جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 11:03 صـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد خليفة يكتب: ” اليسع” يٌحيِّ الموتى ويشفى الأكمه والأبرص،ويدعولعبادة الله الأحد

محمد خليفة
محمد خليفة

حينما يدق البحث أبواب بعض الأنبياء الذين لم يأتى ذكرهم فى كتب التفاسير أو قصص الأنبياء إلاّ من خلال سطورقليلة معدودة، ينتابك حالة من الحيرة خاصة فى غياب المراجع التاريخية الشهيرة والتى اثق فى صحة ما جاء فيها، فنبى الله اليسع ـ عليه السلام ـ أحد هؤلاء الأنبياء الذين ضَنّ علينا المؤرخين بالكتابة عنهم وهو من أنبياء بني إسرائيل ، قال الله تعالى فيهم فى سورة الأنعام" وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ" قال القرطبى فى تفسيره :هو من نجباء الرسل المذكورين فى سورة الانعام، وهو من نسل سيدنا يوسف بن يعقوب بن سيدنا إسحاق بن سيدنا إبراهيم الخليل عليهم السلام،. ويقال : إنّه كان قد نشأ على يدي سيدنا إلياس عليه السلام ، وكان مختفياً معه بجبل "قاسيون" جبل يشرف على مدينة دمشق عاصمة سوريا، فلما مات إلياس ، كان اليسع نبياً في قومه ، . ويروى عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : " كَانَ بَعْدَ إِلْيَاسَ ، الْيَسَعُ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ؛ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ ، مُسْتَمْسِكًا بِمِنْهَاجِ إِلْيَاسَ وَشَرِيعَتِهِ ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ " كما جاء عند ابن كثير في قصص الأنبياء " الجزء الثانى ص 252" وفى تاريخ الطبري " -1/462-464- ، وفى " المنتظم " لابن الجوزي -1/385 ويقال : إنّ من المعجزات التي أيّد الله بها اليسع : أنه أحيا الموتى ، وأبرأ الأكمه والأبرص ، فكان نهر الأردن يجف فى ذلك الوقت ليمشى عليه اليسع عليه السلام ، كما وردت به الكتب الإسرائيلية ، والله أعلم بصحة ذلك وذكر ذلك كتاب " الجواب الصحيح " لابن تيمية - الجزء4/451-452) . ومن هنا يجب أن نتنبأ ونحذر مما يأتى على صفحات الكتب الإسرائيلية ، ولكن لابد على كل المسلمين الإيمان بما جاء صحيحا عن الأنبياء والمرسلين ، ونؤكد أنهم بلّغوا جميع ما أٌرسلوا به ، أمّا ما عدا ذلك من الاخبار الضعيفة التى دسها الإسرائيليون فلا يوثق أو يحتج بها ، لكنّ يمكن أنْ نأخذ منها العبرة والعظة ، ما لم تخالف شيئا ثابتا فى الكتاب أو السنة..واثناء بحثنا فى الدروب المظلمة تقابلنا مع مؤرخنا ابن إسحق الذى فتح لنا صفحاته فقال: أنّ نبى الله اليسع جاء بعد نبى الله إلياس عليهما السلام، فمكث ما شاء الله يدعوهم إلى توحيد الإله الواحد مستمسكا بمنهاج سلفهِ النبى إلياس وشريعته حتى رحيله من الدنيا إلى جوار ربهِ عزّوجلّ بعدها عظمت فى قومه الاحداث والخطايا وكثرت الجبابرة الذين قتلوا الانبياء، وكان فيهم ملك عنيد طاغ، يقال إنّه الذي أٌرسل إليه ذوالكفل الذى دعاه الى الوحدانية فإن تاب ورجع عن كفره دخل الجنة . ومن خلال السير فى دروب هذا النبى "اليسع" تقابلنا مع محمد بن إسحاق وتحدثنا إليه لنعرف ماهية اليسع فقال هو بن أخطوب، ولكن تدخل بيننا الحافظ أبو القاسم ابن عساكر فقال : اليسع وهو الاسباط بن عدى بن شوتلم بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.واثناء سيرنا فى الطريق كانت المصادفة تحت شجرة بن كثير الدمشقى الذى تحدث معنا ليفجّر لنا معلومة جديدة حول اليسع فيقول هو ابن عم إلياس النبى عليهما السلام ويقال كان مستخفياً معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك ثم ذهب معه إليها فلما مات الياس جاء بعدهٌ اليسع في قومه وجعله الله نبياً، وقد ذكّرنا عبد المنعم بن إدريس نقلاً عن ابيه وعن وهب بن منبه بذلك، واثناء الحوار الذى دار بيننا وبين كبار المؤرخين اشتبك معنا ابن جرير وغيرهم، فقال عندما تجبّر أمر بنى إسرائيل وكثرت منهم الجرائم والخطايا وقتلوا الانبياء، سلّط الله عليهم بدل الانبياء ملوكاً جبارين يظلمونهم ويسفكون دماءهم كما سلّط عليهم الاعداء من اقوام غيرهم ، وكانوا إذ قاتلوا أحدا من الاعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان، فكانوا ينتصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة بسبب رائحة آل موسى وآل هارون التى لمست القبة أيديهم الشريفة، وحدث أن تقاتل معهم أهل غزة وعسقلان فهزموهم وقهروهم فانتزعومنهم "قبة الزمان" ، فلما علم بذلك ملك بنى إسرائيل في ذلك الزمان فمات حزناً على فقدانه القبة .وهنا يتوقف بنا ابن كثير ليحكى لنا عن ماهية قبة الزمان فيقول: أمر الله موسى عليه السلام بعمل قبة من خشب الشمشاز" وهو نوعا من الخشب مثل الماهوجنى والبلوط الذي يسهل تشكيله، كما ضم تصنيع القبة جلود الأنعام، وشعر الأغنام، وزينت بالحرير المصبوغ، والذهب والفضة، ، ولها عشر سرادقات، طول كل واحد ثمانية وعشرون ذراعًا، وعرضه أربعة أذرع، ولها أربعة أبواب، وأطوال من قماش الحرير ، مزينة بصفائح من ذهب وفضة، ولكل زاوية بابان .هنا بقى بنو إسرائيل كالغنم بلا راع أو نبى يرشدهم إلى الصواب، وكما يقول لنا بن كثيربقى تابوت الشهادة، وهو - والله أعلم - المذكور في قوله تعالى: " إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " البقرة 248- وقد كانت قبة الزمان مع بني إسرائيل في اثناء فترة التيه، يصلّون إليها وهي قبلتهم وكعبتهم، وإمامهم كليم الله موسى عليه السلام، ومقدم القربان أخوه هارون عليه السلام، فلما مات هارون، ثم موسى عليهما السلام، استمرت بنو هارون يسيرون على نهجهم فى أمر القربان، ومازالت قبة الزمان عندهم حتى كتابة هذا السطور. وقد صلى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، وكان يجعل الكعبة بين يديه، فلما هاجر أمر بالصلاة إلى بيت المقدس، فصلى إليها ستة عشر وقيل سبعة عشر شهرًا، ثم حولت القبلة إلى الكعبة وهي قبلة إبراهيم، قال تعالى: " سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا.. " إلى قوله: " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ... " الآيات وردت فى سورة البقرة. ومن خلال رحلتى مع نبى الله اليسع برغم غياب أصدقائى المؤرخين، تذكر لنا كتب السير أنّ قبر النبي اليسع في مدينة "الأوجام" وتقع ا في منتصف الخط السريع -الجبيل – الظهران- شرقي مدينة القطيف، ويحدها من الجهة الشمالية بلدة ام الساهك وجنوبا البدرانى وشرقا طريق الدمام الجبيل السريع، وغربا مطار الملك فهد الدولي ، وفي قديم الزمان كان الناس يفدون اليه من كل مكان وبعد هدم المسجد الذى تم بناؤه بعد قرون من وفاة اليسع بجوار قبره وقبل حوالي ثلاثين عاماً تقريباً انقطع الناس عن زيارة المسجد لكن قبرنبى الله اليسع موجود ولايوجد اي مانع لزيارته حتى الآن. [email protected]