جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 08:52 صـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد الفضيل جقاوة يكتب : أحلام محطمة

محمد فضيل جقاوة
محمد فضيل جقاوة

دعيني أمارس طيشي ..

دعيني أما رس في مقلتيك جنوني

دعيني أخفّف بعض شجوني ..

دعيني أسافر خلف الأماني

ألاحق أحلاميَّ الشاردات ..

دعيني ..

دعيني أعيش الطفولة في ناظريك ..

ارمقيني ..

فما ذقت طعم الطفولة يوما ..

و ربّي افهميني ..

لقد صيّروني قبيل الصّبا رجلا

يدمن الصّمت جلمود صخر

و يقرأ في أعين الآخرين الأوامر ..

كم أرهقوني ..

و كم كنت آتي بها صاغرا

دون سؤْل يخفّف وخز ظنوني ..

و قال أبي ناصحا ذات بادرة يصطفيني :

على مضض قبّل الكلب في فمه

إن أردتَ بلوغ المآرب

غنّ لقرد هزيل مشين

هو النّصح في الزّمن العربي الهجين

دعيني أمارس طيشي رجاء

دعيني أخفف بعض شجوني

لقد كان لي في الصّبا ألف حلم جميل

و كنت أراها تموت تباعا ..

و تهوي ..

و شيخ القبيلة منتشيّا بانكسارات طفل ..

يموت التياعا للمسة حبّ ..

لضحكة عيد

لقبلة أم ..

لكوب عصير يبدّد في ليل تموز لفحي

و يبعث في النفس بعض اليقين

دعيني أخفف بعض شجوني

أنا مذ درجت ..

رآني أبي أكبر الطائشينْ

فكم مرة كان يسعى ..

يكسّر نايي ..

يراضي بفعلته الصالحينْ

و كنت إذا ما سعيت أدندن ينهرني ..

مستعيذا بربّ الورى من فسوقي

و من فعليّ الهمجي اللعينْ

و أمّا الصفير فكان مزامير جنّ

بها قد أصاب بمسّ أبيد مشينْ ..

دعيني أمارس طيشي ..

أخفف بعض شجوني ..

لكاهننا الهمجي معي ألف ألف حكاية

ندوب بجسمي و ربّك لمّا تزل شاهدات

على الجرم في حق طفل بريء

أبى أن يكون كبيرا ..

يردّد كالببغاء ورود المساء

و يحفظ أشعار أسياده السابقين

و كنت أرى ما يقوله زيفا و مينا

و كنت أرى الله مثلي ..

يحبّ الطفولة ..

يرحم أبناءه الطيّبين

و يدخلهم جنّة الخلد يوم اللقا أجمعين

دعيني أمارس طيشي ..

دعيني أخفف بعض شجوني ..

و قولي : ترى ما الأمومة ..

ما شكلها ..

ما تراها تكون ؟؟

أنا لم اذق طعمها أبدا ..

صدّقيني ..

فأمّي و ربّك ماتت قبيل انتحالي

و كانت و ربّك كاللات ..

يسعدها أن تراني أنوح

و أذرف سمّ المعاصي مزيجا بدمعي الهتون

تحطّم ما شاده الله يوم براني

و تصنع منيَّ مسخا غريبا

له ألف شكل و لون

تمارس فيَّ انكساراتها السابقات

و تنفث من غير وعي

مآسيّ ماض شقيّ حزين

دعيني أمارس في مقلتيك جنوني

دعيني أخفف بعض شجوني

لقد كنت منذ الطفولة

أحلم أن أعتلي المجد صقرا

أصدّ الأعاديّ عن وطني العربيّ الكبير

و أقصم كل مريب خؤون

و كان لأحمد منّي حنين و أيّ حنين

لكم كنت تيها أراني عليّا

أراني الحسين

لـ ( ناصرَ ) كان ولائي ..

و كنت أراه امتدادا لأحلى القرون

و منه اعتنقت العروبة دينا

و كان لوحدتنا في الفؤاد فتون و أي فتون ..

يثير بليلي المواجع .. يحيي الشجون

أنا مذ درجتُ تمنّيت تقبيل ( ناصرَ ) حبّا ..

تمنّيت شربة ماء من النّيل ..

تطفئ حرّ الحنين

و كم كنت أهفو للقياك ساع الغروب

على ضفّتي دجلة الخير ..

أشدو لحوني ..

و كنت أراك هنالك في الشّام فاتنة

تستبيني ..

تحنّ إلى القدس ..

نصغي .. و فيروز صادحة للمسيح

لمسرى النبيّ الأمين ..

لكم كنت أرسمك خلسة

حين تزحف كسلى سدوف الظلام

على الرمل سيّدة تحتويني

ضفائرها عتمات تغطّي الجزيرة ..

تمتدّ شرقا و غربا ..

ترفّ على وطني العربي الكبير سلاما

و أرسم وجهك شمسا تضيء ربوعي

تجلي الدّياجر ..

تجلي الضباب الـ .. تراكم فوق الحزون

و أرسم صدرك عاصمة لبلادي ..

هناك أرمّم كل انكسارات ذاتي ..

ألملم شعث جراحي ..

أعود اليَّ ..

فيبدأ عمري ..

ألاقي سنيني ..

أعانق احلاميّ المنهكات

و قد أمنت عاديات كلاب

تطاردها كي تراضي بذا ملكا

لم يزل يشتهي أدمعي و أنيني

يراضي بذلك عاهرة نصّبته سفاحا

و لمّا يزل رأس يحي لديها نديّا

فقد جبلت منذ نوح على الرقص

في حفلات المنون

دعيني أغنّي مواويل عشق

لصنعاء ورْدَ صباح

فمنها و ربّك بدء الحكاية ..

دعيني .