جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 02:35 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد فياض يكتب : غبار المعارك .. ووحشية التأسلم

محمد فياض
محمد فياض

إن ماهية الحضارة عند فرويد هي جملة الإنجازات والقواعد التي تستهدف تحقيق هدفين هما حماية الإنسان من الطبيعة .

وتأسيس علاقات متبادلة بين الإنسان وأخيه .وقد أتت تعريفات أخرى للحضارة منها أنها الحالة المقابلة للفطرة.

حتى بات مفهوم الحضارة أنها تعبير عن معدة كبيرة ذات عمق تاريخي تتسع للمكونات المتباينة وتجري عليها بتناقضاتها عملية هضم بيولوجية تؤهلها للإمتصاص بما يسمح باندماج الجديد مع القديم عبر تراكم فلسفي لصناعة نسيج جديد ومتجدد دائما .

ولدى ثالوث التأسلم ( بن لادن - طالبان- أيمن الظواهري ) مفهوم مختلف للحضارة اعتمدوا في بنائه على قاعدة الإرتداد السلفي.وبالرغم من أن فكرة صراع الحضارات غربية المنشأ في محاولة لإطلاق بالون اختبار لممارسة الصراع الغربي خارج الحدود الجغرافية والفكرية كبديل عن الصراع الذي حسمته الرأسمالية ضد الإشتراكية الشيوعية .وكناتج لحالة انتشاء تفاخر بها الغرب ولتوِّه أنهى آخر معاركه في الحرب بين المعسكرين ولسان حاله ينادي في البرية : ألا من محارب ينازلني .؟ وهو الغرب المنتصر لايرغب إغماد سيفه .

فيصل النداء إلى مسامع الثالوث _ بن لادن.طالبان.الظواهري._ فيخرحون للمعارك دون الإستناد إلى مبرر موضوعي للدفاع عن الدين مثلا أو عن الوطنية ودون جاهزية تلي حضور المبرر وبقوة فيتم استدعاء الفكرة المتأسلمة التي لاعلاقة للدين الإسلامي بها ويعلن الثالوث هذا عن تقسيم العالم إلى فسطاطين .فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر .

ويتماشى ذلك مع المخطط الغربي لبدء صراع الحضارات الذي أراده الغرب لا من أجل خوض معارك الحرب بين الإسلام والمسيحية .بل من أجل الإستخدام الغربي للإسلامويين لإشعال الحروب على الرقعة العربية تحديدا لتأهيل المنطقة كلها للسعي حثيثا إلى دخول بيت الطاعة الصهيوأمريكي وبتكاليف حرب ودمار للبشر والبنى التحتية والبنى الإجتماعية والسياسية للمجتمعات العربية لتقزيمها أمام إسرائيل .تتحمل كلفتها الشاملة خزائن النفط .

ويقرر الغرب المسيحي نصب الشباك لاصطياد أمة العرب ..ولم أقل أمة الإسلام في حرب مسيحية إسلامية .حيث موقف المسيحي العربي .مصري لبناني .سوري ..وغيره في كل بلداننا العربية فيقرر الثالوث أعادة تقسيم العالم إلى ديار الإسلام وديار الحرب .

تجد الولايات المتحدة الأمريكية ضالتها بكل المبررات الموضوعية للإنقضاض على منطقتنا وبعد 11 سبتمبر وماتلاها واسبقها ولازمها .إن كل مافعلته واشنطن أنها أقدمت على تشغيل مصنع الإرهاب المتأسلم واستخدام منتوجاته في إعادة صياغة القواعد الدولية على جانب بما يؤسس لمفاهيم ومحددات مغايرة لمفهوم الأمن والسلم ومالازمه من انسحابات مفاجئة من عضوية المنظمات الدولية.

وعلى جانب آخر ضرب الخطوط الفاصلة بين المشروعية والشرعية فيما يتعلق بحقوق السيادة وحق التدخل بما يمكنها من الإستخدام المفرط للقوة العسكرية مثلما حدث في أفغانستان والعراق . وبعد أن قارب المصنع الإرهابي المتأسلم على إنضاج حِرَفِية الصنعة فتقرر واشنطن حضور مجلس علماء المسلمين المنعقد في لندن في غضون خريف العام 2003 بتمثيل من المخابرات المركزية .

ولم تطلب واشنطن من مجلس القرضاوي سوى مطلب وحيد واضح ومحدد " جهزوا جيشاً من الملتحين نعطيكم إمارات إسلامية في بلدانكم .." الأمر الذي أعاد فتح شهية المتأسلمين وتيار بن لادن الذي إشتغل لدى المخابرات المركزية لسنوات طويلة ضد الشيوعية كأُجَراء إنتصارا لمشروع أمريكي ضد الإتحاد السوفييتي .

لم تجد واشنطن أفضل من الفرصة التاريخية هذه لاستعادة تدوير الإرهاب وتدريبه وتسليحه واحتضانه جهزت له الخزائن الخليجية والدعم التركي المدفوع الثمن وأجهزة مخابرات أوروبية وإقليمية لوضع المشروع الثاني لتقسيم المنطقة فيما سمي سايكس بيكو 2 صادف مشروع الصهيونية العالمية الذي تعمل على إنفاذه واشنطن حلم الوهابية الفاشية وتطلعات آل سعود .

وبدأ سيل الفتوى تحت عناوين إسلامية مثل إرضاع الكبير .وبول الرسول يشفي المرضى وصولاً إلى مقاصد الفتوى التي تقدم وقود التدين الشاذ للإرهابيين فكان جهاد النكاح وسبقه مناكحة الوداع .

وجدت الولايات المتحدة في التناقض الإسلاموي وافتتانهم بالدم من أجل الحكم فتم نبش الأدمغة وشدها إلى الخلف بقسوة ووحشية في حالة من الإرتداد السلفي . ووجدوا مايبرر لهم كل مايحرمه الدين السمح ونهى عنه .فما كان من هذا الإرتداد سوى العثور على خزانات الوحشية والعنف في تاريخ السلف ..وجدوا الأمثلة كثيرة ..متوافرة لدعم الإسناد الذي يحقق المشروع الصهيوني و وهم الخلافة لدى الإسلامويين .ومن سلفهم يزيد بن معاوية الذي لهم فيه الأسوة الإرهابية حين أرسل جنوده لتأديب المدينة المنورة التي ناصرت نبي الإسلام وأباح لهم المدينة بأوامر منه للإعتداء الجنسي على نسائها وأبكارها وكل أنواع الفاحشة والكبائر لمدة ثلاثة أيام ورفض يزيد الخليفة قبول البيعة منهم واشترط _إمعانا في ممارسة الإرهاب _ أن يبايعونه بيعة العبيد بعبارة حددها لهم ( نبايعك على السمع والطاعة ) ..وليس على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . السمع والطاعة ..وتشتد المعارك ويتناثر غبارها ويتلقفها مرشدجماعة البنا ليأمر جماعته ( كن بين يدي مرشدك كالميت بين يدي مُغسِله يقلبه كيفما يشاء ) غبار كثيف ناتج عن معارك لم يقرها الإسلام الصحيح وليست في صالح العناوين التي جاء بها التنزيل . هذا الغبار ساق العوام والجهلاء وفتح حظيرة الفقر والجهل والمرض لتكون مرحاضاً لشيوخ السبوبة الذين تسابقوا في الإلتحاق للعمل لدي المشروع الغربي الأمريكي ولم ينسوا رفع عنوان صراع الحضارات أيضاً وهم يعلمون أنهم يُجيّشون للعنف والقتل والدمار والتخريب في ديار الإيمان وليس في ديار الكفر ..!! وأن الصراع بات لتدمير حضارات بلدان المسلمين لصالح بلدان الغرب المسيحي والصهيونية وكيان إسرائيل .

الإرهاب المتأسلم يدمر أوطان الأمة العربية .الوطن وليس الديانة . وتحمل الأيام القادمة براهين قوية على تفكك مطبخ الإرهاب ورعب الغرب وإسرائيل من الإرتداد الإرهابي المسلح بمنتوجات التاريخ الشاذ للإرتداد السلفي ومحطاته . إنصرف حلف دعم وتمويل وتسليح الأدوات الإرهابية والمشتغلين لدي واشنطن في حرب الثماني سنوات ضد الجمهورية العربية السورية .

ظهرت التناقضات الآن بين الدوحة وأنقرة في جانب وبين الرياض وأبوظبي في جانب آخر والمُشَغِّل الرئيس لتلك الأدوات يبحث اليوم عن مخرج من تحت بيادة الجيش العربي الذي بدأ في الزحف لتحرير إدلب وحشر قوات شرق الفرات بين أضراس التناقضات هذه للإنتصار النهائي على وحشية التأسلم وقراءة بيانات النصر من دمشق ليرى من له يريد الرؤية .ويتعامى من يرغبون العمى في غبار المعارك أن المشروع الأمريكي قد سقط .