جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 11:39 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد خليفة يكتب: حَمِلوا مؤهلاتهم الجامعية ”ليكنٌسوا” بها الشوارع والميادين !!

الكاتب الصحفى محمد خليفة
الكاتب الصحفى محمد خليفة

بعد تعب السنين وسهر الليالي مع مشوار طويل في ظل حرارة الشمس وبرد الشتاء، أو مع رحلة البحث عن "مريلة المدرسة وجزمة سودا وشراب أبيض"إشترتهم وزيرة مالية البيت المصري بعد تحويشة العٌمر، إستعداداً لليوم الدراسي الأول للمدرسة، فى ظل فرحة تعلو الوجوه ، وبسمة الأطفال لا تفارقهم ، هذا هو مشهد اليوم الأول لدخول الأبناء المدرسة.

وبعد سنين طويلة نٌسِجت الأحلام مع أحلي الكلام وتخرّج الأولاد من الجامعات إلاّ أنّ أحلامهم ماتت قبل الميلاد، وفي النهاية كان البكاء علي ضياع أجمل الأيام، بعد أن تحطمت علي صخرة الواقع الأليم، وأصبح المهندس، والخبير السياسي، والإقتصادي، والمترجم، جميعهم زبالاً وجامعاً للقمامة في شوارع المحروسة.

كانت عيني علي هؤلاء الشباب تطل علي الماضي في نهاية الثمانينات، فحين بدأت أصول وأجول في بلاط صاحبة الجلالة كانت رحلتي مع أول شركة لجمع القمامة من البيوت الشعبية والعمارات الشاهقة، ذهبت لأعيش التجربة من الساعة السابعة صباحاً بمحافظة الجيزة، وكانت الصدمة الكبرى التي شهدتها!!

"الزبالون" الذين يجمعون القمامة من داخل الشقق ويكنسون الشوارع والميادين بمؤهلاتهم الجامعية هم من حملة" الماجستير" والمؤهلات العليا، من خريجي كليات القمة كالهندسة والإقتصاد والعلوم السياسية، بل وصل البعض منهم إلي أنّه يجيد التحدث باللغة الإنجليزية بعد دراسته اللٌغة بكليات الأداب، نعم أنت تعيش في مصر بلد العجائب التي تهين أصحاب الشهادات العٌليا، فبعد تعب السنين، وصل به الأمر إلي حملهِ أكياس القمامة من الوحدات السكنية وكنس الشوارع والحارات والأزقة، حملوها إلي مقار "مقالب الزبالة" المنتشرة بالقاهرة والمحافظات، وأصبح هؤلاء الشباب يعيشون داخل هذه المقالب يشمون رائحة الموت بدلاً من الحياة.

لا نحتقر هذه المهنة.. فنحن نحترم أصحابها، وهم عائلات مشهورة بالعمل في هذا المجال منذ عقود طويلة، ولديهم الخبرة في تصنيف وفرز الزبالة وإعادة بيعها الي مصانع تدوير المخلفات، لا نعيب عليهم فعملهم عرض وطلب، ولم يجبر أحد معلمي القمامة أحداً للعمل معهم، أو لم يجبر محافظ الشرقية أحداُ من الخريجين للتقدم للعمل بمهنة عامل نظافة في المحافظة، فالكل ذهب بمحض إرادته بسبب البطالة التي يعيشها الشباب، ذهبوا من أجل لقمة العيش، أو لشراء ملابسه الداخلية التي غابت عن حسده فترات طويلة !

وهنا أطرح السؤال علي رئيس وزراء مصر، الدكتور مصطفي مدبولي : هل ذنب هؤلاء الشباب أنّهم تعلموا أفضل تعليم ليجمعوا في نهاية مشوارهم زبالة العامة والخاصة؟ هل هذه هى مكافأة نهاية مشوارهم ؟ أين دوركم سيدى في إيجاد فرص عمل لهم تناسب مؤهلاتهم الجامعية؟

العمل في أي مهنة ليس عيباً أو سٌبّة، بل العيب في أن يكون خريجي الهندسة والإقتصاد والعلوم السياسية والآداب والتجارة يفترشون أكوام القمامة ليفرزوا الزجاجات الفارغة وأكياس البلاستيك والورق للمعلَم خشبة، أو لنقيب الزبالين صاحب الأمر في مقالب زبالة المصريين، الأمر هنا فيه إختلال في الموازين، فمن منكم المسؤل عن هذه الجريمة في حق شباب مصر ؟