جريدة الديار
الثلاثاء 23 أبريل 2024 09:33 صـ 14 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نيفين عبيد تكتب: طلب منها أن تؤمن به

أيقنت أن الحياة لن تكتمل متعتها بغير المغامرات ، فقد كانت دائمة التجول و الاستمتاع بمظاهر الطبيعة ، كانت تجوب البلاد و المدن ، و تجد متعتها في الطبيعة و مع الأشجار ، غامرت بروحها في العديد من المرات ، لم تخشى الموت ، فالحياة لديها تطيب و تكتمل عندما تشبع روحها بلذاتها ، و لذة الحياة لديها ان تشبعها بما تشتهي منها ، في التأمل و الاستمتاع بكل ما فيها ، و لم تيأس إذ لم تكتمل متعتها فكانت داؤبة البحث حتى تجدها ، حتى قابلته في إحدى المرات و هي تجوب الوديان ، و استسلمت له عيناها ، فقد رأت فيه المغامر الجسور ، رأت عيناه تمتلأن بالفرح الذي ينقصها ، رأت قلبه يفتح لها ذراعيه و يدعوها ، حتى تستكمل بهجة حياتها ، تركت له البداية ، فلم تكن على عجلة في تلقي حبه ، فقد اكسبتها الطبيعة الصبر و زراعته داخلها ، أخذ يمسك يديها و يحتضنها ، شعرت بدفء الشمس بها ، اطمأن له قلبها ، فقد تسللت أشعة الشمس الدافئة إلى قلبها ، و أخذت تشعله ، همس لها بصوته الذي امتزج ما بين أشعة الشمس الدافئة عند تساقطها على الثلوج ، سألها عن رغبتها في معرفة سره ، سابقته و قد امتلأت عينيها برقا و تلألأت ، و أشارت إليه أنها متشوقة ، طلب منها أن تؤمن به ، ضحكت على استحياء يملأه الحب و الشغف ، فتوقف لبرهة من الوقت و نظر إلى عينيها ، فوجدهما تلمعان و يشع بريقهما بالموافقة ، همست بنغمة صوتها و الحب يفيض منه نعم سأكون أول من يؤمن بك ، فأرشدني قبل أن أكفر بك ، و يتسلل العصيان لقلبي ، قال لها إيماني بك أننا لن نفترقا و إن افترقنا سنعود سويا ، و يجمعنا الثرى تحت أشعة الشمس ، ابتسمت و الرقة والفرح يملأن قلبها ، و بدأ يجوبان سويا ، و يستمتعا بجمال الطبيعة ، تحت أشعة الشمس حينا ، و فوق الثلوج برهة و يدفئهما الحب الذي سكن و استعمر قلبهما ، كانت تستلذ المتعة بجواره ، و تزداد تشبثا بكل ما يزيد لقلبها بهجة ، و غامرت معه و سافرت ، و لكنه كان الحنين يشده دائما و يجذبه للبيت و العمل ، لم يرد أن يجبرها ، على البقاء و لكن ذكرها بمطلبه لها ، الإيمان به ، ابتسمت على استحياء منه و أرشدته بالتمهل ، حتى تؤهل نفسها على الحياة السكينة ، و ذكرته ببدايتهم في التعارف على التلال ، و طلبت وقتا لتؤهل نفسها ، لحياة البشر ، فهي الطائر الذي لا يسكن شجرة واحدة طيلة حياته ، فمتعتها لا تكتمل بالسكينة و الهدوء ، و أخذت تعود لحريتها طليقة ، كأشعة الشمس ، مغردة كالطيور ، رقيقة كنسمات الهواء ، صافية كموجات البحر ، انطلقت و لكنه كان يسكن قلبها ، و عادت إليه و الحنين يجذبها له ، فالشوق إليه كأنها ظمآنة الماء ، فعادت و الأشواق تجمعهما ، طالبها بالقرب ، و كان التردد يزيدها حيرة ، فعشقه يملأ قلبها ، و خشيتها من قيود الزوج ترهب حريتها ، و لكنه طمأنها و ذكرها بمطلبه ، أن تؤمن به ، و أن تمنحه الثقة ، فهو لن يقيد حريتها ، و عاهدها و اقسم بتلال الحب التي تعارفا عليها ، وثقت فيه ، و وهبته حبها ، و سكنت إليه ، و توج الحب بالزواج ، و صارت حياتهما جنة الخلد ، و وهب له نفسها لاسعادها كما تريد ، و لكن الحنين و الشوق دب و عاد إليها و حياة الحرية ، طلبت منه الترحال و وعدته بالعودة ، و لكنه طالبها بالتمهل ، فخرجت عنه ، و كان حنينها للحرية أجرأ منه ، أخذت الحرية تناديها كحورية البحر التي خرجت من مائه ، فاستسلمت لها ، و كانت جولاتها ترهقها هذه المرة ، و كأن هناك عائق يمنعها و يسرق متعتها ، تحاملت و كذبت ألمها ، و لكنه كان أشد منها ، و سقطت و خذلت حريتها ، ليكون ما يلقيه عليها طبيبها بفاجعة سبقت وقتها ، فهي تحمل في احشائها روحا حضورها تقييدا لحريتها ، رأت السماء تغيم أمامها ، و الشجر يشحب لونه ، فقدومه سيقيد تلك الحرية التي أرادتها ، حاولت الفرار منه ، و إخماد ثورته للسكون ، و لكنها فشلت و عادت إلى زوجها تسكن إليه ، و كأن حياتها انتهت ، أخذت تنظر إليه نظرة اتهام تذكره بسرقة سعادته ، أخذ الكره و البغض يتسلل قلبها ، يذكرها ان السعادة و الحرية وأدها ذلك الحب ، قررت إنهاء الحب بقتله ، خرجت العالم و رغبة القتل تملؤها ، أخذت تتجول الطرقات ، فقد ارهقها التعب و قيد حريتها ، حقنت نفسها بما يقتل روحا تسكنها ، و لكن قلبها لم يحتمل ، و كأنه أبى أن يقتلها ، فقد صار جزءا منها ، عادت للبيت تجر قدمها ، و لحظات الندم تحيرها ، فلم تستطع أن تفرق ما بين رغبتها في الحرية و رغبتها أن تحتضن ابنها ، حتى سكنها الجنون و جعل ثورتها تشتد ، لم يتركها أخذ يهدأ ثورتها ، حبه كان الدواء الذي ترغبه ، أخذ يداويها بحبه و يسكن ألمها ، حتى أراح قلبها و أعاد إليه سكينته ، و اقترب موعد قدوم وليدها للحياة ، و كأنه سعاد في ولادة حب جديد في قلبها ، رأت أن تكمل ذلك الحب الجديد بتصميم غرفة طفلها ، التي ملأتها بروح الحرية ، وجعلت منها وادي جديد ينعم بالسعادة و المرح ، و جاءها الوعد و ذهبت للمشفى ، و لكن الضيف أبى أن يحضر ، فمات عند خروجه للحياة ، و مات معه قلبها ، و رأت السحب تغيم أمامها ، و كرهت زوجها فقد رأته يحطم حصون الحرية التي امتلكتها ، و بدأت تقذفه بسيل من السب و الوعيد ، حتى غضب قلبه و شعر ان الداء يسكنه ، طلب منها الهدوء و التمهل فالحياة دائما ما تعطي و ان أخذت ستجلب حرية اكبر لهما ، و لكن ثورتها جرحته و اهانت كرامته ، فطلب منها الرحيل و نهاية طريقهما ، انفصلا و كان الألم يجرحه ، و أخذت طريقها تتسول لحظات العشق في ذاكرتها ، فقد أعادت إليها قصة حبهما ، أرادت أن تنسى ما بدأ ، أرشدها طريقها إلى الحانة لعل الدواء فيها ، و أخذت تحتسي السم لعله يمحي ذاكرتها ، حتى شاهدت فاجعة ينقلها تلفاز الحانة ، و انفجار المفاعل الذي عمل فيه عشيقها ، فكسرت الكأس في يدها و لم تشعر بزجاجها الذي اخترق يديها و سال منها الدم ، لم تشعر بنفسها و هي تسابق الرياح و تطير للمشفى حيث نقل زوجها ، اقتحمت غرفته و فيضان دموعها يسبقها ، علمت من طبيبه انه فقد الكلام و البصر ، اغشي قلبها و انفطر فهي السبب ، و الويل لها فقد سلبته الحياة ، لو لم تهجره ما ذهب للعمل ، و

كان نجا ، تركت المشفى و غادرت ، و أخذت تجوب البلاد لعل المغامرة تنسيها او تسلبها روحها ، حتى سقطت بسيارتها في إحدى الوديان المهملة ، التي ضاعت و نسيت ، لتجد نفسها وحيدة وسط الذئاب و وحوش الغابات ، كانت كلما رأت الذئاب تقترب تحتضن نفسها لانتظار الموت يأتيها ، و لكن دائما ما كان هناك شيئا يمنعه ، حتى رأت ذلك الوجه المضيء ، فقد كان حبيبها يسكن ذلك الوادي فقد أرشده إليه طبيبه للعلاج ، حيث نقاء الطبيعة ، و لكن الوباء الذي سكن جسده من جراء المفاعل جعل منه وحشا يجوب الغابات ، اقترب منها و ضمها إلى صدره ، خشيت عليه العالم و خافت ان تكرهه ، فقتله و قتلت نفسها ، فقد أيقنت و وثقت في مطابخ ان تؤمن به ، فحان للثرى ان يوفي و يجمع جسدهما .

،،،،،،، للحديث بقية لم تنتهي بعد ،،،،،،،