جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 10:35 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

سليمان التمياط يكتب : ”نظرية الجدرانية ؛ فن صناعة الجدران“

سليمان التمياط
سليمان التمياط


••نزل ابونا آدم و أمنا حواء للأرض وهي بكامل فضاءاتها ومساحاتها و بِكريتها .
بمرور السنوات ؛ ومن ابناءهم ؛ امتلأت الارض بالجدران والحواجز والأسوار . و نقصت حرية الإنسان فردياً ومجتمعياً على حدٍ سواء .

جدران كلمة ثنائية المعنى وهما أولاً الجدران الاسمنتية او الحديدية و ثانياً الجدران الفكرية التي تحد من الخيال الإيجابي للإنسان .

كل مازادت الجدران قلت الحرية وكلما قلت الحرية قل التحضر وكلما قل التحضر قلت الحياة ؛ الحياة بمعناها الواسع الشامل المختص بالإثراء [ الوجداني /النفسي /والروحي / المعنوي ]. وليس الثراء المادي وإن كان هذا الثراء المادي لا غنى عنه كوسيلة للوصول لذلك الإثراء وليس على حساب الإثراء نفسه .
وأول مايكون نافذاً لهذة الحياة أن لانقع ضحيةً لما سأسميه هنا ( الجدرانية ) . أن لانصنعها لمن حولنا ولا لأنفسنا فأقوى الجدران وأخطرها تلك التي يبنيها ويتبناها الإنسان لنفسه ؛ ( فحينما نضع تصوراً معيناً عن شخص فنحن هنا نكون قد وضعنا جداراً يمنعنا من الوصول إليه / التواصل معه بشكل حقيقي ) وهذا مثال بسيط لتوضيح كيف نصنع لأنفسنا جدراناً من وهم .

لنترك كل شيء يطير ؛ يحلق ؛ يرتفع لأبعد نقطة ممكنة .
طيران الأجساد لم يسبق طيران الأرواح ولن يسبق .
المجتمعات التي صنعت طائرة التحليق . من قبل سمحت للأفكار بالتحليق أولاً . سمحت للخواطر أن تتجرأ وتخرج من الرؤؤس .
بل سمحت للهواجس والمخاوف أيضاً أن تخرج للعلن كي تزول . فخروج الشيء المخيف يعني زواله او بمعنى اكثر تفاؤلا وإيجابية : الشفاء منه .
الخروج هنا بحالتيه جميل ومبدع .
خروج الأشياء الإيجابية يجعلها تنمو وتتطور وخروج الأشياء السلبية يجعلها تتلاشى و تُزيل نفسها بنفسها .

المذياع كان ذبذبةً في رأس أحدهم يوماً من الأيام،
التلفزيون كان صورةً متحركة في خيال أخر ،
الكاميرا كانت ومضةً في البال ،
والهاتف كان نداء هوى يريد أن يصل لأذن محب .

[ المذياع ، التلفزيون ، الكاميرا ، الهاتف وغيرها الكثير من الإبتكارات الى يومنا هذا ] كلها كانت خيالاً في رؤؤس من اخترعوها .
الفرق أنها وجدت من يتيح لهذه الخيالات بالخروج . وليس ذلك فحسب بل أوصلها لمرحلة التجربة و التطبيق ضمن وفِي إطار عمل مؤسساتي وتحت ظل المجتمع نفسه لتصل لمرحلة التواجد والوجود واستئناس البشر بها بعد أن كانت خيالاً فقط في الرأس .

قد يكون _وهذا شبه مؤكد _أن هذه الأشياء خطرت في رؤؤس اخرين في أماكن اخرى من العالم ولكن الفرق أنه لم يسمح لها الخروج ولو بشكلٍ نظريٍ بحت .وفي هذه الحالة قد تتولد عملية التكدس أو التكلس بخطرها الكامن على الأفراد والمجتمعات .

بالنهاية لست هنا ( لمجرد الضديِّه ) ضد الجدران بكل أنواعها الإسمنتي منها والفكري . ولكن ضد كثرتها أو خلقها بلا هدف أو نتائج تجعلنا كبشر نصبح أفضل .
ومع أن تُجمَّل وتُنظَّم مؤسساتياً . وأن تحمل هم تطوير و تحسين الحياة على هذه الارض تحت إدارة المجتمعات نفسها بقياداتها الإجتماعية .
وأخيرا وهذا أخطر شرطٍ من الشروط برأيي وهو أن يتم إزالتها فوراً من الوجود متى ماثبت عدم جدواها للفرد خاصةً وللمجتمع عامةً .