جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 06:17 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

جيهان عجلان تكتب : المحبة في الله

جيهان عجلان
جيهان عجلان

أعزائي القراء إن منازل المؤمنين عند الله متفاوتة ودرجاتهم مختلفة ، ومن أرقى المنازل ، وأعظمها منزلة
المؤمن الذي يفعل كل شئ خالصًا لوجه لله تعالى .

فالحب في الله أن تكون فيه المحبة خالصة لله لا يراد بها إلا وجهه الكريم، حب خالٍ من أي غرض، خال من
شوائب الدنيا، حب لا يقوم على أغراض ومآرب، ونيل مصالح ، بل يقوم على التقوى والصلاح وابتغاء مرضاة
الله .

إن المحبة في الله واجبة ، وينبغي أن يُخبَر من يحبه في الله بحبه له لقول النبي صل الله عليه وسلم (إذا أحب
أحدكم أخاه في الله فليعلمه ، فإنه أبقى في الألفة ، وأثبت في المودة ) وبه يتزايد الحب ويتضاعف ،وتجتمع الكلمة
وينتظم الشمل بين المسلمين ،وتزول به أيضا المفاسد والحسد والبغض ،وفيه خير الأمة وسعادتها ، بل سعادة
الإنسانية كلها ،فالمعنى الراقي للحب في الله ، لن يكون إلا بمحبة الله أولا؛ لأن محبة الله هي الأصل ومحبة
العباد تكون بعد محبة الله ،فمحبة الله في طاعة أوامره وحسن عبادته .

وقال صل الله عليه وسلم :
(إن أوثق عُرَى الإيمان أن تحب في الله، وتبغض في الله)
أي إن أوثق روابط الإيمان هي أن تكون محبتك فيمن يرضي الله ،ويكون بغضك فيمن يبغضه الله .
فالمتحابون في الله هم أولياء لله ،تآلفت قلوبهم بحب الله والتمسك بحبل الله المتين ، الذي به تصل إلى مقر
الصالحين ، اللذين أخلصت قلوبهم صدقا ، فجمعها الله على الهُدى فأتلفت واجتمعت،
ولكن عزيزي القارئ لن يكتمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحبه لنفسك لقوله صل الله عليه وسلم
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيِه مَا يُحِبُّ
لِنَفْسِهِ))

وقد أقرت الشريعة الإسلامية ذلك لقوله تعالى
" وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم
بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) آل عمران
أي تمسّكوا بعهده و دينه و كتابه الذي فيه منهجه .

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث معاذ رضي الله عنه؛ أنه سأل رسول الله صل الله عليه وسلم عن أفضل
الإيمان، قال: ((أَفْضَلُ الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ للِه، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ، وَتُعْمِلَ لِسَانَكَ فِي ذِكْرِ اللهِ)) قال: وماذا يا رسول الله؟
قال: ((وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ، وَأَنْ تَقُولَ خَيْرًا أَوْ تَصْمُتَ))

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم "إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء
ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله قالوا يا رسول الله صل الله عليه وسلم تخبرنا من
هم قال هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فوالله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى
نور ولا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم
ولا هم يحزنون}

وهذه صفات المتحابين في الله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى نور ،ولا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا
حزن الناس قلوبهم مطمئنة بذكر الله .

عزيزي القارئ إن الحب في الإسلام أعم وأشمل وأسمى من أن نُقصرَ معناه على صورة واحدة وهي الحب بين
الرجل والمرأة، بل هناك مجالات أشمل وأوسع وأسمى لمفهوم الحب ، فهناك حب الله تعالى وحب رسوله صل
الله عليه وسلم ،وصحابته وحب أهل الخير والصلاح وحب الدين ونصرته، وحب الزوجة الصالحة ، وهناك
العطاء لوجه الله وحب الأيتام والفقراء والمساكين ؛ وحب الخير لوجه الله تعالى .

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمٰنُ وُدًّا (96) مريم
ودا أي حبا في قلوب عباده ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله – صل الله عليه وسلم - قال: ((إذا
أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا فأحببْه فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب
فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض)) اللهم اجعلنا ممن أحببتهم وجعلت لهم القبول
في السماء والأرض .

ﻓﻤﻦ فاز بحب ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺪ حُفظ ووُقي، ﻭﻛﻔﻲ، ﻭﻫﺪﻱ؛ﻷن ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺤﺒﻪ، ﻭﺳﻮﻑ ﻳﺴﺪﺩﻩ، ﻭﻳﺤﻔﻈﻪ ﻣﻦ ﺍلخروج عن المنهج
السليم ،ﻭينجيه من المَحنِ ويقيه من الزلل ، ﻓﻤﺎ ﺃﻋﻈﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺔ! ﻭﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﻃﻴﺒﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻭﺛﻤﺎﺭ حسنة
فهنيئا لمن أحبه الله .