جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 02:02 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد خليفة يكتب: ”الدود يأكل ” يأجوج ومأجوج” فى جبل الطور! .... الحلقة الأخيرة

أسئلة كثيرة تدور فى عقولنا حول مصير" يأجوج ومأجوج" بعد ظهورهم فى آخر الزمان، فظاهر النُّصوص القرآنية تؤكد أنَّهم كلّهم كفَّار ، ومن ثمَّ مصيرهم إلى النار؛ قال تعالى: "قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ" الكهف- 94.
وروى البخارى، ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ".
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَأَيُّنَا ذَلِكَ الوَاحِدُ؟
قَالَ: "أَبْشِرُوا؛ فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا " رواه البخارى برقم -3348، ومسلم – 222وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أن يأجوج ومأجوج من بني آدم ، وأنهم يدخلون النار" .
ومما يدل على كفرهم وطغيانهم " إفسادهم في الأرض ، ومحاصرتهم لنبى الله عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين ، واعتقادهم بغلبة وقهر من في السماء" روايه الإمام مسلم" مما يدل على أنّه بلغتهم رسالة من الله ، لكنهم كفروا برسالة ربهم إليهم وعتوا عليه .
ومن خلال بحثى في مثل تلك التفاصيل وجدت أنّه لا يجوز الإنشغال بمثل هذه الإمور، ما دام قد تأصل عند المسلمين أن الله تعالى لا يٌعذب أحداً إلا بعد وصول البلاغ المبين إليه ، وقيام حجة الرسالة التى ارسلت اليهم ولم يؤمنوا بها ، وأن يأجوج ومأجوج موجودون حقيقة ، وأنّهم خارجون في آخر الزمان ، وأنهم كفار بربهم ، وسيحاربون المؤمنين ، ومثل هذه الجملة كافية فى حقهم . إذا جاء أمر الله واقتربت السّاعة خرج يأجوج ومأجوج من محبسهم وبدأوا الإفساد في الأرض، ويكون ظهورهم ترتيباً بعد ظهور المسيح الدجّال، وبعد نزول نبى الله عيسى بن مريم -عليه السّلام- ثم يظهروا في تلك الأثناء ؛ فيوحى الله -عزّ وجل- إلى عيسى -عليه السّلام- أنّهم قد انتشروا في الأرض وبدأوا يُفسدون فيها، وأنّه لا قُدرة لأحدٍ على قتالهم ومواجهتهم، فيذهب المسيح عيسى "عليه السّلام" ومن معه من المُؤمنين بأمر الله وحمايته، ويحتمون في جبل الطّور، فيقتل يأجوج ومأجوج كلّ من يلقونه ويبقى الصّالحون مع عيسى عليه السّلام مُحتَمين في جبل الطّور ومُلتفّين حوله، فيقوم قوم يأجوج ومأجوج ببناء صرح عظيم يصعدون عليه ويرمون سهاماً في السّماء، فتغيب السّهام وتعود مملوءةً بالدماء، فيقولون "قهرنا أهل الأرض وغلبنا أهل السّماء"، وهذا من شدّة فسادهم وكفرهم، فيرسل الله عليهم دوداً يخرج من خلف رؤوسهم فيقتلهم، وذلك بدعاء المؤمنين مع عيسى عليه السّلام، وتتناثر جثثهم في شتّى بقاع الأرض، بعد ذلك يُرسل الله عز وجلّ مطراً غزيراً إلى الأرض لتطهيرها من أجساد يأجوج ومأجوج بعد هلاكهم، فتُغسل الأرض منهم وتزول آثارهم بأمر الله سبحانه، ثم يأمر الله عزّ وجلّ الأرض بعد ذلك بأن تُرجِع بركاتها إليها فتُرجِعها. ومن هنا نجد أنّ الأحاديث النبوية رسمت ملامح أكثر وضوحاً عن عالم "يأجوج" و"مأجوج" وكشفت عن كثير من نواحى الغموض فيهم، فبينت أن لديهم نظاماً وقائداً يحتكمون لرأيه، وأن السد الذي حصرهم به ذو القرنين ما زال قائماً، وأنه يمنعهم من تحقيق مطامعهم في غزو الأرض وإفسادها، وقد دلت الأحاديث على أن الزمان الذى يخرجون فيه يملكون أسباب القوة ويتفوقون فيها على سائر الناس، وذلك إما لكونهم متقدمين عسكرياً ووصلوا إلى تقنيات تمكنهم من إبادة غيرهم والسيطرة على بلادهم، وإمّا لأنّ زمن خروجهم يكون بعد زوال هذه الحضارة المادية، ورجوع الناس إلى القتال بالوسائل البدائية والتقليدية... أما ترتيب خروجهم ضمن علامات الساعة الكبرى فقد دلت الأحاديث النبوية على أن الدجال عندما يخرج، ينزل المسيح عليه السلام بعده، ثم يخرج يأجوج ومأجوج، فيأمر الله عيسى عليه السلام ألاّ يقاتلهم، بل يتوجه بمن معه من المؤمنين إلى جبل الطور، فيتحصنون هناك، ويبلغ بهم الجوع مبلغا عظيماً، فيدعون الله حينئذ أن يدفع عنهم شريأجوج ومأجوج فيرسل الله عليهم الدود في رقابهم فيصبحون قتلى ، وتمتلئ الأرض بجثثهم لدرجة خروج رائحة نتنة تملأ المكان، فيرسل الله إليهم طيراً كأعناق الإبل فتحملهم وتطرحهم حيث شاء الله، بعدها يعود الأمن والأمان مرة أخرى للناس وتٌخرِج الأرض بركتها وثمرتها، ويحج المسلمون إلى البيت بعد هلاكهم، كما في الحديث : " ليحجنّ البيت وليعتمرنّ بعد خروج يأجوج ومأجوج " رواه البخاري . وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر ويؤذن للأرض في النبات فلو بذرت حبك على الصفا لنبت.. ولا تشاح" أى مشاحنات" ولا تحاسد ولا تباغض حتى يمر الرجل على الأسد ولا يضره، ويطأ على الحية فلا تضره، ولا تشاح ولا تحاسد ولا تباغض. رواه الديلمي، وأبو نعيم في الحلية. وانظر حديث رقم : 3919 في صحيح الجامع وصححه الشيخ الألبانى في السلسلة الصحيحة. يظل المؤمنون ينعمون بهذا العيش الطيب والحياة الطيبة، إلى إن يأتى الأجل المعلوم فيبعث الله ريحًا طيبة لا تؤذيهم وتأخذهم تحت آباطهم، وتقبض روحهم، ولا يبقى على الأرض إلاَّ شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحُمُر، وعلى هؤلاء تقوم الساعة." يتهارجون أى وقعوا في فتنة وتقاتل واختلاط .
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس". رواه مسلم ...
كانت تلك معلومات مختصرة عن عالم " يأجوج ومأجوج" عرفنا من خلالها مبلغ الخوف الذى يصيب الناس بسبب خروج هذا الجيش الجرار، ويمتنعون معه من أداء الحج والعمرة، حتى يرفع الله هذه الغمة، ويهلك يأجوج ومأجوج، ويعيش المسلمون بعد هلاكهم في رخاء ونعمة وأمن، ويرسل الله ريحاً تأخذ نفوس المؤمنين، ويبقى في الأرض شرارها، وعليهم تقوم الساعة، وهنا تبقى كلمة:
إذا كانت نهاية كل شيء لا تبقى فيها إلا كلمة واحدة، فإن فى نهاية الزمان وفناء الحياة على وجه الأرض لا تسمع إلا كلمة واحدة جل قائلها وعز ناطقها، إنها كلمة الله العليا: لمن الملك اليوم؟
المراجع:
1- البداية والنهاية –لأبن كثير ج 4
2- المسالك والممالك - أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله ابن خرداذبة "820- 912م" ج1- ص162
3- تفسير القرطبى- تفسير سورة الكهف
4- مسالك الأبصار فى ممالك الأمصار ج2
5- كتاب يأجوج ومأجوج فتنة الماضي والحاضر والمستقبل للدكتور الشفيع الماحى احمد –جامعة الملك سعود – الرياض 6- فك اسرار ذى القرنين ويأجوج ومأجوج- حمدي بن جمزة الجهنى Mohammedahmedkhalifa58@gmail