جريدة الديار
الثلاثاء 23 أبريل 2024 04:28 مـ 14 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
الشاهد الثانى بـ”رشوة الرى”: تقرير معهد الإنشاءات كشف عدم صلاحية الخرسانة حريق في 5 منازل بالفيوم و حالات اختناق بين المواطنين رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي للإفراج الجمركي عن البضائع في الموانئ وتطبيق منظومة الشحن المسبق البابا تواضروس يعزي أسرة الراحل رسمي عبد الملك تدشين وحدات حزبية جديدة ومعارض للسلع وقوافل الخير بأمانة حماة الوطن بسوهاج بسبب خلاف على مكان البيع بالسوق بالقليوبية بائع خضروات يقتل زميله مناقشة مجلس شئون التعليم والطلاب بجامعة الإسكندرية للإستعدادات لأعمال امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني وزير التنمية المحلية يهنئ وزير الدفاع والإنتاج الحربى بذكرى عيد تحرير سيناء المجيد اجتماع وزير التعليم مع لجنة من قيادات الوزارة لتطوير وتفعيل سبل تحقيق ضمان الجودة التعليمية ”وزير الدولة للإنتاج الحربي” في زيارة مفاجئة لشركة ”أبو زعبل للصناعات المتخصصة” أمن القاهرة يكشف لغز بلاغات سرقة ويضبط الجناة والمسروقات السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول

محمد خليفة يكتب: إنّ الله يٌمهلٌ لِلظَّالِمِ ويٌطيلٌ عٌمرَه.. !

كٌنتٌ قد استأثرت عدم الخوض في هذا الموضوع الشائك، ولكنْ بعد أنْ قرأت ما أغضبني وأغضب الكثيرين بعد وفاة من خان الوطن وعمل لصالح جهات أجنبية جاسوسا وعميلاً ، ذهبت إلى الإمام وعالم أهل السنة والجماعة الحسن بن يسار البصري ، رحمه الله تعالى سيد التابعين في عصره في القرن الأول الهجري، فقد أنكر على من يدعو للظالم بالرحمة والمغفرة أو دعا للظالم حال حياته بالتيسير قائلاً: " من دعا لظالم فقد أراد أن يُعصَى اللهُ في الأرض؛ لأنّ الدعاء للظالم بالتيسير إنما يجعله يمتد في غيه وظلمه وغشمه ولا ينتهي عما حرم الله على نفسه وهو الظلم وجعله محرما بين خلقه، ويؤذي من خلق الله الكثير في أنفسهم وأموالهم وأهليهم إن عارضوه أو قالوا عنده في وجهه كلمة حق.

ومن عظيم لطف الله بعباده المستضعفين المظلومين أنه سبحانه كفل رحمته للناس جميعا إلا الظالمين، حيث قال تعالى في سورة الإنسان في آخر آياتها "يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما" ومازال الكلام للبصري حين فسّر فقال: والمعنى وأخص أو أقصد الظالمين بإعداد العذاب لهم واستثنائهم من الرحمة كون أنهم لم يرحموا من قدروا عليهم أو ظلموا محكوميهم ورعيتهم من ذوي الضعف وقلة الحيلة، فكان الجزاء من جنس العمل.

وقوله تعالى في سورة الشورى "والظالمون ما لهم من وليٍ ولا نصير"، وقوله تعالى في سورة النساء حيث قال تعالى: إنَّ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالاً بعيداً . إنَّ الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً إلاَّ طريق جهنم خالدين فيها أبداً وكان ذلك على الله يسيرا. وآيات الظلم والظالمين ومادة ظلم في القرآن الكريم كثيرة حيث وردت أكثر من 200 مرة كما قال علماء التفسير .

وكما جاء في الأحاديث الشريفة "من لا يَرحم لا يٌرحم" "والراحمون يرحمهم الرحمن" و"إنما يرحم الله من عباده الرحماء، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". والأحاديث في ذلك كثيرة وصلَّ الله على من لا ينطق عن الهوى فيما بلغ عن ربه دينه وشرعه.

وأما بخصوص ما يشيع بين الناس عوامهم وخواصهم من أنّ الميت لا يجوز عليه سوى طلب الرحمة له والدعاء له بالعفو والمغفرة، حتى لو كان ظالماً، فهذا غير صحيح شرعا بعد أنْ قرأت في كتب التفاسير والأحاديث الصحيحة التي وردت في صحيحي البخاري ومٌسلم، فمن قال ذلك فقد افترى على الله تعالى ورسوله صلَّ الله عليه وسلم إثما عظيماً كون أنّه أنكر آيات القرآن وأحاديث الرسول صلَّ الله عليه وسلم زعماً أنَّ في هذا منه رحمة وكأنه أرحم وأكثر علما من الله تعالى بما يجوز ويجب وما لا يجوز وهو سبحانه عالم الغيب والشهادة.

فقد ثبت عن النبي صلَّ الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " مرت جنازة على رسول الله فأثنى الصحابة عليها خيرا، فقال النبي صلَّ الله عليه وسلم: وجبت. ومرت جنازة أخرى عليهم فأثنى الصحابة عليها شراً، فقال النبي : وجبت. فقال له الصحابة : ما وجبت يا رسول الله؟ فقال خاتم النبيين: في الأولى أثنيتم عليها خيراَ فوجبت لها الجنة وفي الثانية أثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في أرضه ".

ولو كان ثمة إثم على الصحابة في ذكرهم الجنازة الثانية بخصال السوء والشر التي كان عليها صاحبها حال حياته لنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولأخبرهم أن الميت لا يجوز عليه سوى الرحمة حتى ولو كان شريرا أو ظالما أو به صفات تنافي حسن الخلق أو أوامر الشرع الحنيف، ولكنه صلى الله عليه وسلم وافقهم فيما قالوا وقال إن النار وجبت له ولو كان مسلما وعلل ذلك بأن الناس الذين يخالط بعضهم بعضا هم شهداء الله في الأرض على أفعال بعضهم البعض، بل إن الله تعالى يقبل شفاعتهم فيمن هو على الترتيب النبوي الصحيح وليس من هو مسلم في البطاقة الشخصية فحسب، إذ الإيمان والإسلام ليس بالقول وإنما بالعمل.

بيد أنّ التوبة للظالم تختلف عن غيره من العباد، فتوبة العباد تقتضي الندم على الذنب والاستغفار منه والعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى، وهذه كلها شروط واجبة في حق توبة الظالم إضافةً إلى رد المظالم والحقوق لأصحابها في الدنيا قبل الآخرة، وإلا فإن توبته محض استهزاء بالخلق وبالشرع ولن يغرنا منه ما يقوله بلا دليل على صدقه طالما أنه لم يرد المظالم والحقوق لأصحابها. هكذا هو كلام الفقهاء وعلماء تفسير القرآن الكريم وليس كلامي فأنا لست فقيها أو عالما متخصصا في علوم الدين. ويصدق ذلك قوله تعالى في سورة المائدة : " فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إنّ الله غفور رحيم . صدق الله العظيم .

فالظلم من الكبائر القبيحة والذنوب الكبيرة، ولهذا فإنّ عاقبته وخيمة؛ لأنّه من المعاصي التي تستوجب عقاب الله تعالى، إذ يقول الله تعالى في محكم التنزيل: "وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِير" ، ويقول الله تعالى: "وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ" كما أنّ الله تعالى حرّم الظلم على نفسه، وأمر عباده أن يجعلوه بينهم محرمًا، كما يجب الحذر من ظلم الآخرين، سواء ظلم الزوجة أو ظلم الابناء أو ظلم الإخوان أو ظلم الجيران أو غير ذلك، وذلك خوفًا من دعاء المظلوم الذي قد يدعو به المظلوم على الظالم. لهذا يجب الامتناع عن ظلم العباد القريب منهم البعيد والغريب والجار، وتجنب ظلم النفس والتجنّي على أموال الآخرين وأعراضهم وحقوقهم.. اللهم إنِّي قد بلغت اللهم فاشهد.