جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 03:07 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نيفين عبيد تكتب: استعبدها جسدا و عقلا و قلبا.... الحلقة ( 5 )

بعدما ذبحت الأم على مذابح الهيكل ، و مثل بها لتكون قربانا لشيطانهما ، فقد كانت تهمتها أنها رفضت الرزيلة للمرة الثانية ، فكيف تسمح بها بعد أن أحضرتها الدنيا ، الشيطان هو ابن باكورة حبها ، ذلك الذي ضحت لأجله بكرامتها ، و دفعت حياتها جارية في القصر بعد أن كانت أميرته قربانا لقربه ، فقد رأت معاشرة ابنها لابنته و اخته ، التي جاءت الدنيا لتصبح رسالة وأدها ، و ذبحت على الهيكل و مثل بها و غسلت دمائها أجسادهم ، لتنذر بهبوط الشيطان و سكنه جسد ابنها ، و أصبحت الظلال تغيم على القصر و تنطلق لباقي الحي الذي أصابته الفجيعة ، و اكتست الأسوار بألوان الشؤم من أشواك الموت الطافية ، و صارت النافورة المتوسطة القصر قبرا و انشق عن القمر ، و صارت الغربان جنودا للشيطان يمتلكها ، و بدأت احتفالات نذور الشيطان ترتفع أصواتها ، و كأنه الجحيم قد هبط على الحي فيا ويله ، و فتح القصر أبواب جحيمه ، و كانت رائحة الرزيلة و الخديعة تنثر ألوانها في الهواء ، و خرجت الغربان في اصطفاف على أغصان الحي كجواسيس تنقل أخبارهم ، و علت أصوات الناقوس المآذن حتى اسكتتها الغربان ، و بدأت الحيات و الفئران تتسلل المنازل و تعشش داخلها ، و قطعت عن الحي الاتصالات بالعالم الخارجي ، و كأنهم استعمروا و هم في غشية من أمرهم ، و بدأ الجميع يتساءل عن ذلك المستعمر ، حتى جيء إليهم بدعوى للتحاور في أمور حياتهم ، و خصت الدعوى فى بادئ أمرها الشباب ، ليكون الصدى أقوى و أنفذ بصيرة ، و لكن التردد كان مصير الدعوى و رفضها ، فقد كانت مبهمة بعد تخفي القصر لسنوات وسط الغمام عن حيهم ، و لكن رفضهم أدى لثورة غضب الشيطان الذي أرهب الشمس و طاردها الغمام ليرهب الحي قبلها ، و تردد الشباب في قبول دعوته ، فكان منهم رسلا من أقوى العقول و التحاور بينهم ، و بعثوا للقصر الذي خيم عليه الغمام ، و التحفت أسواره بأزهار شائكة ، سكنتها الحيات ، و علت أسواره الغربان ، و كانت الأشجار تحمل فروعا ميتة مدببة بأشواك كالخناجر المسمومة بالموت ، و علت الأغصان أعشاش الغربان و أطفالها ، و رأوا وسط الحديقة تلك النافورة المنشقة و كأن القمر قاتلها ، و كانت الأرض تكتسي بحشائش شائكة متحركة كثعابين المياه ، و عند دخولهم القصر صعد تلك الدرجات التي أخذت ألوانها تدكن بالدماء و كأن اليوم كان عبد الأضحية ، و دخل القصر و الجدران تعوي عواء الذئاب لخلوها روح ساكنيها ، و تشققت الأسقف لتظهر لوحة منقوشة بأصابع مدببة ، لتظهر لوحة الآلهة و هبوطها الأرض و حرب تشتعل بينها ، و كانت الأرضية منزلقة و كأنها تتوعد لهم ، و جلس على مقاعدهم في انتظار حضور حضور صاحب الدعوى أن ينزل من غرفته التي علت القصر ، هبط إليهم و كان يصحب في يديه سيدة ، بدأت الكلمات تتسرب في عقولهم ، و لكن ألسنتهم امتنعت عن النطق بها ، ليست تلك السيدة هي الملاك أمه ، و لكن أين ذهب الملاك من قصرها ، و لكنه أخذ يسلب الأفكار من عقولهم عندما تسللت و استعمرت نظراته الغاضبة الماكرة عيونهم و قلوبهم ، و كأن الخوف والغضب سكن قلوبهم ، و بدأهم الحديث و استطرد النظر إلى السيدة بجوره ، و كان عليه أن يشير إليها ، فهي بداية حكمه ، و منها تنبع قوته ، و كانت كلماته أنها ابنته و صارت اخته بحكم خروجها من أحشاء أمه التي خذلها بأغتصاب كرامتها ، و صارت اليوم عشيقته التي ألقت بأمهما إلى حتفها على مذابح الهيكل ، عندما أنهى حديثه الذي لم يأخذ منه الكثير من الوقت ، و امتلأ بشجاعة أثقلت كاهلهم بالخوف و الغضب الذي احتبس داخلهم و خشى أن ينطلق ، و فهم الجميع مقصده فهو يدعو لدين جديد و لن يرجعه عنه أحد ، فهو يمتلك القوة و الغضب ، و قد أطلق جنوده و استعمرت الحي بأكمله ، و رائحة الموت نثرت مع الرياح الهادئة في أرجاء حييهم ، و سكن الخوف قلوب بعضهم فصاروا أتباع له خشية غضبه ، و لكن أفكاره كانت أقوى من إيمانهم فقط سيطرت و امتلكت عقولهم حتى أصبحوا عبيدا له ، و أخذوا يجتمعون في قصره و يستمعون له و كانت دعوته ثورة جديدة ، أخذت طريقها لقلوب بعضهم ، فصاروا يؤمنوا به ، و تسرب الخزي والعار إلى منازل الحي ، فأتخذ بعضهم من شقيقاتهم عشيقات يسكنون إليهم رغباتهم المخزية ، و كانت أفكاره تطارد الكبير منهم قبل الصغير ، فهناك المتعة التي غابت عنهم صارت بين أيديهم مباحة تطاردهم ، فأقبلوا عليها يمتلكونها ، و صارت الأخت عشيقة أخيه ، و كن معشوقات أيضا للآباء ، و اتخذ الأبناء من أمهاتهم مدارس لتعلم حرام الحب و الغرام ، و تلذذ الشيطان بما آلت إليه قريتهم ، و قد كانت البداية لانطلاق دعوته ، و غاب الدين عنهم ، و أصبح تواجده منفرا ، و اشتعلت الحرب و أخذت تمتد إلى كتاب الرب ، فلم ينجو من مهالك دعوة الشيطان ، فقد كان مقصده من البداية التي أرادها فأتخذ إليه طريقا من ألوان الخسة و العهر ليقتله ، و كانت نافورته مقبرة لكل من تصدى لدعوته ، و أخذ الحي يتلون بدماء منفري الدعوى ، و كانت أجسادهم تقدم قرابين على مذابح الهيكل ، و يغتسل التابعين بدمائهم ، و أحرق كتاب الرب وسط احتفالا و نذورا الشيطان ، الذي تربع على عرش الحي و صار ملكا يتبعوا شعائره ، و كأن الأرض خرجت عن ثوبها و انكشفت حقيقتها البائسة ، و رفع عنها الستار ليظهر بشاعة حقيقتها .
،،،،،،،،، للحديث بقية لم تنتهي بعد ،،،،،،،،،،،