جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 11:13 مـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

قصص قصيرة جدًا ... بقلم: مشلين بطرس

* أهراماتٌ و .. حلم
صعدتُ إلى قمّة الهرم، ألقيتُ قصيدةً سرديةً سُريالية المبنى ....
رمقني بدهشةٍ أبو الهول قائلاً: أنا ايزيس، ايزيسُ الحداثةِ وما بعدها، ايزيسُ التي ستجمع أشلاءَ الإنسان، وتخطّ من وجهه خريطة الأوطانِ
رُميتُ بحجرٍ أُلحِقَ بكلماتٍ غاضبةٍ تقول:
نحن لسنا صاعدين، إنما نحن واصلون ...
تفتتَ الحجرُ وتناثرتْ ذراتُه غافيةً على أحجارِ الهرم ..
قهقهتُ عاليًا، وأكملّتُ الصعودَ فليس للوصولِ نهاية ....

* مدارس معاصرة
صفعت كيانه نسمة باردة فغفا على كيس أوراقه البيضاء
راح يدرس وصف الضباب لمخائيل نعيمة
هبّ طه حُسين لمساعدته في كتابة موضوع عن الفجر، فغنى تباشير العيد مع ايليا أبي ماضي، ورقص.
عزف على صفحات الشعر والأدب كلمات طفولته التي نظم أبياتها سليمان العيسى ...
ركلةٌ من ار جهنم صبت لهيبَها على جسد الفتى، قد أشعل فتيلَها سخطُ معلمه الذي فجأةً أتى ...
ويعود الفتى إلى بيع مناديله الورقية محتسيًا برد الشوارع وزمهرير الأرصفة.
* ليس عيبًا
"مشهد من أمسية ثقافية"
غاصت يدُها في حقيبتها السريالية تبحث عن ولاعة لسيجارتها ....
التقطت ورقةً نقديةً، أخرجتها للعلن صائحةً:
- من يريد أن يستدين أجرة باص؟
خرجت رائحة الفقر تعانق قهقهات تبكي حالنا من بعضه، وتندب بعضه الآخر، "فقاطعوه بالتصفيق الحارّ".

* مؤمن
بعد نهار علاجي طويل ، عادت إلى المنزل وحيدةً مع ابنتها المقعدة.
وقفت في مدخل البناء تنتظر المصعد ...
لكن المصعد لم يأتِ فقد انقطع التيار الكهربائي توًا.
حائرةً لاتدري كيف تصعد بابنتها ذات العشرين ربيعًا إلى الطابق الأول ...
شُلّت الأيادي المساعدة على عتبات التحايا والسلام ..
برقت عينا الأرملةِ أملاً بجارٍ أتى مستعجلاً قاصدًا منزله ...
بحرارة أقبل يحيّها وابنتها ويسلّم عليهما قائلاً:
- عذرًا منك يا جارة، لا أستطيع مساعدتك، فإني بعجلةٍ للصلاة ..!

* عن صورية
ابتلعتْ ملوحةُ البحر طَعم تشاوفهما، وشربتْ أسماكُه عنجهيةَ وشوشاتٍ تحمل بين طياتِها الكثير من التأفف والنفور ...
قهقهتِ الشمسُ من هروبهما وهما ينظران باشمئزازٍ إلى فتياتٍ كن يتكلمن بلهجةٍ تزعج أغلبية شعبٍ "عظيم" وتسبّب له تلوثًا سمعيًا ...
سجّل الشاطئ ما خلّفه ملوكُ الحضارةِ و "الكلاس" من زجاجاتٍ ملؤها حقدٌ و غباء ..
و ذرفتْ لافتاتُ النظافة دموعًا تدوّن شكواها من أذية بشرٍ مازالوا يشربون من البئر ثم يرمون فيه الحجارة !

* سراب
ذاقَ محياها طعم قبلة الفرح
تلألأت أعينهم حبورًا برزمةٍ ستوزعُ عليهم وضعتْ في كفّها ...
ابتلع الرزمةَ فم فقرهم المدقع، فعادت حليمة إلى عادتها القديمة والحزن يغمر كيانها أعمق وأكبر ...
غفت على رصيفٍ يغصّ بأصدقائها المتسولين، فسمعوا هتافاتٍ ورأوا لافتاتٍ كُتب عليها:
."- نريد حلاً جذريًا كي يُقتل الفقر، لا فرحًا مؤقتًا يتعلق بأذياله حزنٌ مضخّمُ

* هدير الليل
ألغى الموتُ عقدَ الحياة مع جدتي، وإلى حيث أخذوا بها لحقتُ بهم ...
تعثّرت قدماي بحجرٍ ووقعت...
عندما عدتُ وجدتُ نفسي بالقرب من جندي إسرائيلي يغطّ في نوم عميق، بجانبه مفتاحٌ ما إن وصلتُ إليه حتى رأيتُ صديقتي أحلام "فلسطينية" تبتسم في وجهي قائلةً:
- فلسطين داري ودرب انتصاري، فهلمي لنبحر فيها ...
أجبتُها باسطةً يديّ على وسعهما:
- اليومَ سأزور فلسطين، وغدًا أعود إلى سورية.
بللتني أمواج البحر، فاستفقتُ لأجد نفسي على صخرة الروشة في بيروت أرسم الإنسان من أبخرة السلام