جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 12:31 صـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

حسناء الحسن تكتب : لا تظلموا أم علي ...

كانت أم علي لا تستسيغ نهائيا فكرة أن تصبح زوجة ثانية تحت أي ظروف، وتشفق على الزوجة الأولى من الشعور بالخذلان، وعلى نفسها من نظرة المجتمع كخرابة بيوت وخطافة رجالة.

فظلت لسنوات ترفض الزواج من أبي علي الذي كان على العكس منها تماما، تربى على تقبل والدته لزواج أبيه من زوجة ثانية، وكثيرا ما يحكي على حرص والدته على العدل بينها وبين ضرتها حتى إذا ما اشترى والده شيئ لبيتها تسأله هل أحضر مثلها للبيت الثاني أم لا، وتعامل أبناء زوجها من زوجته الثانية كأبنائها تماما، ولم يكن ذلك غصبا أو إجبارا عليها بل بحكمة وود وطيبة وعملا بفكرة الصح محدش يقدر يغلطه.

إلى أن قال أبو علي لأم علي ذات يوم: هل تعلمي أني لم أكن ما أنا لولاكي، وأن لكي فضل كبير على المؤسسة وناس كثر يتلقون خدماتها؟
قالت أم علي: بل أنا نقطة في بحرك، وأنت من أنت بفضل زوجتك وقبلها والدتك لا بفضلي أنا.
فقال أبو علي: لكن زوجتي الأولى بارك الله فيها لم ترفض أن يكون لها فضل علي بعد أمي، فلما ترفضي أنتِ؟
فقالت أم علي: الوضع مختلف!! والدتك لن تغار من زوجتك، وزوجتك لن تظلم والدتك بزواجها منك، ولا في زواجك غلط أو عيب أو حرام!
فقال أبو علي: أولا والدتي كانت تغار علي أكثر من غيرة زوجتي الأولى علي منكِ، ثانيا أنتي لن تظلميها بزواجك مني في أي شيء فالعدل بين الزوجات أساسه استطاعة الزوج ذلك وأنا قادر عليه، ورأيت من قبل والدي رحمه الله قادر عليه، ثالثا وهو الأهم لا غلط ولا عيب ولا حرام في زواجك مني!!

أربكها كلامه كثيرا لمنطقيته، مع تمسكها بأفكارها، فوعدته بإعادة التفكير في الأمر بجدية أكثر والنظر من جوانب مختلفة إذا كان ذلك سيرضيه.
ولتفعل ذلك قررت فحص قانون الأحوال الشخصية لمعرفة ما لها وما عليها، وتفاجئت بما وجدت.

وجدت أن المرأة في مصر قبل الزواج مطالبة أن تساعد خطيبها في تأسيس مسكن الزوجية وتشتري معه الأثاث مناصفة ولا تأخذ مهرا، ولا تأخذ شبكة بالكيلو مثل دول الخليج أو خاتم ألماس مثل دول الغرب بل بضعة جرامات ذهب إذا وصلت إلى 100 جرام اعتبر الخاطب نفسه جاب الديب من ديله. وهم بذلك لا يسيروا على الشرع الذي يلزم الزوج وحده بالأثاث بالكامل والمهر بالقنطار كما قال تعالى واذا أتيتم احداهن قنطارا، بل على الزواج الغربي الذي يقر أن الزواج مشاركة بين الزوجين وعليهما أن يؤسسا بيتهما طوبة فضة وطوبة ذهب بالعمل والاجتهاد. وهذا جميل جدا ولا عيب فيه اطلاقا بالعكس هي فلسفة جميلة رغم بعدها عن تطبيق الشرع لكن منطقية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
أين المشكلة إذن؟ المشكلة أن الزوج بسلامته الذي تقمص شخصية الشاب الأمريكي الكيوت اللارج المتفتح قابلا التساوي بينه وبين زوجته في الإنفاق على الأسرة وتنازلها عن حقوقها الشرعية كالغرب، هو نفسه بمجرد اتمام الزواج يتحول بقدرة قادر لعبد الله بن أبي بن سلول ويطالبها بتطبيق الشرع!! فلا ينظف المنزل هو يوم وهي يوم مثل الغرب ولا يذاكر للأولاد هو مادة وهي مادة مثل الغرب ولا يناول نفسه كوب ماء حتى داخل المنزل لأن على حد تعبيره هو الراجل وده الشرع. بل أنه يتمسك بالشرع ليتزوج عليها أو يطلقها إذا شاء!!!
تحدثت أم علي مع أبو علي بما وجدت وقالت انها ترى ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية ليشمل نظامين للزواج وليس واحد. أحد النظامين للقادر على اعطاء الزوجة كافة حقوقها الشرعية من مهر وشبكة واثاث كامل ونفقة زوجية فيستحق حقوقه في التعدد والتطليق. أما النظام الثاني فهو لمن لن يقدم لزوجته كل ذلك وستتنازل هي عن حقوقها في المهر وستؤسس معه الأثاث بالمناصفة وتنفق معه على الاسرة من راتبها فيتنازل هو الأخر عن حقوقه في التعدد والتطليق.
قال أبو علي: حل جميل، لكن هل هذا معناه انك موافقة إذا كنت قد أعطيت زوجتي الأولى كل حقوقها الشرعية أن استخدم حقي الشرعي في التعدد وتقبلي الزواج مني؟
ضحكت أم علي وقالت لزمتها الشهيرة المحببة لنفس أبي علي: اتفقنا.
قامت هي بنشر فكرتها في كتاب اختارا اسمه ومحتواه سويا. إلا أنها تعرضت لحملة تشهير شرسة بتدبير من عدد كبير من المنافسين لأبي علي ولها. ساءت حالتها النفسية رغم دعمه الشديد ومحاولته التخفيف عنها، وطلبت عدم اتمام الزواج واعتبرت أن ما حدث عقاب إلهي لها لقبولها الزواج منه كزوجة ثانية. إلا أنها استمرت بالعمل في المؤسسة التي كان أبو علي يخطط للقيام بتعديلات جذرية فيها. وكالعادة، كان لها نصيب الأسد في الوقوف بجانبه ومساعدته لتحقيق ما أراد. فتودد أبو علي لها مجددا طالبا منها ألا تبعده مرة أخرى وأنهما لبعضهما مهما حاولت، فتصالحا.

ما أريد التحدث عنه اليوم في العلاقات هو المرونة. فكما قال المثل الشعبي كل حاجة بالخناق إلا الزواج بالاتفاق. نجد حاليا عدم مرونة من أي نوع بين المخطوبين أو المتزوجين، فينفعل عليها وربما يضربها إذا رفضت له طلب ولو بسيط، ولا تحاول إقناعه أو إقناع نفسها باللين بالعدول عن فكرة معينة. بل وإذا اضطرب احدهم أو تأزمت أحواله لا يراعي الأخر ذلك ويعند قائلا مثلا تركت المنزل وحدها فلن أصالحها وتعود وحدها. أو أنا مغلطتش فيه عشان أصالحه خليه جنب أمه. في الوقت الذي تنجي المرونة العلاقات في أحلك المواقف إذا آمن بها الطرفان.