جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 01:57 مـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

جيهان عجلان تكتب ”وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ”

جيهان عجلان
جيهان عجلان

أعزائي القراء إن لله عباد هم عباد الرحمن ، هم الأبرار المقربون السابقون ، الذين أخلصوا في عبادتهم لله وتقربوا إليه بالطاعات ،وتسابقوا لأداء فروضهم ؛ حبا لله ولنيل رضاه ، خصهم الله عز وجل في الوصف وسماهم عباده عباد الرحمن لقوله تعالى
"وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) الفرقان

"وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان

هؤلاء ما غرهم زخرف الحياة الدنيا ،وما لهتهم دنياهم عن ذكر ربهم وطاعته ، أعد الله لهم مستقر النعيم ،فهم المقربون عند الله، في جنات النعيم، في أعلى عليين، في المنازل العاليات، التي لا منزلة فوقها‏.‏
هم الَّذين انشغلوا بكل ما يقربهم من الله من أعمال صالحة فعن رسول الله صل الله عليه وسلم قال ‏‏"‏من نَفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يَسَّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكين، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه‏"‏‏ رواه مسلم في صحيحه، وقال صل الله عليه وسلم ‏‏"‏الراحمون يرحمهم الرحمن‏.‏ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء‏"‏‏

‏‏هؤلاء هم عباد الرحمن الأبرار أصحاب اليمين المتقربون إليه بالفرائض، يفعلون ما أوجب الله عليهم ويتركون ما حرم الله عليهم، ‏.‏ وهم السابقون المقربون ،تقربوا إليه بالنوافل بعد الفرائض، ففعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، فلما تقربوا إليه بجميع ما يقدرون عليه باتوا لربهم من المقربين .أعد لهم الجنة لقوله تعالى " أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا ۚ حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) الفرقان

فالمقربون لهم أعلى المنازل في الجنة، وعلى رأس المقربين الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، ومن صفات المقربين الاستقامة على دين الله تعالى والتقرب إليه بالفرائض والنوافل والبعد عما نهى الله عز وجل عنه، قال ابن كثير في التفسير: هم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات تقربا لله.ومن صفاتهم أيضا كما قال بعض السلف: هم أوّل الناس رواحا إلى المسجد.
وقال الله تعالى واصفا لهم
" وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) الواقعة

أي الذين أدوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات وفضول المباحات‏ ، فالمتقربون إلى الله بالفرائض هم الأبرار المقتصدون أصحاب اليمين، والمتقربون إليه بالنوافل التي يحبها بعد الفرائض هم السابقون المقربون، أي السابقون إلى طاعة الله
وروي عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال : السابقون الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سألوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم ، فهم ‏ السابقون في الدنيا إلى الخيرات، وهم السابقون في الآخرة لدخول الجنات‏.

‏فأولئك جزؤهم عند الله النعيم

لقوله تعالى " فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) الواقعة

أعزائي القراء فلنسارع جميعا إلى طاعة الله ، تقربوا إلى الله وتسابقوا بالطاعات ،كونوا من السابقين قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنونَ لقوله تعالى "يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) الشعراء

أي : لا يقي المرء من عذاب الله ماله ، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا : ( ولا بنون ) ولو افتدى بمن في الأرض جميعا ، ولا ينفع يومئذ إلا الإيمان بالله ، وإخلاص الدين له ، والتبري من الشرك ولهذا قال : ( إلا من أتى الله بقلب سليم ) أي : سالم من الدنس والشرك فوجبت له الجنة

كما قال الله عز وجل محذرا أنه لن ينفع نفس إيمانها لم تكن أمنت من قبل يوم تشرق الشمس من مغربها

" لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158) الأنعام
لهذا سارعوا لمغفرة من ربكم لقوله تعالى
"وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) آل عمران
اغتنموا الحياة وأنتم على قيد الروح تنعمون بالحياة ، وكونوا من أهل الصفات التي ذكرها الله لعباده عباد الرحمن والسابقون الَّذين جعلهم الله عز وجل من المقربين .