جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 05:41 مـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

مدحت عبد الجواد يكتب: الغزو التاريخي للإسلام

من أصعب صور التخريب، التي سلكها الاستعمار واتبعها المستشرقون.. تفريغ التاريخ الإسلامي من كل قدوة صالحة، والدس على الصحابة والأبطال الإسلاميين قصصا فاسدة هنا وهناك، وتبعهم عن خطأ أو جهل وقلة علم أعوان جهلة من أدعياء العلم، وربما تبعهم عن عمد مغرضون حاقدون ينتصرون لفكر فاسد عفن، وبين هؤلاء جميعا امتلأت المناهج الدراسية بالفوضى من القصص التي غيبت الوعى، وأفسدت في عيون أبنائنا القدوة والطموح.

وقد نجح الاستعمار ( الاستعمار من التعمير وهذا المصطلح خطأ والصواب الاستدمار) في خلق جيل انبتت جذورة، ونبتت في أرض عفنة، لايدركون حقيقة أسلافهم ولا يعرفون قيمة ما بذلوه من تضحيات لأجلهم.

وجاء الإعلام الصنيع المغرض؛ ليعمق الدمار، ويقضي على بقية من قيم تقدس العلم، وتسخر من العلماء والعلم، وتحط من قيمة المعلم في ظل غياب القيادات المخلصة التي تدفع شعوبها نحو أهمية العلم وتقدر العلماء.

فيتحول عمرو بن العاص_ رضي الله عنه _إلى مجرم حرب، وتدلس عليه قصة المصري الذي ضربه ابن عمرو، ويذهب مشتكيا إلى سيدنا عمر بن الخطاب _رضي الله عنه _ فيأمره أن يضرب عمرو ويضرب ابنه، وليس لهذه القصة أدنى سند من الحق، ويزيدون تشويها له بقصة التحكيم التي جمعت بينه وبين أبي موسى الأشعري، وليس لها أيضا سندا أو صحة، وإنما كالوا لهذا الصحابي؛ لأنه فاتح لبلاد الشام ومصر، فجعلوا منه _ في مناهجنا الدراسية _ وهو البطل مجرما، وجعلوا من نابليون بونابرت بطلا للحرب وهو السفاح الذي قتل ودنس الأزهر والمساجد بخيول الدمار.

وهكذا تعمد المستشرقون تغوير وتشويه قصص الأبطال والعظماء. إن من أهم الجرائم التي يرتكبها الآباء في حق الأبناء تركهم فريسة لثقافة وتعليم ينزع عنهم لباسهم ويطمس هويتهم، ويفصلهم عن ماض كتبه أبطال بدمائهم. إذا سألت أكثر طلابنا، وحتى جل الباحثين منهم عن أسماء الصحابة، والأبطال الذين صنعوا أمجادهم لتعثر أكثرهم في الإجابة. والأشد مرارة أن أكثرهم كاد يكفر بالعلم ويسفه العلماء.

ولست أدري إلى أى مجد نسير دون وعي؟! إنني أمتدح علما يوقظ العقول، وعلماء يجتهدون السير في طريق يبني القيم ويحيي القيم في نفوس الأبناء، علماء يغرسون قيم الحق ويصنعون جيلا من أبطال يعيدون للعرب أمجادهم. وإنني أنعى كل فن أو أدب يهدر الأوقات، ويدنس العقول، ويتلاعب بالفكر، ويشتت الأبناء ويصرفهم لصغائر الأمور، ويحيد بهمتهم لقصص الحب والغرام والغرائز والشهوات.

أمثال هؤلاء خونة لعلمهم وفنهم، وناكرين لفضل الله عليهم وبدلا من أن يستخدموا ما منحهم الله من علم في بناء الأوطان، يساعدون الأعداء في قتل أعز ما تملك، وهم فلذات أكبادها وثمرات غرسها.

فلا عجب إن كان النبت فاسدا إذا كانت الأشجار ترتوي جذورها من ماء عطن آسن فاسد.