جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 06:41 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
أسعار بيع وشراء الذهب اليوم الخميس أسعار العملات الأجنبية والعربية اليوم الخميس حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس المدير التنفيذي لجهاز حماية البحيرات والثروة السمكية يتقدم بالتهنئة للرئيس والقوات المسلحة بمناسبة ذكري تحرير سيناء حفل ختام الأنشطة بمدرسة الأيوبية الإعدادية بنات ومعرض اللغة العربية بمدرسة الهدى والنور بالدقهلية محافظ الدقهلية يهنئ فريق المنصورة الاول لكرة القدم ومجلس الادارة اعتبارا من مساء اليوم يبدأ العمل بالتوقيت الصيفى بهيئة السكة الحديدية النيابة العامة بشمال الجيزة تباشير تحقيقاتها في حادث اصابة عدد من الأطفال باختناق داخل حمام سباحة الترسانة رئيـس مجلـس إدارة جهـاز حمايـة وتنميـة البحيـرات والثـروة السمكيـة يهنئ الرئيس والقوات المسلحة ذكـرى تحريـر سينـاء شباب قادرون تستعد لتنظيم ملتقي توظيفى بالبحيرة وكيل أوقاف الإسكندرية يتابع فعاليات امتحانات طلاب المركز الثقافي افتتاح مؤتمر «صناعة السياحة في ظل التغييرات العالمية »بجامعة الإسكندرية

«الثانوية العامة» صفحة من كتاب «الفساد»

د.حامد الأطير
د.حامد الأطير

انتهت منذ أيام امتحانات الثانوية العامة، وما أدراك ما الثانوية العامة! هي صفحة في كتاب الفساد الكبير،تحمل في طياتها كل أشكال الانحراف المجتمعي وتعبر بجلاء عن الحالة المذرية التي وصلنا إليها على المستوى الشعبي والمستوى الرسمي، لقد أبى المجتمع أن يسترعيوبه أو يواري سوءاته أو يخفي مساوئه وأصر على فضح نفسه جهاراً نهاراً وسعى لينعي للعالمين ضياع قيمه وانهيار أخلاقه.

الثانوية العامة صور مصغرة للمجتمع بتكوينه وصفاته وخصائصه، ضلعه الأول الحكومة ممثل في وزارة التعليم بدءاً بالوزير مروراً بوكلاء الوزارة والمديرون والموجهون والمدرسون وضلعه الثاني الطلاب وضلعه الثالث أهالي الطلاب. الأضلاع الثلاثة تلاقت رغبتهاواجتمعت إرادتها على ممارسة الفساد علناً وارتكاب جريمة الغش بكل جرأة وبجاحة ووقاحة وفي حماية الشرطة وتحت أعينها، لأن الشرطة ممنوعة من التدخل في سير عمل لجان الامتحانات ومهمتها تقتصر على حفظوتأمين اللجان من الخارج لمنع تسلل أحد إليها.

الأمر المُبكي والمؤلمأن نرى الكلوهو يشارك في صنع وممارسة الجريمة باتفاق ضمني بين أطرافه، الجريمةالتي لا تبدأ في نهاية العام الدراسي بل في أوله، فمنذ اليوم الأول والمدارس خاوية على عروشها وخالية من المدرسين الذين راحوا يجمعون مئات الألاف وربما ملايين الجنيهات من الدروس الخصوصية، بمعرفة وتسهيل بعض الإدارات وربما بتواطئها مقابل نسب من الحصيلة في ظل غياب جدية الوزارة لضبط العملية التعليمية وعجزها عن إلزام الجميع بالحضور والقيام بدوره وتأدية واجبه وفي ظل انعدام الرقابة أو عدم جديتهاواقتصارها على الرقابة الورقية والمستندية وما أبرعنا في تظبيط وترتيب الأوراق والمستندات،وخالية أيضاً من الطلاب الذين يصرون على التغيب عن المدارس لتحصيل العلم في مراكز الدروس الخصوصية بعد أن جربوا الحضور والانتظام فلم يجدوا سوى الإهمال والتقصير المتعمد والشرح غير الكافي أو المُرضي، ثم يأتي أولياء الأمور ليغلقوا الدائرة القاتلة، فمن منطلق مصلحة أبنائهم رحبوا بانقطاعهم عن المدارس بل عارضوا ذهابهم إليها وساندوهم لتحصيل العلم خارج أسوارها.

وتصل المأساة لقمتها عندما يحين موعد الامتحانات، فترى الأضلاع الثلاثة (الوزارة والطلاب وأولياء الأمور) وقد تواطئواواتفقواعن طيب خاطر علىتنفيذ هدفواحد هو تنكيس راية الأخلاق والقيم ورفع لواء الغش والتدليس!.

فالوزارة تريد تحقيق نسب نجاح محددة لا يجوز النزول عنها لتثبت أنها أدت دورها التعليمي على الوجه المطلوب ولتخلي وتُفسح أماكن لدفعات قادمة من الطلاب، والتشديد والجدية سيؤديانحتماً لعدم تحقيق هذين الهدفين، علاوة على ذلكفإنالوزارة لا تستطيع توفير الحماية لمراقبيها داخل لجان الامتحانات مما يجعلهم خائفين بل مرعوبين، لأنهم مُهددَون ومُستهدَفون بشكل مباشر من الطلاب وأهاليهم، والطلاب استحلوا الغش بكل السبل وكافة الطرق المعتادة وغير المعتادة وأصبحوا يعتقدون بأن هذا حق أصيل لهم غير قابل للتنازل أو التفاوض، وهم على استعداد لضرب وإهانة المراقب ومن يعلوه وعلى استعداد لتلفيق التهم له بالتعدي عليهم إذا ما حاول منعهم من ممارسة الغش الورقي والهاتفي والإليكتروني.

والأهالي يحتشدون أفراد وأرتال خارج أسوار المدارس منتظرين التقاط أول إشارة من أي طالب فاشل تفيد بانضباط اللجنة وجدية المراقبة وعدم وجود فرصة للغشليقوموا بممارسة البلطجة والترهيب والإرعاب وليعلوا صراخهم ووعيدهم وتهديدهم بضرب وتأديب كل مراقب يؤدى عمله بشرف ونزاهة ويتصدى لمحاولات الغش، وللأسف فإن هذه البلطجة سرعان ما تؤتي بثمارها فيتخلى المراقبون عن دورهم المنوط بهم ويتركون الطلاب يغشوا كما يحلو لهم ويفعلوا ما يشاءون فتجد اللجان وقد تحولت إلى سوق شعبي تعمه الفوضى العارمة، ولا يدهشك انتقال بعض الطلاب من لجانهم إلى اللجان الأخرى لاستكمال عملية الغش ولا يدهشك تهديد الطلاب بضرب رؤسهم وإحداث الإصابات بأنفسهم والادعاء بأن المراقب هو من تعدى عليهم وأحدث بهم الإصابات كما لا يدهشك تهديد الطالبات بفتح وتقطيع أزرار ملابسهن والادعاء بأن المراقب قد تحرش بهن وتعدى عليهن وأمسك صدورهن!.

وضع مأزوم وموحل وفاسد وقاتم ومرعب ومقلق على مستقبل هذا البلد، لأن هذه الامتحانات وما يُرتكب فيها من جرائم ما هي إلا انعكاس لقيم المجتمع وأخلاقه ومبادئه، وقد آن الأوان أن تمارس الدولة دورها وتُعلي إرادتها وسيادتها وتأبى الرضوخ لقوى الفساد والبلطجة، فلا مجال للموائمات السياسية أو المجتمعية عندما يتغول ويتعملق الفساد ويوشك على هدم أركان وبنيان الدولة وعندما يتحفز للقضاء على كل أمل في الإصلاح أو التقدم.