما شدّد المجلس القومي للمرأة على أن البيان يُعَبِّر عن "ما عهدناه دائمًا من الأزهر الشريف؛ هو المؤسسة الدينية العريقة التي تُقَدِّم تصحيحًا للمفاهيمِ المغلوطة المنتشرة عن الإسلام، ولا سيّما المرأة".

مشروع قانون الأزهر للأحوال الشخصية

تَجَلَّى اهتمام الأزهر الشريف بقضايا الأسرة في قرار فضيلة الإمام الأكبر بتشكيل لجنة من كبار العلماء وأساتذة القانون والخبراء المتخصصين؛ لإعداد مُقترَحِ مشروعٍ بقانونٍ لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية، بما يَجمع لأوّلِ مرّةٍ، أحكامَ الأحوال الشخصية والأسرة، الموَزَّعة على عِدّة قوانينَ، في إطار نسقٍ قانوني واحد، يَتَّسم بالشمولية والتجانس .

وشدّد الإمام الأكبر، خلال ترأسه للاجتماع الأول للجنة، على ضرورة أن يتضمّن مشروع القانون: آليّةً مُحكَمة لتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بقضايا الأسرة، ومراعاة تقديم نفقة عادلة للمرأة في حالة الانفصال؛ بما يضمن رعاية جيدة للأطفال، ووضع نصوص مُحكَمة للالتزام بضوابط الحضانة، ومعالجة المشاكل الناتجة عن تعدد الزوجات، وضبط الحقوق والواجبات المترتبة على الطلاق.

وبدأت هيئة كبار العلماء عقْدَ سلسلةِ اجتماعاتٍ أسبوعية لمناقشة مشروع القانون الذي أعدته اللجنة؛ تمهيدًا لإرساله إلى الجهات المختصة.

حظر نقل المرأة من عملها

حرصًا من فضيلة الإمام الأكبر على دعم وتمكين المرأة المصرية، وتهيئة الظروف المناسبة لها للعمل وتقديرًا لظروفها الأسرية؛ أصدر فضيلته القرار رقْم 32 لسنه 2018، والذي يَنُصّ على حظر نقل السيدات من أماكن عملهن ما لم يكن برغبتهن، ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة القرارات التي اتخذها الأزهر الشريف لصالح المرأة؛ من أجل التخفيف عليها وتقليل أعباء السفر للأماكن البعيدة عن عملها في مناطقَ كثيرةٍ، ورَحّب المجلس القومي للمرأة بالقرار، مؤكدًا أنه قرارٌ إنساني بالدرجة الأولى، ومتدادٌ لسياسات شيخ الأزهر في دعم وتمكين المرأة المصرية، وتعبيرٌ عن تقدير فضيلته واحترامه لظروفهن الأسرية، بما يعكس تقدير الدين الإسلامي الحنيف لأهمية دَور المرأة في المجتمع.

"مرصد الأزهر" يُناهِض العنف ضد المرأة

في الخامس والعشرين من نوفمبر 2018، أصدر مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية بيانًا بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، دعا فيه إلى نبذ كافّة أشكال العنف الموَجَّه ضد المرأة، باعتباره عملًا يتنافى مع ما دعا له الدين الإسلامي الحنيف الذي كرّم المرأة، ومنَحها العديدَ من الحقوق التي لم تحصل عليها من قبلُ .

كما أكد البيان على أن المرأة أصبحت في يومنا هذا شريكًا قويًّا فاعلًا في إدارة شئون الأسرة والبلاد والمجتمع بأسره.

وتَضَمَّنَ البيانُ رصدًا لأشكال العنف المختلفة التي تتعرض لها المرأة، مع التأكيد على آثارها السلبية على الأسرة وأفراد المجتمع.

كرامة الطفل

كان للطفل نصيبٌ من اهتمام الأزهر بقضايا الأسرة في عام 2018؛ حيث شارَكَ فضيلة الإمام الأكبر في "مُلتقى تَحالُف الأديان لأمن المجتمعات.. كرامة الطفل في العالم الرقمي"، الذي عُقِدَ في العاصمة الإماراتية "أبو ظبى"، وأَلقى الكلمةَ الرئيسة في المُلتقى، مشدّدًا خلالها على أنه بلغ من رعايةِ الإسلام لحقوقِ الطفلِ أنْ حَفِظَ له نصيبَه في الميراثِ وهو جنينٌ فى بَطْنِ أُمِّه، وحَرَّمَ الاعتِداءَ على حياةِ الأَجِنَّةِ والمساسَ بها تحتَ أيّ ظرفٍ من الظُّرُوفِ، اللَّهُمَّ إلَّا ظَرْفًا واحدًا فقط هو أن يُمثِّلَ بَقاءُ الجنينِ خَطرًا مُحَقَّقًا على حياةِ الأمِّ، وفيما عدا ذلك لا يجوزُ إجهاضُ الطفلِ متى حلَّت فيه الحياةُ مهما كانت الظُّروفُ والملابسات؛ لحُرْمَةَ حياة الطفل.

وأوضح الإمام الأكبر مثالًا آخَر يُظهِرُ عِنايةَ الشريعةِ بحَضانةِ الطفلِ، وهو أنَّ الطفلَ الذي يُولَدُ من أبٍ مُسلِمٍ وأمٍّ مسيحيَّةٍ أو يهوديَّةٍ، ثم يَفتَرِقُ أبواه لأيِّ سببٍ من الأسبابِ؛ فإنَّ شريعةَ الإسلامِ تَقضِي للأمِّ المسيحيَّةِ أو اليهوديَّةِ بحضانةِ الطفلِ المسلمِ، ولا تَقضِي لأبيه وأُسرتِه المُسلِمةِ بحضانتِه.