جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:36 صـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

عبد الناصر محمد يكتب .. جماعة الدم ( ٥ )

عبدالناصر محمد
عبدالناصر محمد

أسرار إغتيال النقراشى باشا

رئيس الوزراء قرار حل جماعة الإخوان ليس السبب الوحيد النقراشى صاح فى وجه الإنجليز: " أخرجوا من بلدنا أيها القراصنة " السندى أقنع القاتل بأن رقبة النقراشى ثمن الدخول للجنة

البنا وصف عبدالمجيد بأنه أعلى المسلمين مكانة عند الله

النقراشى: " أنتظر رصاصة ولا أتنين فى صدرى " كان محمود فهمى النقراشى واحدا من قادة شباب ثورة ١٩١٩ وضلعا أساسيا فى العمل الثورى ضد الإحتلال الإنجليزى مع رفيق دربه وصديقه الحميم أحمد ماهر.

عقب الثورة وفى عهد حكومة وزارة الشعب كما أطلق عليها إختاره الزعيم سعد زغلول باشا وكيلا لمحافظة القاهرة ثم عينه وكيلا لوزارة الداخلية وأنضم النقراشى إلى جماعة سرية أسسها عبدالرحمن فهمى أحد أبرز قادة ثورة ١٩ وهو عم صديقه الوفى أحمد ماهر بهدف مقاومة الإحتلال الإنجليزى الغاشم وفى عام ١٩٢٤ قامت قوات الإحتلال بالقبض عليه برفقة توأمه الروحى أحمد ماهر عقب مقتل الجنرال الإنجليزى السير " لى ستاك " وقررت سلطات الإحتلال إعدامهما لولا تدخل الزعيم سعد زغلول باشا وقيادات شعبية أصرت على محاكمتهما علنيا وأستطاع المحامى الفذ فى ذلك الوقت مصطفى النحاس من الحصول على حكم البراءة لهما كما ذكرنا آنفا. وعقب إغتيال أحمد باشا ماهر تولى النقراشى رئاسة مجلس الوزراء عدة أيام ثم أصدر قرارا لإسماعيل باشا صدقى برئاسة الحكومة ثم عاد النقراشى رئيسا للوزراء فى ٩ ديسمبر عام ١٩٤٦ وأسند لنفسه وزارة الداخلية فى نفس الوقت وحرص منذ الوهلة الأولى لتولى الحكومة على مطالبة الإنجليز بالجلاء عن مصر خاصة وأن أحمد ماهر نفذ قرار دول الحلفاء وأعلن الحرب على دول المحور وأصبحت مصر عضوا فى الأمم المتحدة غير أن جنرالات الإحتلال " لحسوا" وعودهم كالعادة.

*مظاهرة تأييد فى بداية أغسطس ١٩٤٧ خرج عشرات الآلاف من المصريين فى مظاهرة تأييد للنقراشى قبل ذهابه إلى نيويورك ويحضر أول إجتماع للأمم المتحدة ليلقى كلمة مصر وفى الخامس من الشهر ذاته ذهب النقراشى وألقى كلمة مصر والتى استمرت لمدة ساعة وثلث الساعة عرض فيها قضية بلاده وطالب بريطانيا العظمى بتنفيذ وعودها بالجلاء عن مصر بدون شروط وتوحيد مصر والسودان وهو الأمر الذى دعا جنرالات الإنجليز يطلبون عقد اجتماع عاجل معه عقب عودته من الأمم المتحدة وخلال الإجتماع وأمام تعنت أباطرة الإستعمار صاح النقراشى فى وجوههم قائلا " أخرجوا من بلدنا أيها القراصنة" وظهرت بشدة مدى كراهية النقراشى للإنجليز والذين تذكروا ثأرهم القديم فى مقتل السير لى ستاك. إنجازات وخلال رئاسته لمجلس الوزراء إستطاع محمود فهمى النقراشى باشا أستطاع أن يحقق العديد من الإنجازات حيث أنشأ كلية الضباط البحرية بالاسكندرية وكهربة خزان أسوان وأسس البنك الصناعى المصرى وقام بتأميم شركة النور للكهرباء بالقاهرة وأسس قناطر إدفينا وأنشأ المدينة الجامعية لجامعة فؤاد الأول " جامعة القاهرة الآن " .

*رصد عمالة البنا وخلال العام الأسود فى تاريخ مصر وهو عام ١٩٤٨ وتحديدا فى ٢٢ مايو أى بعد أيام من إرسال الجيش المصرى إلى فلسطين لمحاولة إنقاذها من الوقوع فى أيدى الصهاينة رصد الصاغ شريف العبد ضابط الإتصال بقسم البوليس السياسى بمحافظة الإسماعيلية لقاءات سرية تمت بين حسن البنا وضابط المخابرات البريطانية الميجر " سمرز" وبعدها إشتعلت القاهرة والعديد من المحافظات وتم تكثيف الهجمات ضد يهود مصر لإجبارهم على الهجرة إلى الوطن الجديد " إسرائيل " كما ذكرنا سالفا.

*دراسة قرار حل الجماعة نتيجة طبيعية للإجرام الإخوانى بدأ النقراشى دراسة قرار حل جمعية الإخوان وحين تم إغتيال اللواء سليم باشا زكى حكمدار العاصمة فى ٤ ديسمبر من ذلك العام الأسود بات القرار وشيكا فجن جنون حسن البنا وعصابته وحاول مقابلة النقراشى لإثنائه عن القرار إلا أن النقراشى رفض المقابلة فإتجه البنا إلى إبراهيم عبدالهادى رئيس الديوان الملكى والذى أرسله إلى عبدالرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية ولكنه لم يخرج بنتيجة إيجابية فذهب إلى أحمد مرتضى المراغى بك مدير الأمن العام وهو إبن الشيخ مصطفى المراغى شيخ الأزهر الأسبق والذى كان مؤيدا لدعوة الإخوان وكان البنا قريبا منه ولذلك كان مرتضى المراغى ميالا للاخوان أو على الأقل كان خائفا منهم وذلك واضح تماما فى مذكراته التى سوف نتعرض لها بقوة فى الخلقة القادمة والمتعلقة بحريق القاهرة.

تحدث البنا بوداعته ونعومته المعتادة مطالبا المراغى بالتدخل لمنع إتخاذ قرار الحل .. وفجأة كما قال المراغى إنقلب الشيخ الوديع _ ويقصد البنا _ إلى نمرا هائجا وتحدث بعصبية قائلا أن النقراشى سوف يرتكب جريمة نكراء مهددا أن الأمر لن يمر مرار الكرام وأن الإخوان لن يقفوا مكتوفى الايدى أمام تلك الجريمة.

*نبوءة النقراشى بالفعل تحدث المراغى مع النقراشى وأبلغه بلقاء البنا وحذره من خطورة القرار ولكن النقراشى أدرك ما يقصده المراغى وقال " أنا عارف أن ديتها رصاصة ولا أتنين فى صدرى " وهو ما قاله النقراشى للكاتب مصطفى أمين ليلة صدور قرار حل الجماعة بأنه يعلم أنه مدرج من زمان على قوائم إغتيال الإخوان مشيرا إلى أن الإنجليز هم أكثر جهة تطلب إغتياله وأن الإخوان يسعون لتنفيذ رغبتهم.

*قرار الحل وفى ليلة الأربعاء الثامن من ديسمبر ٤٨ أصدر محمود فهمى النقراشى باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية وبصفته الحاكم العسكرى العام الأمر العسكرى التالى " حل جماعة الإخوان المسلمين بجميع شعبها فى مصر وإغلاق الأمكنة المخصصة لنشاطها وضبط سجلاتها وأوراقها لأن الجماعة أمعنت فى شرورها وأصبح وجودها خطرا يهدد الأمن العام وأنشئت مراكز رياضية للتدريب العسكرى مستترة وراء الرياضة وجمعت الأسلحة والقنابل والمفرقعات والمدافع وقامت بتخزينها ثم إستخدامها فى عمليات التفجير والتدمير المختلفة.

*فرقة الإعدام منذ اللحظة الأولى إجتمعت العناصر الإجرامية للتنظيم الخاص" صبيان عبدالرحمن السندى " لبحث كيفية الرد على النقراشى وقرروا إغتياله حال موافقة السندى والبنا ولذلك قام عبدالمجيد أحمد حسن مؤسس شعبة حدائق القبة بزيارة السندى بالسجن ووافق.