جريدة الديار
السبت 27 أبريل 2024 12:10 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نيفين عبيد تكتب : استعبدها جسدا و قلبا وعقلا

نفين عبيد
نفين عبيد

عجبت لك مولاتي كل العجب ، تتركين نفسك في القصر خادمة و أنت أميرته ومليكته وكيانه ، أشعل قلبي حينما رأى مشهد حريق قصرها ، فعندما كان يتهاوى مع النيران ، قلبي تهاوى معه ، و كيف لا ، فكنت دائما اتابع و أراقب غزلها لقصرها ، فقد جاءت إليه مقبرة ، فتحول بين يديها قصرا ، جاءته في ثوبها الأبيض ، و كانت أشبه بالقمر ، بل تزيده جمالا وإشراقا وسطوعا ، عندما خطت قدمها عتبة تلك المقبرة ، نعم كان أشبه بالمقبرة ، بل المقبرة يحضرها زوارا ، فقد كنا في الحي نخشى الاقتراب منه ، فقد كان الظلام يخيم عليه دائما ، و تكسوه حشائش الأرض السامة ، و تسكنه الحيات والثعابين ، و ذلك الرجل ذو الذقن الغير مهذبة ، و الشعر الطويل ، و كان دائما يرتدي ذلك القميص الأزرق اللون ، كنا جميعا نخشاه ، غير أن هناك قلة من ساكني الحي كانوا يعلمون عنه القليل ، فهو ذلك الأديب الكبير ، له عدد من الروايات والقصائد ، تخالف عاداتنا وتقاليدنا ، فقد كان يسمو لرب جديد ، و يزيد عن ذلك فقد وصف آلهته الخرقاء بمنقذة الأرض من هول القدير ، و اتخذ من شخصه رسول يدعو له في كل كتاب ، حتى إلى مقبرته بتلك العروس ، الاشبه بملاك في ردائها الأبيض ، كأنها قبس من نور القدير نزل إلى مقبرته لينيرها و يرشده من جديد ، كانت دائما في ذلك الرداء الأبيض الذي لم يتسنى لها خلعه و تغييره ، فقد كنا نتابعها من شرفات منازلنا ، كيف ستصمد في تلك المقبرة مع ذلك الوحش العتيد ، وجدنا ذلك النور مصاحبا لها كرفيق دربها ، لا يتفارقا ، حتى بدأت في تغيير الزوجة الظلماء و خلع ذلك العشب الأسود من جنتها التي صنعتها بيديها اللامعة كضوء الكريستال ، وغرست بأناملها الصغيرة بذور حب الورد والياسمين على كل ركن فيها، و علقت أسوار الحديقة بأشجار التوت و العنب و القرنفل ، و حولت الأسوار الشائكة لجنة الرحمن ، و بدأت في غسل تلك الجدران الميتة الشاحبة المظلمة التي غلفت بسواد الزمن ، فجعلت منها لآلئ لامعة ، و بدأت ترسم الأسقف و تزينها بالنجوم و السماء و مظاهر بهجة الحياة ، وطهرت الارضيات لتظهر جمال المجوهرات اللامعة التي رصعت في كل مكان ، ثم كست تلك الأرضية بأنواع فاخرة من السجاد و الأثاث ، و عطرت أرجاء قصرها بالعطور الطاهرة النقية ، و كانت عند كل إشراقة للشمس تخرج لجنتها التي صنعتها بيديها لتسقيها رحيق صنعته خصيصا لها ، و كانت الطيور تتغنى في أرجاء الحديقة بذلك الجمال ، و تتكرر كل يوم و يوم بعد يوم ، حتى أتاهم ذلك الضيف و قد اقبل الليل المنتصف ، رجل عجوز شاحب الوجه هزيل الجسد ، طرق عليهما خلوتهما و دخل مدعيا التقرب و المكوث لديهم لبعض الوقت ، فهو من أقارب و معجبي الزوج الأديب ، و بدأ يتسلل لأرجاء القصر ، و استضاف زوجته في قصرهما ، و بدأت تتغير و تتبدل السعادة بدخول الزوجين الغريبين ، فكأنما الحياة تبدلت و أخذا يتداخلا في حياتهما ، و تنقلب الأحداث بينهما ، و مكثا لديهما زمنا بدأت خلاله الحشائش تكسو الأسوار و تخرج الفئران من جحورها لتسكن اعشاش العصافير ، و يعود الظلام رويدا رويدا للحديقة ، حتى جاء ذلك اليوم الموعود ، وسكن جنين رحم تلك الملاك ، ليكون هو الآمر في تلك الحياة ، و هو نقطة التلاقي مرة أخرى بين الزوجين ، ليعودا لحياتهما و يخرج الضيفين، و تمر الأشهر التسع ، و في نهايته يأتي تكريم الزوج الأديب ، عن نقطة تحول في أدبه الإلهي ، و يقيم الاحتفالات في قصره الذي صنعته له الزوجة ، ويحضر الضيفين ضمن قائمة الضيوف و كيف لا و هم أقارب الزوج الأديب ، و يشتد الاحتفال ما بين رافض فكر التنديد بالاله الواحد و تبديله باآلهة مضيفة من وحي أديب اوهمه عقله بأنه رسول التغيير ، و تسرع تلك الملاك لإيقاف حدة الاشتباك ، ليأتيها الوعد و يأتي الطلق ، و تنجب الصغير ، الذي يتخذه عبدة الأديب قربانا لآلهتهم الصماء ، و يقطعون أوصال الرضيع ، ليأكلون لحمه كنوع من التطهير ، فهو ابن رسول التغيير ، ووجب عليهم التبرك بدماء الصغير ، و تصرخ الملاك و يخرج منها ذلك الوحش البريء ، ليثأر لرضيع قتله غدر طمع شهرة الزوج الأديب ، و تشعل النار في كل أرجاء الجنة التي صنعتها بيديها الناعمتين ، لتحرق النار كل ذلك الجمال ، تحرق الأشجار و الأزهار ، و تحترق معهم الملاك البريء ، و ما الى الزوج غير شق صدرها الضعيف ، ليأخذ ذكرى لها منها غير قلب متلألأ بنور الطهارة التي خذلها ، و تعود الأسوار إلى سوادها من جديد و يخيم الغمام على القصر فيعود مقبرة من جديد ، تهجرها العصافير و الطيور ، و تسكنها الفئران و الثعابين ، ليبحث هو من جديد عن ملاك يطعنها الكره في نهاية الطريق ،،،،،، للحديث بقية لم تنتهي بعد ،،،،،،،