جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 09:03 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أحلام الأحمدي تكتب : الماضي وأهله

أحلام الأحمدي
أحلام الأحمدي

أحيانا كثيرة تجعلني السخافة أتربص الهوينى بعقلي، السخافة التي مزقت أصولنا العقلية والوجودية في التشبث بالهوية، كأن الهوية و ارتباطها بالماضي مهما كانت عوامله ونواحيه هي مصدر حياتنا اليومية، والكثير منا بل كلنا تقريبا نمجد الماضي بمن فيه، ونقسم على ذلك الأساس انتماءاتنا وعقائدنا بل ومصائرنا.

فما بالنا بالماضي وأهله؟ والذي كان أغلب وأصدق الظن فيه، أنهم لأناس مثلنا تلطخوا بالخطايا والذنوب، ما بالنا نعتبر ونعتز بأشخاص سيحاسبهم الله مثلنا أيضا؟ بل وقد ندخل نحن الجنة وهم النار، فالآخرة حكمها لله وحده.

أراهم يستندون على سخافة الماضي ويعتزون بغير صنيعة أياديهم، بل ويذكرون القاصي والداني بانتماء الطبيعة والذي فرضه النسل لا غير ذلك.

الاعتزاز والتفاخر بغير الذات الوجودية الفعلية، سيعرقلان ذواتنا الاجتماعية، وسيسفران عن مجتمعات منقسمة وذات نعرة متطرفة وأنانية، أمتنا لا بد لها من مراوح للذوات وللأنفس أولا، فليس هناك ما يجعلك متميزا عند الله، و ان كنت من نسل محمد النبي ذاته صل الله عليه وسلم، وصنيعة يدك وحدها من تبرز قيمتك عند الله وعباده.

ما معنى أن أكون من قبيلة فلان ومن نسل فلان وهويتي هي من أصل ذاك؟ هذا يفتح بؤرة الفساد والشيطان بذاته ونفسه الخبيثة أمام عمق وجودنا الانساني،فالهوية ان كانت ذات فائدة، فهي فائدة قانونية وادارية لا غير، أما أن تصبح من تحدد مصير العقائد والمصائر فلا بد لنا من مراجعة أنفسنا جيدا لنعرف معنى أن يكون وجودك المكاني والعقلي له تأثير حتى على التاريخ نفسه، ولن يبرر انتمائي لقبيلة وعشيرة وأصل شخص قد اندثر ولم يكن قديسا ولا ملاكا، ما صنعت يداي وما تركته في هذه الحياة، وما شفعت نبوة نوح لابنه شيئا، نحن أقوام متكلة ومتآكلة والمجد للانسان الذي يصنع من نفسه انسانا.