جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 10:33 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
أسعار بيع وشراء الذهب اليوم الخميس أسعار العملات الأجنبية والعربية اليوم الخميس حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس المدير التنفيذي لجهاز حماية البحيرات والثروة السمكية يتقدم بالتهنئة للرئيس والقوات المسلحة بمناسبة ذكري تحرير سيناء حفل ختام الأنشطة بمدرسة الأيوبية الإعدادية بنات ومعرض اللغة العربية بمدرسة الهدى والنور بالدقهلية محافظ الدقهلية يهنئ فريق المنصورة الاول لكرة القدم ومجلس الادارة اعتبارا من مساء اليوم يبدأ العمل بالتوقيت الصيفى بهيئة السكة الحديدية النيابة العامة بشمال الجيزة تباشير تحقيقاتها في حادث اصابة عدد من الأطفال باختناق داخل حمام سباحة الترسانة رئيـس مجلـس إدارة جهـاز حمايـة وتنميـة البحيـرات والثـروة السمكيـة يهنئ الرئيس والقوات المسلحة ذكـرى تحريـر سينـاء شباب قادرون تستعد لتنظيم ملتقي توظيفى بالبحيرة وكيل أوقاف الإسكندرية يتابع فعاليات امتحانات طلاب المركز الثقافي افتتاح مؤتمر «صناعة السياحة في ظل التغييرات العالمية »بجامعة الإسكندرية

أسيوط تحت رحمة المُنقِبون عن الآثار

عمليات التنقيب عن الآثار
عمليات التنقيب عن الآثار

«شوارع تحت منازل سكان أسيوط بحثاً عن الآثار، مما تسبب في انهيار وتصدع عشرات المنازل، وأكثر من هبوط أرضي مفاجئ في الشوارع الرئيسية والفرعية، ترتب عليه حالة من الذعر بين المواطنين».

في التاسع والعشرين من شهر ديسمبر عام 2015، وصلت معلومات شبه مؤكده إلى ضباط مباحث قسم أول أسيوط، مفادها وجود ثلاثة أشخاص بالقرب من هيئة الإسعاف ومعهد الأورام، يقومون بالتنقيب عن الآثار داخل أحد منازل المواطنين، توجهت قوات الشرطة إلى الموقع المشار إليه في المعلومات، وألقت القبض على بائع متجول وشابين بحوزتهم معدات التنقيب.، قبل محاولتهم الهرب داخل أحد السراديب المحفورة أسفل المنازل المجاورة وتمتد لمسافات طويلة تصل إلى 6 كيلو مترات.

«ظٌلم وقهر» هكذا تصف منى عبداللطيف، إحدى ساكنات منطقة غرب أسيوط، الحالة التي وصلت إليها المنطقة، بعدما سيطر المُنقِبون على الأرض تحت منازلهم، عبر سراديب وأنفاق حولت المنطقة إلى مدينة تحت المدينة. في الرابع عشر من فبراير 2013، سقط مأواها الوحيد بعد هبوط أرضي حدث بداخله نتيجة انهيار أحد السراديب التي حفرها الباحثون عن الآثار في أسيوط.

لم تكن منى الضحية الوحيدة التي سقط منزلها نتيجة تأثره بأعمال الحفر التي تتم أسفل مدينة أسيوط، بالقرب من منطقة القيصرية التي تحوي عدداً من الآثار الإسلامية الحديثة والمزارات السياحية والأسواق القديمة التي لا زالت لها طقوسها الخاصة عند سكان المدينة.

انتشرت بكثافة عمليات الحفر المتعددة أسفل منازل في أسيوط، وخاصة بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، بحثاً، وتنقيباً عن الآثار.

أكثر من 5200 محاولة تنقيب في محافظة أسيوط منذ عام 2011 حتى الآن، وتعج سجلات محاضر الشرطة بأكثر من 1200 محضر تنقيب وأعمال تسببت بانهيار منازل وتشريد مئات الأسر وتهريب مقتنيات أثرية باستغلال سوء التنسيق بين أجهزة الأمن وهيئات الآثار فضلا عن ثغرات قانونية تحول دون معاقبة الجناة.

3آلاف قضية كل عام

وفي مفاجأة كشفها المركز القومي للبحوث الجنائية في دراسة بحثية صدرت في يونيه 2018، أن متوسط القضايا التنقيب والإتجار وتهريب الآثار التي تُسجل كل عام بلغت أكثر من 3 آلاف قضية، رغم تغليظ العقوبات في القانون 117 لسنة 1983 والذي تم تعديله في 2011، ووصلت فيه العقوبة إلى السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد عن عشرة ملايين جنيه.

واعتبرت مادة 6 من القانون حماية الآثار جميع الآثار من الأموال العامة - عدا ما كان وقفا - لا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات المنفذة له. بينما حظرت المادة 7 اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون الاتجار في الآثار، ويمنح التجار الحاليين مهلة قدرها سنة لترتيب أوضاعهم وتصريف الآثار الموجودة لديهم ويعتبرون بالنسبة لما تبقى لديهم من آثار بعد هذه المدة في حكم الحائزين وتسري عليهم الأحكام المتعلقة بحيازة الآثار والمنصوص عليها في هذا القانون. وتعاقب المادة 41وتعديلاتها بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد علي 10 ملايين لكل من قام بتهريب أثر إلي خارج الجمهورية أو اشترك في ذلك. ويحكم في هذه الحالة بمصادرة الأثر محل الجريمة وكذلك الأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح الهيئة .

كيف حدث الهبوط الأخير.

«فجأة سقط المنزل» يروي محمود عبدالرحمن، أحد جيران العقار المُنهار بمنطقة علوية النصارى دائرة قسم أول أسيوط: «البداية كانت بهبوط أرضي وسط الطريق العام بلغ عمقه نحو 5 سنتيمترات، ظهرت بعدها تشققات بالطبقة الإسفلتية وبدأت أعمدة الكهرباء المصفوفة على جانبي الطريق في التأرجح، بدا السكان والمارة ملاحظة ما يحدث، لكننا اعتدنا على هذا الأمر بسبب كثرة التنقيب والأرض التي أًبحت كلها سراديب وأنفاق تحت منازلنا دون رقيب أو رادع».

في مساء اليوم: «تطورت عملية الهبوط الأرضي البسيط في وسط الشارع، إلى خلل وتصدع شديد في أحد المنازل المجاورة لمنزلي، تقطن به جارتي المٌسنه و3 أسر أخرى، حدث ميول شديد في الجدران من الناحية البحرية وتشققت الأعمدة والحوائط الجانبية الأخرى»، سارع الأهالي إلى استخراج السيدة المٌسنة من المنزل قبل سقوطه وأخطروا الشرطة.« توجهت قوات الأمن والحماية المدنية وهرولت سيارات الإسعاف موقع الحادث وكأنه يحدث للمرة الأولى».

تبلغ مساحة المنزل نحو 40 متراً بارتفاع 3 طوابق، بحارة الملك المتفرعة من درب أبوسعدة منطقة علوية النصارى بالقرب من القيصرية في أسيوط. تناقلت وسائل الإعلام خبر الهبوط بشكل سريع وانتشر في كل ربوع المحافظة، لينتقل بعدها المحافظ اللواء جمال نور الدين إلى موقع الهبوط ويٌشكل لجنة من الإدارة الهندسية بحي شرق للوقوف على أسباب الهبوط، وعثرت اللجنة على حفرة أسفل العقار بقطر متر ونصف تقريباً وعمق يصل إلى 10 وبداخلها أدوات حفر للتنقيب عن الآثار.

انتشرت هذه الظاهرة بشكل سريع في محافظة أسيوط التي يبلغ عدد سكانها نحو 4.472 مليون مواطن طبقاً لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في يناير 2018.

رواية سكان العقارات الذين وجدوا أنفسهم بلا مأوى تتطابق مع روايات مواطنين آخرين في مناطق متفرقة، تضرروا من أعمال حفر أسفل منازلهم. والسيناريو يتكرر في غالبية الحالات التي تبدأ بمحضر في قسم الشرطة للإبلاغ عن عمليات الحفر، وتنتهي بمحضر إثبات حالة بعد انهيار العقار.

ما علاقة الجن بالتنقيب عن الآثار في أسيوط؟

لم تتوقف حكايات التنقيب عن الآثار في أسيوط عند انهيار المنازل وحفر سراديب وأنفاق تحت الأرض وفقط، بل تطور القصة حسبما يروى الأهالي إلى خروج الجن وإحراق عدداً من المنازل في مراكز ساحل سليم والبداري جنوب شرق الإقليم في إبريل 2017.

«بينما نتناول العشاء اشتعلت النيران في منزلنا» كان محمد معروف، يتناول العشاء مع أسرته أمام منزلهما وسط عزبة الجمالية في مركز ساحل سليم، وفجأة: اشتعل الطبق بالطعام على الطاولة التي أمامه، لم يعرف السبب لكنه ذٌهل من هول الموقف، غمر محمد الطبق المشتعل في المجري المائي أمامه، لكن النيران لم تنطفيء، اشتعلت في مروحة بدخل المنزل، ثم امتدت إلى الأجهزة المنزلية ثم أحرقت المنزل بالكامل دون أية أسباب.

علم أهل القرية بالقصة وذهبوا عن بكرة أبيهم لمواساة محمد معروف صاحب المنزل المحترق، لكنهم لم يتوقعوا ما سيحدث. في صباح السبت 21 إبريل 2017 شهدت محافظة أسيوط حالة من الذعر بين المواطنين ، بعدما انتشرت الحرائق بعدداً من منازل مركز ساحل سليم، وانتشرت روايات كثيرة أن الجن ولعنة الفراعنة وراء الحرائق المتكررة.

يبلغ تعداد عزبة الجمالية نحو 1500 بحسب الوحدة المحلية لقرية العفادرة بمركز ساحل سليم .

يرجح الأهالي كل ذلك بسبب قيام أحد الجيران بالتنقيب على الآثار وإيذاء خدام وحراس المقبرة من الجن الذين سخرهم الفراعنة لحفظ ممتلكاتهم فقرر الجن الثأر لهم وأشعل النيران في المنازل بالتبادل، وهذا ما قرره الشيوخ الذين أتوا لمعرفة سبب اندلاع الحرائق، إلا أنني أتحدى الجن وراضى بقرار الله وقدره ولن أترك منزلي.

وفد من الشيوخ جاءوا من القاهرة وأقروا أنه تم التنقيب عن الآثار بمنطقة تسكنها قبيلة مكونة من أكثر من 100 جن من الحراس الذين جندهم الفراعنة،

جثث تحت الأنقاض

استيقظ على (اسم مستعار) صباح السبت 13 أغسطس 2016، على صوت ارتطام قوي وغبار كثيف يغمر أجواء المكان، كان يشك أن أحد المنازل سقط بسبب أعمال التنقيب التي تحدث في الأسفل، لكنه لم يتوقع أن أسرة تُقتل تحت الأنقاض بسبب طمع الأب وحلمه في الثراء السريع.

الوقت : الحادية عشرة صباحاً

الزمان: 13 أغسطس 2016

المكان : منطقة المسجد الأموي غرب أسيوط

خرج علي من منزله بعد سماع الحطام، فوجد منزل أحد الجيران يدعى سيد سقط نتيجة التنقيب عن الآثار بداخلة، بالقرب من المسجد الأموي بحي غرب أسيوط، كان الجو شديد الحرارة وقتها، والشوارع بالكاد تمر فيها السيارات، هدأ الغبار المنتشر فوجدنا المنزل سقط عن آخره وبداخله الأسرة، أسرع السكان في التواصل مع الشرطة التي وصلت بعد وقت قصير، حاولت إنقاذ الضحايا، لكن الوضع كان صعب، فاستعانت بوحدة الإنقاذ السريع التي بذلك كل سبل الإنقاذ لكن لم يفلحوا بسبب تراكم الأنقاض.

بعد عدة ساعات تمكنت من انتشال وألقت قوات الأمن القبض على أحد الدجالين من محافظة الأقصر كان يساعدهم في أعمال الحفر عن طريق الإستعانه بالجن.

إخلاء كامل

مصدر أمني رفض ذكر لمحرر التحقيق أن عمليات التنقيب عن الآثار في محافظة أسيوط، وراءها عدداً من رجال الأعمال والمستثمرين اللذين يريدون القضاء على المنطقة بشكل كامل، لتنفيذ مخططات استثمارية كبيره تجر عائداً بالمليارات ، نظراً لطبيعة المنطقة الجغرافية في قلب المدينة التي وصل فيها سعر متر الأرض إلى ما يزيد عن 200 ألف جنيه ، متصدراً السعر على مستوى العالم.

يروي المصدر لمحرر التحقيق، منذ قدومي إلى محافظة أسيوط في آواخر 2014 وأنا مهتم بملف العقارات في المدينة، باعتباره ملف مثير للشكوك والوزارة تتابعه عن قرب في الأخيرة، تتبعت تلك القصة عام كامل حتى وقعت أول حادثة انهيار منازل منذ قدومي أسيوط، وفي الحقيقة كنت أسمع عن عمليات التنقيب، لكن كل الدنيا تبحث عن الآثار فلم أهتم، حتى وقعت تلك الحادثة التي كانت بالقرب من المسجد الأموي أو الجامع الكبير وقتها ، والتي اكتشفنا فيها كمية سراديب وأنفاق غير عادية أسفل المنازل والتي توضح حجم المخاطرة الكبيرة التي يعيشها سكان المنطقة.

منذ ذلك الحين تتبعت القضية حتى وقعت في يدي معلومات أن مجموعة رجال أعمال من أسيوط وخارجها وراء خطة التنقيب ليس بحثاً عن الآثار فقط، لكن لانهيار المنطقة بالكامل من أجل تنفيذ مشروع استثماري ضخم يجر عائداً بالمليارات.

يوافقة الرأي مصدر بقطاع الآثار الإسلامية في أسيوط والذي عبر عن مدى تعجبه من كمية التنقيب الغريبة التي انتشرت في الآونة الأخيرة وخاصة بعد ثورة يناير 2011، والتي تثير الشكوك وتؤكد ما توصلت إليه الإجتهادات والتفسيرات الأمنية المهمة، أيضاً المنطقة لا تحوي كميات أثرية مهمة مثل الأقصر أو المطرية وغيرها من العواصم الفرعونية المشهورة، ولا تحوي آثاراً إسلامية بكثرة مثل كشارع المعز والفسطاط والمناطق المنتشرة بالقاهرة.

المصدر يتلقى شكاوى شبه يوميه من مواطنين يخبرونه عن مناطق جديدة بها حفائر وأنفاق وسراديب للتنقيب عن الآثار داخل مدينة أسيوط، لكن القانون لا يعطيه أكثر من إبلاغ مباحث الآثار بكل المعلومات التي وردت إليه ، والتي مع مرور الوقت أصبحت لا قيمة لها، متسائلاً : هل يستمر نزيف التنقيب عن الآثار في مصر رغم تعديل القوانين التي أراها من وجهة نظري لا زالت بحاجة إلى تعديل آخر أشد غلظة وعقوبة.