جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 06:33 مـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أمين الحكيم يكتب : صلاح والشعب والأشياء الصغيرة

 

كثرت التحاليل والأراء والأبحاث والأقاويل حول سبب أزمة الشعب المصري وما يمر به من أزمات علي مر العصور وبصفة خاصة خلال العقود الماضية، وأختلفت وتضاربت الأقاويل والأحكام  عن أسباب هذه الأزمات والتدهور الكبير الذي وصل إليه المجتمع المصري كل وفقا لأراءه وأهواءه وإنتمائته،  فمنهم من يري أن الفساد الذي طال مؤسسات الدولة طوال العقود الماضية هي سبب ما وصل إليه حال الشعب المصري الآن، وهناك من يري أن مصر مليئة بالكنوز والموارد الغير مستغلة، وآخر يري أن مصر تحاك لها مؤامرات خارجية طوال تاريخها مما تسبب في تأخرها كثيرا نحو تقدم ونهضة العالم الأول كما يطلقون عليه .

 

إلا أنني لم أسمع أو أري أيا من هذه القامات الإعلامية والسياسية والجامعية والخبيرية، أطلق عليها ما شئت، فما أكثر من المسميات في عصرنا هذا، من تحدث عن " الأشياء الصغيرة "  التي توفر العديد من المجهودات لكي تحقق أهدافك الكبيرة، أو تخرج المجتمع وتحميه من أزمات كارثية،  فتذكرت مقولة الفنان محمد الصاوي في فيلم قرار بجواز جمهوري " هو الإنسان إيه غير شوية حاجات صغيرة فوق بعض " فبرغم من الدور الكوميدي الذي قام به الفنان والإطار الذي أستخدم فيه هذه الجملة، إلا أنه بالفعل، الشعب المصري يحتاج لهذه الأشياء الصغيرة التي قد تعوضه عن ما يمر به تلك الآونة مثل المعاملة الآدمية،  الإحساس بالأمان، الصدق في المعاملة أشياء صغيرة ولا تحتاج مجهود تعوضه عن أشياء كبيرة يفتقر إليها.

 

وكما ذكرت لما أري من تحدث عن " الأشياء الصغيرة " والشعب علي الأقل في هذه الآونه والعقود الماضية، حتي ظهر لنا أبو مكة كما أحب أن أناديه أو أطلق عليه، ففي البداية أؤكد لك عزيزي القارئ لم أكتب مدافعا عن محمد صلاح لأنه بالفعل لم يكن متهما، بل حديث وفيديو صلاح الآخير، إثر أزمته مع اتحاد الكرة أمس وإشارته إلي أن هناك " أشياء صغيرة "  يستطيع أي مسؤل في اتحاد الكرة  أن يقوم بها، توفر الراحه وتكسب الإحترام أكثر من المجهود الكبير الذي  قد يبذله هذا المسؤول ولا تجدي نفعا للاعبين، ضاربا مثلا بطائرة المنتخب الخاصة في كأس العالم، والذي أكد أنها نقطه قوية لاتحاد الكرة إلا أنها لم تجدي نفعا للاعبين ولم توفر لهم الراحة المناسبة لهؤلاء اللاعبين .

 

حديث صلاح هذا العالمي الفلاح الأصيل، أراه يمثل حديث الكثير من الشباب والمواطنين في هذا العصر، أراه يمثل مطلب هذا العامل الذي يطالب بتوفير راتب يكفي سد إحتياجاته الأساسية علي الأقل، أراه علي لسان هذا المعلم الذي يري تلاميذه في أفضل النعم بسببه وهو لا يستطيع توفير طعامه، أري حديثه في عين صاحب الإعاقة الذي يطلب توفير سيارة خاصة يتحرك بها، أراه في عقل مريض يبحث عن مستشفي تنقذه من مخالب تجارة البشر " الدكاترة " في العيادات الخاصة، أراه في عين طفل يبكي من عدم توفير غذاء له " لبن الأطفال "، أراه في قدم مواطنين واقفين بالساعات بالطوابير من أجل ختم صغير أو ورقة قد لا تحتاج لدقائق، أراه هنا وهنا....

محمد صلاح لخص حال الشعب المصري وما يمر به في كلمتين " أشياء صغيرة " في إمكان المسؤولين أن يفعلوها، أتمني من مسؤولي إتحاد الكرة ألا يتصادموا مع صلاح، وأن يتفكروا في جملته الصغيرة أيضا " ليه إحنا مش عاوزين نقتنع أننا ممكن نكون غلط أو بنعمل حاجة غلط ونصلحها "، فالجميع يعلم أن ما دار بمعسكر المنتخب بكأس العالم لا يليق حتي بمعسكر مركز شباب، والجميع يعلم أيضا الأخطاء التي وقع بها إتحاد الكرة في كأس العالم، وما خفي كان أعظم، رجاءا من مسؤولي إتحاد الكرة التمعن جيدا قبل إصدار أي قرار تجاه صلاح والإبتعاد عن الأهواء ومكابرة النفس لأن ذلك لن يكون في مصلحة المنتخب.

 

وبالمثل لمسؤولي الدولة رفقا بالمواطن المصري الذي أصبح الآن علي حافة الإنهيار، رجاءا أبحثوا عن أشياء صغيرة، قد تعوضهم عن أوهام كبيرة، قد تساعدهم في مسايرة الأزمات والصواعق التي تلاحقهم يوما بعد يوم، فالحل بسيط " ابحثوا عن الأشياء الصغيرة " .