جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 11:29 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

خسرنا ملايين المصانع

محمد بيومي
محمد بيومي

كنت في زيارة لقرية برشوم من ريف محافظة القليوبية قرية أبي وأجدادي وكالعاده تنقلت من بيت لبيت حتى استطيع زيارة عدد من أقاربي في حدود الوقت المتاح.

وهذه الزيارة تسعدني جدا بقدر ماتسبب لي من ألم تغير الحال تماما، أذكر من أكثر أربعين عاما يوم وفاة عمي وعند العودة من المقابر وجدت عشرات السيدات يحتشدون وعلى رأس كل منهم صينية بها أكل لكل المعزيين في دوار كبير للمناسبات هذه العادة الجميلة موجودة حتى الآن ولكن في ظروف مختلفة كان البيت الفلاحي من أربعين عاما مبنى بالطوب اللبن وجيد التهوية والنوم بعد صلاة العشاء بقليل ونوبة الصحيان في صلاة الفجر ليبدا يوم البيت الأب إلي الغيط ووراءه المواشي اللازمة للعمل ويستمر حتى قبل صلاة المغرب بقليل.

وفي البيت يتحول إلى مصنع صغير وبنشاط يتم إنتاج اللبن والجبنة القريش والذبدة والجبنة القديمة والفطير والعيش والبيض والمخللات واللحوم البيضا من فراخ وبط وأوز وأرانب ولحوم حمراء من ماعز وخرفان ولحم جاموسي وبقري.

كان المصنع الموجود في كل بيوت الريف ينتج كل مايحتاجه من غذاء ومعظم ماتحتاجه المدينة أيضا البيت الريفي كان يمثل ملايين المصانع الصغيرة التي لا تكلف الدولة إطلاقا وتمثل داعم كبير للاقتصاد الوطني.

كان كل بيت يهتف تحيا مصر بطريقة عملية بعرق وجهد من الفجر يوميا حتى صلاة المغرب ولم تكتفي هذه المصانع بذلك فقط بل تخرج منها الآلاف الذين حاربوا واستشهدوا من أجل مصر والآلاف من المبدعين والموهوبين والعلماء ورجال الدين والعلم في كل المجالات صنعوا كل ذلك من أجل مصر.

للأسف تغير الحال تماما لم يبقى إلا حب مصر وهو باقي ملازم لكل مصري، ولكن اختفت ملايين المصانع الصغيرة على إمتداد مصر كلها وتحولت معظم القرى لمباني من الخرسانة وتحولت القرى إلي محاولة للحاق بالمدن فخسرت القرى والمدن للأسف الشديد.

ولم تحل مزارع الدواجن وأفران الخبز ومزارع المواشي المشكلة للأسف وخسرنا ملايين من الأيدي العاملة واقتصاد حجمه يتعدى المليارت.

بالتأكيد لست ضد تطوير الريف المصري ولا حقهم في حياه بها قدر من الرفاهية والراحة يستحقونها بالتأكيد عموما هذا ماحدث ولا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب فما حدث له أسبابه ولكن جزء من حل مشاكلنا استعادة هذه المصنع الصغيرة مرة أخرى ربما من خلال قري في الأراضي المستسصلحة تستعيد بها ما كان.

عموما هو ملف يستحق الدراسة وتحياتي وتقديري ومحبتي لكل أهلي في برشوم وكل مصر.