جمال علم الدين يكتب : مع كل رحيل بداية فأحسنوا الرحيل
عندما تستلقى على مقعدك فى مكان ما... وتخلوا بنفسك بعيدا عن الناس تريد ان تحادثها سرا وجهرا..وتتزاحم فى رأسك كل الذكريات ...الماضى ..والحاضر الذى تعيشة..والمستقبل الغامض الذى لم يعد تهفو اليه بالامنيات والاحلام. الماضى بكل ما يحمله من أفراح وأحزان... ومن خيبات ...ومن حب وخزلان ...ومن لقاء وفراق...تتذكر الجميع من رحل وحملت ذكرياتة من امال واحلام تبخرت برحيله عن عالمنا تتذكر انه كان يجلس هنا ..يضحك هنا ..يحزن ويفرح هنا ..رحل ومازال هنا وتعيش معه بالرغم من رحيله عن عالمنا ثم تنتبه حين تسترد نفسك ان الموتى لا يعودون الى الحياة مرة اخرى.
والبعض الاخر بالرغم انهم مازالوا على قيد الحياة الا انهم رحلوا مع من رحلوا امواتا ولم تتبقى منهم سوي الاحلام . البعض رحل عنك بأختيارهم فتركوا ذكرياتهم معك ولم تعد تسترجعها لانهم رحلوا طوعا وليس كرها. لذلك ارحل قبل ان تٌستهلك اخر قطرة حب داخلکْ… قبل ان تٌضحك على نفسکْ وانتٌ وان تٌقنع نفسك بأخر عذر لهم … قبل ان تستنفذ اخر انفاس صبرك …ارحل بلطف ..حتى على نفسك التي تهاب كل مجهول .
مثل ما هناك مواسم للقاء … هناك مواسم للرحيل …عن اماكن ماعادت تتماشي مع اتساع روحك … عن مدن امتلأت ازقتها بذكرياتنا المنهكة …عن حب فجأة صار باهتا وغريبا …بعدما كان يمثل العمر … بل كل العمر … رحيلنا عن بشر طالت سلاسل اعذارنا لهم حتى صارت تلتف حولنا وتخنقنا … رحيل عن ذنوب انهكتنا طويلا .. عن احلام طال انتظارها لنا على باب القدر حتى بركت على الارض .. وما عاد الحلم حلماً …عن نسخة منك ماعادت تشبهك كثيراً.. وحين نرحل فلنحسن الرحيل . ارواحنا ايضا تأتى عليها مواسم .. فلنحترم مواسمها … نفتح الشبابيك ليتجدد رذاذها … عله يتغير المشهد … فمع كل رحيل بداخلك بداية.
